ماتزال معاناة مرضى السرطان بولاية ايليزي متواصلة منذ عدة سنوات، في صمت مخيف، فهم يعيشون بين مطرقة المرض الفتاك، وسندان غياب العلاج بالولاية، ليواصلوا صرختهم التي يبدو أنها لم تجد آذانا صاغية بعد. وتستمر هذه الوضعية، لا لشيء سوى أنهم غير قادرين على الاحتجاج، أو التنقل من أجل مقابلة المسؤولين ليوصلوا معاناتهم، في ظل غياب جمعيات حقيقة تدافع عنهم، فهم يتكبدون عناء التنقل لمسافات تصل تفوق الألفي كيلومتر، من اجل إجراء أبسط الفحوصات، أو من أجل متابعة العلاج الكيميائي، بحيث يكلف ذلك مصاريف مالية كبيرة، أثقلت كاهل أسر وعائلات المرضى، من تكاليف التنقل، إلى العاصمة أو ورقلة أو الوادي أو غرداية، وهي الولايات التي يعالج فيها معظم مرضى السرطان من ولاية ايليزي، بالإضافة إلى تكاليف الكراء، ماعدا بعض الحالات التي يتكفل فيها بعض المحسنين بإسكانهم في بيوت مخصصة لعابري السبيل، أو لمثل هذه الحالات. هي حالات أكدها شاهد عيان للشروق، وهو شقيق فتاة مصابة بالسرطان، والذي تنقل إلى مكتب الشروق اليومي، من أجل نقل معاناة هذه الشريحة التي تعاني في صمت، بحيث أن أقرب مركز علاج كيميائي للسرطان، يبعد بأكثر من ألف كيلومتر عن مقر الولاية، وهو بالمؤسسة العمومية الاستشفائية محمد بوضياف بولاية ورقلة، وأكد المتحدث بأن هناك حالات يعرفها هو شخصيا، لمصابين اضطروا إلى الكف عن مواصلة العلاج الكيميائي، وذلك بسبب التكاليف المرتفعة للتنقل والإيواء، من بينها حالة فتاة فقيرة مصابة بالسرطان، اضطر والدها إلى توقيف علاجها الكيميائي، والاستسلام للمرض، بسبب عدم مقدرته على تغطية التكاليف، بالإضافة إلى عدة حالات أخرى، ستضطر إلى ذلك في القريب العاجل، في حال استمرار هذه الوضعية، لتستمر بذلك معاناة المرضى وعائلاتهم على حد سواء.
هذا هو رد المجلس الطبي وفي تصريح للشروق ، أكد الدكتور بن مومن أخصائي الأمراض العقلية، رئيس المجلس الطبي بالمؤسسة العمومية الاستشفائية ترقي وانتيميضي بإيليزي، بأنه لا يستطيع أن يوصي بفتح وحدة مكافحة السرطان، بما أنها موجودة في مقرر إنشاء المؤسسة، المؤرخ في 06 نوفمبر 2007، الموقع من طرف وزير الصحة أنذاك عمار تو، والذي تحصلت الشروق على نسخة منه، وأضاف بأنه يعي جيدا المعاناة التي يعيشها مرضى السرطان بالولاية، وأن المجلس الطبي لا يستطيع فعل شيء حيال الأمر، سوى توفير الطاقم الطبي وشبه الطبي الخاص بالوحدة في حال افتتاحها، وحسب تقرير المجلس الطبي الأخير، فإن أعضاء المجلس، يعترفون بالمعاناة التي يعشها المرضى وعائلاتهم، ومن واجبهم المهني التكفل بهم معنويا ومن حيث العلاج، ولكن رغبتهم تصطدم بحقيقة أن ميزانية المستشفى غير قادرة على انجاز وحدة مكافحة السرطان بايليزي. مدير المؤسسة العمومية الاستشفائية ترقي وانتيميضي، وفي تصريح للشروق اليومي أكد بأن الإدارة عازمة على المضي قدما من أجل فتح هذه الوحدة، ولكن الميزانية لا تكفي لذلك، بحيث أنهم بصدد إتمام الإجراءات، إذ قامت الإدارة بجلب طبيبة مختصة في المجال صاحبة خبرة كبيرة، وذلك من المستشفى الجامعي بني مسوس، بحيث قامت بدراسة ميدانية قدمت فيها تقريرا مفصلا توضح فيه الشروط و الإمكانيات المادية والبشرية اللازم توفيرها، لكي يتسنى للمستشفى إنشاء هذه الوحدة، ومن بينها قاعة علاج وفحص خاصة ومخبر وصيدلية تخضع للشروط، والتي لا تتوفر حاليا في المستشفى بسبب الضيق الذي يعرفه، والذي أصبح لا يستجيب حتى لمتطلبات مرضى الولاية من حيث عدد الأسرة (60 سريرا لم تعد كافية)، فيما أكد المدير بأنه سيرفع التقرير إلى الوزارة الوصية من أجل النظر في رفع الميزانية. يذكر بأن أكبر عدد من مرضى السرطان هم من فئة النساء المصابات بسرطان الثدي، الشيء الذي يستدعي دق ناقوس الخطر الذي بات يهدد المجتمع المحلي.