قادة الأحزاب غرقت هذه الأيام في "قرعة" قوائم المترشحين لمحليات نوفمبر القادم، ولم يتمكن هؤلاء من التحرّر والخروج إلى الهواء، بعد ما وضع "المتحرّشون" في عنق هذه الزجاجة "فركية" حتى لا يتمّ تغيير القوائم وتبديل أسماء المترشحين بأسماء أخرى، إمّا تحت ضغط احتجاجات المقصيين، أو استجابة للأصحاب والأصدقاء والحاشية ممّن سقطوا سهوا أو عن طريق الخطأ خلال إعداد القوائم وتدوين البيانات! لولا علاقات الانتخابات المحلية بمشاكل ومصالح المواطنين بالبلدية والولاية، لما انشغل المواطن بصراع الترشح وما يُفرزه كلما عادت المحليات من ضرب تحت الحزام وصداع و"تكسار الراس" وحتى إطلاق أرانب الكذب والإشاعة وتسويق "الهفّ" بطريقة تضاعف اليأس لدى الزوالية على المستوى المحلي! من الطبيعي أن يحدث ما يحدث هذه الأيام من شدّ ومدّ وجزر وكسر وحصر و"عصر"، فقيادات الأحزاب، بصغيرها وكبيرها، قديمها وجديدها، لم تكلّف نفسها عناء محاسبة منتخبيها السابقين الذين انقضت ولايتهم، بل الأخطر من ذلك، فإن هذه القيادات جدّدت الثقة في "المكروهين" والفاشلين والمشبوهين، من باب العزة بالإثم وتحريض بقايا الناخبين على الإحباط! قيادات الأحزاب لا يهمها "رأي" الناس في مرشحيها، لكنها تهتم كثيرا وستنشغل وتتوسّل وتتسوّل مثلما جرت العادة للحصول على أصوات انتخابية لفائدة "مشطوبين" من عواطف المواطنين وقلوبهم، نتيجة ما اقترفوه في الغالب من سوء تسيير و"حقرة" ولامبالاة بهموم الغلابى! لو كانت الأحزاب تهتم بآهات البسطاء، لما أعادت لهم أميارا ومنتخبين كانوا في الحقيقة "أعداء" للمواطن وليسوا في خدمته وتحت تصرّفه، والغريب أن هذه الأحزاب لا "تسأل" المواطن عن رأيه من المرشح الفلاني، أو المنتخب العلاني، لكنها تحاول أن تفرض عليه أمرية التصويت عليه، بالرغم من أن هذا المواطن الناخب احتجّ ولو بالصمت الذي ليس في كلّ الحالات علامة رضا! هل رأيتم في حياتكم، ميرا أو منتخبا -اللهم إلاّ إذا كانت هناك حالات معزولة وشاذة وانفرادية، لم تظهر- هل رأيتموه يبحث عن المواطنين ويُطاردهم خلال السنة الأولى أو الثانية أو الثالثة؟ لماذا لا يُلاحقهم إلاّ عندما تقترب نهاية العهدة؟ ولماذا لا يجلس هذا المير أو ذاك المنتخب إلى المواطن في المقهى ويُحاكيه بالشارع والسوق إلاّ إذا عاد الاقتراع! الإجابة واضحة لا داعي لذكرها، لأنها توجع القلوب وتحرّض على القنطة، لكن يجب القول بأن مثل هذه الممارسات والشطحات هي واحدة من أسباب انهيار الثقة وفساد العلاقة بين الناخب والمنتخب!