تشهد ولايات الجنوب هذه الأيام حرارة استثنائية، حولت النهار إلى ليل والليل إلى نهار، حيث حذرت مصالح الأرصاد الجوية من تجاوز درجات الحرارة 48 درجة، غير أن السكان أكدوا ل "الشروق" أن الحرارة قاربت أمس ستين درجة، ما أدى إلى توقف عجلة الحياة باختباء الناس في بيوتهم، فتحولت الولايات الجنوبية إلى مدن أشباح، يكابد فيها السكان ويلات حرارة تلفح الوجوه وتذيب الحديد، مقابل غياب الإمكانيات، ما تسبب في كوارث صحية أفضت إلى الإجهاض والوفاة.. وفيات وسط المسنين.. إجهاض حوامل ودفن الموتى في الليل.. توقف تام للتجارة والنقل والعمل في النهار، إدارات تغلق أبوابها ومؤسسات تسرح عمالها ومساجد تؤخر صلاة الظهر إلى الرابعة مساء، مواطنون يبيعون ممتلكاتهم لشراء مكيفات الهواء وانقطاع التيار الكهربائي يدفع المرضى إلى الاستنجاد بالمستشفيات، لا نافورات ولا مرشات ولا مسابح تطفئ لهيب الحر، السكان ينامون في النهار ويخرجون من بيوتهم بعد المغرب.. هي مشاهد مألوفة لسكان الجنوب في الصيف، غير أن الارتفاع الاستثنائي لدرجات الحرارة هذه الأيام أوقف عجلة الحياة في الكثير من المدن الجنوبية على غرار مدينة عين صالح التي تضم 40 ألف نسمة حيث أكد سكانها ل" الشروق" أن مدينتهم تحولت إلى مدينة البؤساء، فالمستشفيات هي المؤسسات الوحيدة التي تفتح أبوابها في النهار لاستقبال المصابين جراء ارتفاع درجات الحرارة، حيث أكد مراسل "الشروق" في عين صالح بن عيش الشيخ أن الحركة تتوقف تماما في المدينة عند التاسعة صباحا، حيث تجمد حركة النقل والتجارة بالكامل وتلجأ الإدارات إلى غلق أبوابها، "فالخروج من البيت نهارا قد يعرض المواطنين لضربات الشمس التي تحولت إلى كابوس ومشكل صحة عمومية في ولايات الجنوب، حيث تتسبب يوميا في إصابات بالجملة وتتسبب في مضاعفات صحية خطيرة وصلت إلى إجهاض الحوامل وهلاك المسنين.." وأضاف مراسلنا أن الكثير من المواطنين باعوا أثمن ما يملكون لشراء مكيفات الهواء التي يتم تشغيلها 24/24 ساعة ما يتسبب في ارتفاع التكاليف التي تفوق في أغلب الأحيان أجور الموظفين، خاصة أن عائلات الجنوب تتميز بكثرة عددها، حيث تتراوح ما بين 8 و10 أفراد.. وهذا ما يتطلب أكثر من مكيف في البيت الواحد. وعند انقطاع التيار الكهربائي يكابد السكان الويلات، حيث تتحول المنازل حسب مراسلنا إلى أفران ما يصيب الأطفال والمسنين والحوامل والمرضى بمضاعفات صحية خطيرة تصل إلى الوفاة، وفي القرى النائية حدث ولا حرج فالصيف هو مرادف لجهنم ما يدفع بالسكان إلى النزوح إلى الولايات الشمالية.