في زيارة إلى قرية تيفردود بولاية تيزي وزو أعلى قرية مأهولة بالسكان بنحو 1500 نسمة الواقعة على ارتفاع 1197 متر فوق سطح البحر، وقفت "الشروق" على أروع المشاهد البيئية، مشاهد تجعل الزائر يدرك كيف يمكن أن يحيا الإنسان في بيئة سليمة تدخل السرور على قلبه، لما يستيقظ على ورد وياسمين وعبق الحبق والقرنفل. هذا المشهد الجميل الرائع الذي سيبقى خالدا في مخيّلة كل ضيف صنعه سكان هذه القرية الهادئة التابعة إداريا لبلدية آيث بويوسف التي تضم ثماني قرى أخرى، سكان يعشقون النظافة ورفعوا التحدي بإمكانيات بسيطة لكن بإرادة وعزيمة تذيب الحديد فجعلوا من قريتهم بيتا واحدا يحيا فيه الجميع ليكون نموذجا للعيش السليم في بيئة نظيفة تسر الناظرين. الضيافة والتضامن من الكلمات الرئيسية وشعار أهلها الذي يثير الفضول من خلال المشي في شوارعها الضيقة، حيث تستقطب هذه الأيام الزوار من المناطق المجاورة لاكتشاف المكان الذي يستفيد من سمعة طيبة بفضل المبادرات التي اتخذها سكانها في السنوات الأخيرة، هنا، بنيت جميع البنى التحتية تقريبا من قبل السكان بفضل جهود لجنة القرية "ثجماعث" المنظمة تنظيما محكما، المسيرة بأموال السكان المقيمين أو أبناء القرية القاطنين في الخارج، كما قدمت السلطات المحلية المساعدة في تنفيذ مشاريع معينة. تيفيردود هو مثال في مجال التسيير الذي ينبض بالقلب التاريخي للقرية وفقا لهيكل تقليدي يسمى "ثجماعث"، التي يجتمع أعضاء لجنته كل شهر، ولرسم خريطة طريق هذه القرية نقول إن هناك عديد الدروب المؤدية إلى مناطق مختلفة من أرجائها كالمدرسة الابتدائية، وحديقة الأطفال، والمقبرة التي تم تجديدها وصيانتها من قبل السكان. واجهات المنازل قد نمقت حديثا بلوحات تحمل الكثير من الأصالة المحلية، هذا إلى جانب الرسومات التي تزخرف المؤدية إلى قلب القرية على الأرض، لا نفايات تفسد الصورة أو أي شيء آخر يزعج النظر لأن الرجال والنساء وحتى الأطفال يتناوبون في وقت محدد للحفاظ على نظافة المحيط. ووفقا لبعض أعضاء لجنة القرية، فإن تكلفة العمل الذي تم تنفيذه بالفعل تتراوح بين 15 و20 مليون دينار، ويوضح أن الأعمال بدأت منذ نحو عامين ولكن إدارة الحياة اليومية للسكان مرتبطة بالتنظيم الاجتماعي للقرية، حيث تجندوا لتجسيد مبدأ التعاون والمساعدة لجمع الموارد المالية أو تقديم مهاراتهم لبناء وإنجاز المشاريع من بينها ملعب كرة القدم للأطفال، دار الحضانة، سرادق على مدخل المقبرة، مركز الشباب ومتحف شهداء حرب التحرير. ولضمان حسن تسييرها، تفتح هذه الهياكل في أوقات محددة وتخضع لإدارة صارمة من عضو واحد أو أكثر من السكان الذين تعينهم اللجنة. بفضل الجهود التي يبذلها سكانها، تأمل تيفيردود الفوز بطبعة هذه السنة لأنظف قرية في ولاية تيزي وزو أو على الأقل الحصول على مرتبة مشرفة لتكون تشجيعا لمواصلة العمل الجاد واستقطاب أكبر عدد من السياح الجزائريين والأجانب، خصوصا مع استغلال بعض الأماكن الأخرى المحيطة بالقرية بما في ذلك كهف ماكابي. هذه هي المواقع التي يمكن أن تجذب الزوار ولكن سنبدأ أولا من خلال تدريب المواطنين على الولوج إلى مجال السياحة خاصة الجبلية فيها. ويصر سكان قرية تيفردود التي عرفت تغطية إعلامية محلية وأجنبية على ضرورة تطوير السياحة المسؤولة والتضامنية بالمنطقة من خلال اقتراح دليل سياحي خاص بها من أجل الحفاظ على التقاليد والعادات السليمة لأن هذه الصيغة سيكون لها تأثير اجتماعي واقتصادي من خلال خلق فرص العمل والثروة لتعزيز وتطوير هذا النوع من السياحة في بلادنا.