أحصت جمعية الجزائر استشارات للتصدير عجزا في الميزان التجاري منذ بداية الأزمة الاقتصادية شهر جويلية 2014، عادل في إجمالي 3 سنوات 36 مليار دولار، وهي المعطيات السلبية التي أرجعتها إلى صرف مبالغ طائلة طيلة هذه الفترة، لاستيراد كماليات كالموز والمايونيز والشكولاطة والعلك والكيتشاب، داعية الحكومة إلى انتهاج صرامة مالية أكبر خلال المرحلة المقبلة، والعودة إلى "احتكار التجارة الخارجية" لو تطلب الأمر ذلك. ويرى خبير التجارة الخارجية، ورئيس جمعية الجزائر استشارات للتصدير، اسماعيل لالماس، أن إجراءات ترشيد النفقات التي تبنتها الحكومة منذ بداية السنة، لا تزال عاجزة عن التحكم في الأرقام السلبية، لاسيما فيما يتعلق بالعجز في الميزان التجاري، الذي لامس السنة الماضية 18 مليار دولار، ويرتقب أن يبلغ 15 مليار دولار السنة الجارية، حسب توقعات وزارة الخارجية، حيث قدرت فاتورة الواردات خلال الثلاثي الأول للسنة الجارية 11.6 مليار دولار، وينتظر أن تستكمل الخزينة السنة بواردات تعادل 46 مليار دولار، مقابل صادرات ب 30 مليار دولار، في ظل استمرار أزمة النفط، وانهيار سعر البرميل إلى أقل من 50 دولارا. ويضيف لالماس في تصريح ل"الشروق" أن الحل للمرحلة المقبلة، يكمن في تجاوز ما يصطلح على تسميته ب"ترشيد النفقات"، والإعلان رسميا عن التقشف من خلال إلغاء كافة الكماليات التي تجاوزت الخط الأحمر وفجرت الميزان التجاري كالموز و"الكيتشاب" و"المايونيز" والعلك والشوكولاطة، والعودة لاحتكار التجارة الخارجية، مثلما كان عليه الوضع قبيل تحرير الاقتصاد، بحكم أن الظرف الراهن يفرض ذلك. وعاد المتحدث 3 سنوات إلى الوراء، محصيا عجزا في الميزان التجاري عادل 15 مليار دولار سنة 2015 و18 مليار دولار السنة الماضية، وما يعادل 2.7 مليار دولار خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية بإجمالي يقارب 36 مليار دولار عجزا في 3 سنوات، ناهيك عن العجز المسجل في الخزينة، وذهب لالماس أبعد من ذلك، قائلا أنه لو لم يتم صرف مبالغ طائلة على هذه الكماليات، لما عرف الميزان التجاري عجزا ومؤشرات سلبية. هذا ناهيك عن أنه لحد الساعة لم يتم استيراد السيارات أو الحديد وبقية المواد المتضمنة في قائمة رخص الاستيراد برسم السنة الجارية، حيث لم توزع هذه الرخص لحد الساعة، حسب لالماس، مضيفا "الإجراءات المتخذة مؤخرا للتضييق على الاستيراد لن تقتصد مبالغ كبرى، فاحتكار رخص الموز لدى 5 أو 6 متعاملين لن يقتصد إلا 300 ألف دولار في أحسن حالاته خلال السنة الجارية". من جهته الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، أكد أن الوضع الاقتصادي اليوم في ظل انخفاض عائدات النفط، يتطلب مزيدا من الترشيد وضبط النفقات، وإجراءات أكثر شدة بداية من سنة 2018 للحفاظ على التوازنات المالية للبلاد، من خلال استرجاع أموال السوق الموازية والاعتماد بالدرجة الأولى على القطاع الخاص القادر على خلق الثروة، وخلق وكالة للخوصصة والاستعانة بهيئة خبراء لدى المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة والحكومة، أي استعانة النواب الجدد بهيئة مستشارين اقتصاديين، منضوين تحت سلطة البرلمان للتمكن من التشريع، وسط معطيات اقتصادية واضحة وأرقام ملمة بوضع الخزينة، في ظل تفاقم الصدمة النفطية واستمرارها.