تسببت شكوى من مجموعة من المحامين التونسيين عام 2015 في تحويل مفتي الجمهورية التونسية، عثمان بطيخ، إلى القضاء بتهم تتعلق بالفساد المالي. وأكد المحامي التونسي سيف الدين مخلوف ل"هاف بوست عربي" أنه تقدم بشكوى عام 2015 رفقة مجموعة من المحامين لوكيل الجمهورية بحق مفتي تونس الحالي، تتعلق بشبهات فساد مالي وإداري في تنظيم فريضة الحج إبان تولي المفتي حقيبة وزارة الشؤون الدينية في تلك الفترة. وتقرر على إثرها إحالة بطيخ إلى أنظار القطب القضائي المالي بعد "التأكد من وجود شبهة فساد"، ومن المقرر أن يمثل أمام القطب القضائي المالي ومكافحة الفساد بعد عطلة عيد الأضحى كمتهم، وفقاً لقول المحامي. وحول تفاصيل القضية، صرح مخلوف أنه كان قد حصل على وثائق تدين مفتي الجمهورية وتؤكد ارتكابه لجرائم فساد مالي وإداري من خلال قائمة وقع عليها شخصياً بصفته وزيراً للشؤون الدينية أنذاك، وتتعلق بمرافقي الحجيج التونسيين للبقاع المقدسة والذين لم تتوفر فيهم الشروط القانونية. وتابع "من بين الوثائق قائمة ممضاة من الوزير تتضمن أسماء مرافقين لا تتوفر فيهم الشروط اللازمة ولا الكفاءة، ومن بينهم امرأة تجاوزت سن ال 76 سنة، والتي وضعها الوزير كمرشدة لمرافقة الحجيج، بينما السن القانوني الأقصى هو 60 سنة". مخلوف اعتبر أن ما قام به مفتي الجمهورية يعد "فساداً مالياً لا لبس فيه"، وإهداراً لأموال الدولة حيث يتكلف المرافق الواحد لوفد الحجيج التونسيين والذين يسافرون على نفقة الدولة التونسية أكثر من 9 آلاف دينار تونسي. ونبه المتحدث، أن قاضي التحقيق سيستمع له باعتباره الشاكي في القضية، ثم سيتم دعوة مفتي الجمهورية وكل من سيكشف عنه البحث في تورطه في شبهة الفساد المتعلقة ب"رشوة موظف عمومي واستخلاص موظف عمومي لمنفعة لا وجه لها لنفسه أو لغيره والإضرار بالإدارة التونسية". ودعا مخلوف، مفتي الجمهورية التونسية لتقديم استقالته كما فعل الجمعة الماضي، وزير الاستثمار والمالية بالنيابة الفاضل عبد الكافي، والتي جاءت على خلفية تهم فساد مالي وتبييض أموال. مصدر بالقطب القضائي التونسي أكد بدوره ل"هاف بوست عربي" أن سير القضية وتفاصيلها سيعلن عنها بعد استيفاء كل الأبحاث والإجراءات وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وكان مفتي الجمهورية التونسية قد فتح جدلاً في تونس والعالم العربي والإسلامي بعد إصداره فتوى رسمية صادرة عن دار الإفتاء التونسية تدعم دعوات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل في تونس وبزواج المسلمة بغير المسلم، وهي قضية فجرت جدلاً لم ينته حتى الساعة وزادت في تقسيم التونسيين وأذكت من جديد الصراع الإيديولوجي في تونس. وشغل بطيخ -76 عاماً- منصب مفتي تونس في فترة حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي منذ 2008 حتى اندلاع الثورة التونسية، حيث عزله الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي في 2013. ثم عين في حكومة الحبيب الصيد كوزير للشؤون الدينية ثم انتقل بعدها لتولي منصب مفتي الجمهورية التونسية بقرار من الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي. وكان رواد التواصل الاجتماعي قد علقوا على التهمة المتعلقة بمفتي الجمهورية وربطها بعضهم بموقفه الأخير من قضية المساواة في الإرث والزواج بغير المسلم التي دعا لها الرئيس التونسي.