استؤنفت حرب العقوبات والردود المتبادلة بين موسكووواشنطن، الجمعة، مع إصدار البيت الأبيض أمرا باغلاق القنصلية الروسية في سان فرنسيسكو فيما وصلت العلاقات بين البلدين الى طريق مسدود. ويأتي هذا القرار فيما غادر حوالى ثلثي موظفي البعثات الدبلوماسية الاميركية روسيا، ما يرمز الى تبدد آمال التقارب الثنائي التي أثارها وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى السلطة. وكانت الولاياتالمتحدة أمرت الخميس باغلاق القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو بحلول السبت الى جانب بعثات تجارية في واشنطنونيويورك في اطار مبدأ "المعاملة بالمثل". وسارع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى التنديد "بتصعيد التوتر" بين البلدين، مشيرا الى ان الولاياتالمتحدة هي التي "بدأته" ومؤكدا احتفاظ بلده بحق الرد "بعد الانتهاء من تحليل" الوضع فيما أعفى إدارة ترامب من المسؤولية عن تدهور العلاقات بين البلدين. وقال لافروف الجمعة أن "كل هذه القضية بدأتها إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما للإضرار بالعلاقات الروسية الأميركية ومنع ترامب من إخراجها من الخندق". واعتبر الوزير الروسي ان الكونغرس والطبقة السياسية الاميركية "يسعيان إلى تكبيل (إدارة ترامب) وابتكار تدخل روسي مفترض او وجود صلات له او لعائلته بروسيا"، مؤكدا ان "ليست هناك واقعة واحدة" تثبت هذه الاتهامات. والجمعة اتهمت الخارجية الروسية السلطات الاميركية بانتهاك حصانة دبلوماسييها بشكل مباشر من خلال عملية تفتيش يعتزم مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) القيام بها لمقر القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو ومكان سكن الدبلوماسيين الروس. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا ان "مطالب السلطات الاميركية تشكل تهديدا مباشرا لامن المواطنين الروس". وأضافت في بيان ان "اجهزة الامن تنوي في الثاني من سبتمبر تفتيش القنصلية في سان فرانسيسكو واماكن سكن الموظفين"، مشيرة الى ان عناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي سيتولون ذلك. وأوضحت زاخاروفا أن مكتب التحقيقات الفدرالي أمر الدبلوماسيين بمغادرة أماكن إقامتهم لفترة تتراوح بين 10 و12 ساعة مع أسرهم بما فيهم اطفال صغار ورضع. من جهته، قال مستشار الكرملين يوري أوشاكوف ان "الادارة الأميركية تواصل تدمير علاقاتنا الثنائية"، معربا عن التخوف من "تصعيد" هذه العقوبات. وياتي الاجراء الأميركي ردا على قرار خفض عدد الدبلوماسيين الأميركيين والموظفين الروس في البعثات الأميركية لدى روسيا ب 755 شخصا، بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين ردا على عقوبات اقتصادية جديدة فرضتها واشنطن. وهكذا اصبح سقف الوجود الدبلوماسي الاميركي في روسيا 455 شخصا اي بمستوى الحضور الدبلوماسي الروسي في الولاياتالمتحدة. وأكدت وزارة الخارجية الاميركية الخميس "بدء التطبيق الكامل" للخفض. وبعد تعليقه، سيتم استئناف منح تأشيرات دخول للولايات المتحدة في روسيا في وقت قريب مع ابقائه محدودا في الوقت نفسه. في مطلع أوت، اضطرت الولاياتالمتحدة للتخلي عن مبنيين دبلوماسيين في ضواحي موسكو في اطار هذه الاجراءات. وكان وصول ترامب الى البيت الابيض في يناير بعث آمالا بتحسن العلاقات بين البلدين، الا انها تواصل التدهور على خلفية اتهامات بتدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الاميركية في 2016 وكذلك بسبب شبهات بالتواطؤ بين فريق حملة ترامب وموسكو. وتحدث وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون هاتفيا الخميس مع نظيره لافروف واتفقا على الاجتماع في سبتمبر على الارجح على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك. وصرح لافروف الجمعة "نحن لا نسعى الى توتر مع الولاياتالمتحدة ونريد فعليا ان تصبح الاجواء السياسية عادية" مضيفا "لكن ذلك يتطلب مبادرات من الطرفين". لكنه وعد بالسعي رغم كل شيء الى "مقاربات تقوم على الاحترام المتبادل" والتوصل الى "تسوية" مع واشنطن. وتبدو العلاقات بين البلدين حاليا أسوأ مما كانت عليه خلال ولاية أوباما الذي طرد 35 دبلوماسيا روسيا وعائلاتهم نهاية 2016 من دون ان يرد الكرملين آنذاك بشكل انتقامي.لكن الوضع بات مختلفا الآن. وقالت زاخاروفا الجمعة "نحن نحتج بشكل حازم على تصرفات واشنطن التي تتجاهل القانون الدولي، وكما جرت العادة دبلوماسيا، نحتفظ بحق اتخاذ إجراءات انتقامية. هذا ليسا خيارنا. إنهم يجبرونا على فعل ذلك". وعينت موسكو سفيرا جديدا في واشنطن هو اناتولي انطونوف المعروف بنهجه المتشدد الذي يبدي ارتيابا شديدا حيال محاوريه الاميركيين. واعتبر انطونوف هذا الاسبوع ان "الكرة باتت في ملعب واشنطن" من اجل استعادة الثقة بين البلدين. كما دعا السفير الروسي الذي وصل الى واشنطن يوم الاعلان عن العقوبات الاميركية الجديدة، الخميس الى "دراسة الاوضاع بشكل هادئ".