شد تصريح الوزير الأول عبد المجيد تبون، بشأن محاربته للعلاقة المشبوهة بين المال والسياسية انتباه النواب، الذين وصفوه بالخطاب "القوي والشجاع"، بعد أن تحولت ظاهرة تغول رجال المال إلى آفة تهدد انسجام المجتمع الجزائري، في حين لفت بعض برلمانيي المعارضة أنظار الحكومة إلى "حزب الورقة البيضاء" الذي فرض نفسه كأكبر تشكيلة سياسية مصوتة في الانتخابات، بتجاوزها مليوني ورقة من أصل 8.5 مليون فقط صوتوا في هذا الموعد. وقد انطلقت الأربعاء، أولى جلسات مناقشة مخطط عمل الحكومة، مباشرة بعد عرض عبد المجيد تبون لمخطط عمله، والذي تمسك بمحافظة الدولة على طابعها الاجتماعي، عدم الوقوع في فخ الاستدانة الخارجية، كأهم محورين، بالإضافة إلى حلول تراها الحكومة مناسبة -من منظورها- لمواجهة الأزمة. ولعل أهم ما شد انتباه النواب في مداخلة الوزير الأول، تصريحه عن المال والسياسة، عندما قال إن حكومته ستعمل ما في وسعها لمحاربة العلاقة المشبوهة بين المال والسياسة، مشيرا "يحق لك كمواطن ممارسة السياسة والأعمال أو الاثنين مع، لكن ليس في نفس الوقت". وبهذا الخصوص وصف النائب عن حزب العمال رمضان تعزيبت، خطاب تبون، ب"القوي" والشجاع، لافتا إلى أن هذا الأمر أكبر خطر يتهدد الدولة الجزائرية. ومن الإيجابيات التي سجلها حزب العمال، تمسّك الحكومة بالحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، وعدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، لكن ذلك لم يمنع النائب تعزيبت من التحذير من سيناريو إفلاس الخزينة العمومية، وضرورة تصويب السياسات السابقة والتراجع عن مجمل القوانين التقهقرية التي اعتمدتها الحكومات السابقة، داعيا الدولة إلى التحرّك لاسترجاع الضرائب غير المحصّلة، محاربة لوبيات التجارة الخارجية التي تضخّم الفواتير وتهرّب العملة الصعبة، وفسخ عقد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، مؤكّدا أنّ حزبه سيقف إلى جانب تبون إذا ما قرّر ذلك. ودعا تعزيبت إلى التبصر في رسالة أصحاب الأوراق الملغاة خلال التشريعيات والتي تعبر عن غضبهم من سياسات الحكومة السابقة. وانطلق سليمان شنين، النائب عن الإتحاد من أجل العدالة – النهضة والبناء، من نفس النقطة، عندما دعا الحكومة إلى "فهم رسالة الملايين من المقاطعين للانتخابات أو حتى رسالة الحزب الأكبر في البلاد ألا وهو حزب الورقة الملغاة الذي عبر على أنه جمهوري وديمقراطي، إلا أنه يرفض كل ما هو مقترح وموجود ويطالب في أن تتغير السياسات المتبعة"، مشيرا إلى "أن إفرازات الانتخابات الأخيرة ناقوس خطر آخر يجب أن يعمل جميع المخلصين على المسارعة في فهم رسائله، ومعالجة ما يمكن علاجه قبل فوات الأوان..". وقال البرلماني، إن محاربة الفساد تقتضي بلورة عقد وطني يعيد أصحاب المال إلى مربعهم وينهي مرحلة التداخل، بل الهيمنة التي كانت في الفترة السابقة، حيث أصبح بعضهم يتمتع بحصانة وصلاحيات تسببت في أزمات دبلوماسية، كما أدخلت ممارساتهم الرعب في الإدارة والإطارات نتيجة نفوذهم اللامتناهي، مرافعا لإعادة صياغة قانون تجريم الاستعمار وترسيم مطلب الاعتراف بجرائم الاستعمار كجرائم حرب ضد الإنسانية. من جهته، اعتبر النائب عن تحالف حمس، أحمد شريفي، أن مخطط حكومة تبون، استمرار لمخططات سابقة، لكنه جاء في ظروف خاصة، تتطلب إعطاء الأولوية لإدارة متحكمة في الموارد المتبقية. في حين أوضح النائب عن الأرسيدي واعمر سعودي، أن المخطط الجديد ركز على الهوية رغم أننا لا نعيش أزمة هوية تهدد وحدة التراب الوطني بقدر ما تهدده السياسات المتبعة من السلطة، مشددا على ضرورة احترام الحقوق والحريات الفردية. هذا وانتقد نواب الجالية، على غرار أميرة سليم عن الأرندي ونور الدين بلمداح، عن التحالف الوطني الجمهوري، تجاهل الحكومة لمشاكل المغتربين رغم الدعوات المتكررة.