اعتصم، أمس، الأطباء على اختلاف تخصصاتهم بساحة مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، ليهتفوا بصوت واحد "لا للعنف ضد ممارسي الصحة"، رافضين تحميلهم مسؤولية فشل المنظومة الصحية. لبى أصحاب المآزر البيضاء أمس، نداء النقابة الوطنية للاستشفائيين الجامعيين التي دعتهم إلى الاعتصام، ليقفوا وقفة رجل واحد للتنديد بالعنف ضدهم، حيث كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، حيث التف جموع الأطباء قادمين من كل مستشفيات العاصمة، بارني، زميرلي، بني مسوس، باب الواد، منهم الأطباء المقيمون والأساتذة الاستشفائيون والمختصون في التوليد وحتى رئيس عمادة الأطباء بقاط بركاني الذي حضر لمساندة زملائه، فضلا عن ممثلة النقابة الوطنية للقابلات، وبمآزرهم البيضاء التي حملت شعار "الطبيب في غضب" طافوا أرجاء المستشفى معبرين عن غضبهم مما آلت إليه منظومة الصحة وكذا ارتفاع مستويات العنف ضد الأطباء وممارسي الصحة، ومن أجل ذلك رفعوا لافتات كتبت عليها "لا تضحوا بالطبيب لتضليل الرأي العام" و"أطلقوا سراح الطبيبة والي" و"أوقفوا العنف ضد ممارسي الصحة" و"الطبيب والمرضى ضحايا منظومة صحية فاشلة". اخترت الطب لإنقاذ حياة الناس.. لا تهددوني بالسجن أطباء وطبيبات التحقوا بالوقفة، أمس، بعد قيامهم بمهامهم في مستشفياتهم، وخاصة أخصائيي التوليد الذين حضروا بقوة لإماطة اللثام عن الظروف التي يعملون فيها، في ظل نقص الإمكانات المادية وحتى البشرية، وفي الموضوع أكدت طبيبة أخصائية في التوليد من مستشفى عين طاية في حديثها للشروق أنها حضرت للتنديد بالممارسات غير الأخلاقية ضد الأطباء، والتي وصلت إلى"الحقرة" على حد تعبيرها، وتساءلت كيف يمكن للطبيب أن يقوم بعمله وهو تحت التهديد بالسجن؟ وأضافت المتحدثة "ما ذنب الطبيبة والي إن كانت تعمل بإمكانات محدودة لتجد نفسها وهي لم تكن حاضرة في السجن"، وأردفت "اخترت الطب لإنقاذ حياة الناس.. لكن لا تهددوني بالسجن"، وهو نفس ما ذهب إليه طبيب آخر، والذي طالب من حسبلاوي الخروج إلى الميدان وتفقد حالة المستشفيات وخاصة أقسام التوليد التي تفتقر لأدنى الوسائل، ورغم ذلك يصارع الطبيب والطاقم العامل معه كل يوم لإنقاذ حياة أم ومساعدة طفل للخروج إلى الحياة. وتساءل جموع الأطباء، كيف يمكن للوزير أن يتأسس كطرف مدني في قضية وفاة المرأة الحامل بالجلفة والتي سينطق الحكم فيها اليوم وبسببها تتواجد الطبيبة والي وثلاث قابلات رهن الحبس المؤقت، في حين يفترض أن يكون هو الحامي والمسؤول الأول عن سلامة ممارسي الصحة، وذكرت إحدى الطبيبات من مستشفى مصطفى باشا أن عددا كبيرا من أخصائيي التوليد في مدن داخلية وفي الجنوب لا يملكون مسكنا وظيفيا ولا حتى إمكانات العمل، في حين أن أجورهم زهيدة لا تمكنهم من شراء سكن أو دفع مستحقاته في إحدى الصيغ الموجودة، وأضافت أن الطبيبة المسجونة والي كانت تتنقل من العاصمة يوميا لأداء مهامها ولا تملك حتى مسكنا وظيفيا هناك. الأطباء المقيمون: نمارس عملنا تحت الضغط وتهديد المرضى وخرج الأطباء للاحتجاج مع ضمان الحد الأدنى من الخدمات لصالح المرضى في الاستعجالات، وبالإضافة إلى أخصائيي التوليد والأساتذة الاستشفائيين الجامعيين، خرج معهم الأطباء المقيمون ليعبرواعن رفضهم للوضعية الحالية لمنظومة الصحة، وكذا للكشف عن المخاطر التي تواجههم أثناء ممارسة مهامهم وخاصة في فترة المناوبة الليلية، وكذا تعرضهم للتعنيف والسب والشتم من قبل المرضى بسبب نقص الامكانيات، حيث تقول إحدى الطبيبات المقيمات "نحن الأطباء نعاني من نقص الأدوية والإمكانيات" وأضافت "لكن الطبيب يدفع الثمن دائما" لتصرح مخاطبة المرضى والمواطنين "أنتم أخطأتم الهدف، لم تشتمون الطبيب وتهددونه؟" وأردفت "الآن أصبحنا نأتي للعمل ونخاف"، لتشير بأن الوضع تجاوز الخطوط الحمراء. من جهته، قال رئيس عمادة الأطباء بقاط بركاني، إنه حضر للتضامن مع زملائه الأطباء، ليعتبر أن هذا الاحتجاج هو بمثابة إنذار لوزير الصحة ليقف على الأوضاع المتدهورة في قطاع الصحة، وليفكر في حل عاجل لها، مطالبا بضرورة عقد جلسات مهنية تضم جميع مهنيي القطاع لتدارك الوضع. القابلات يلبسن القفازات السوداء أكدت ممثلة الفدرالية الوطنية لعمال الصحة وعضو النقابة الوطنية للقابلات رباعي نعيمة، التي كانت حضارة في الوقفة الاحتجاجية الخاصة بالأطباء، أنها سجلت حضورها للتضامن مع الطاقم الطبي المتواجد في الحبس، والمشكل من ثلاث قابلات، بالإضافة إلى الطبيبة واعلي، وتأسفت من تأسس الوزير كطرف مدني في القضية في وقت كان يجب عليه أن يبحث عن أساس المشكلة لحلها، وذكرت أن كل القابلات على مستوى 48 ولاية سيقفن اليوم، احتجاجا على سجن زميلاتهن.