يَفتح المجلس الشعبي الوطني، الأحد، النقاش العلني لمشروع قانون المالية لسنة 2018 المتضمن في أهم أحكامه زيادات جديدة في أسعار المحروقات للعام الثالث على التوالي، مع زيادة في ميزانية التحويلات الاجتماعية والدعم بالإضافة إلى فرض ضريبة على الأثرياء، وسط جدل يتمحور حول مدى استجابة النص القانوني، للتحديات التي تواجهها البلاد خاصة من حيث دفع الاستثمار، التشغيل، التصدي للتهريب والاقتصاد الموازي. لسنة أخرى، سيتقاسم الفقراء مع الأغنياء ما قيمته 17 مليار دولار أي ب1760 مليار دينار وهي الأموال التي رصدتها الحكومة للتحويلات الاجتماعية سنة 2018، وشهدت ارتفاعا ب8 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة. فالحكومة لم تقم بإعداد برنامج يحدد قائمة العائلات المعنية بدعم الدولة، تضم أسماء الأسر الفقيرة والمعوزة والتي تستحق دعم الدولة فعليا، رغم تأكيداتها السابقة بأنه من غير المعقول أن يطبق نفس الدعم على الفقراء وعلى رجال أعمال آخرين يكسبون آلاف المليارات. لكن هذه التصريحات تَبين في نهاية المطاف أنها مجرد شعارات، سرعان ما سقطت بعد قول الحكومة إن رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية وبعض الخدمات سيمتد على مدار عامين كاملين، وتبدأ الخطة الجديدة سنة 2020 . وإن كانت الدولة عاجزة عن إحصاء عدد فقرائها، فإنها أعربت عن نيتها في فرض ضريبة على الثروة تمس الذين تفوق ثروتهم 50 مليون دج حسب نص مشروع قانون المالية 2018. لكن تبين أيضا أن الحكومة لن تكون قادرة على تطبيقها بالنظر إلى غياب معطيات وإحصائيات دقيقة عن عدد الأغنياء. وأمام غياب إحصائيات وأرقام، تمكنها من التحكم في التحويلات الاجتماعية، فضلت الحكومة فرض ضرائب جديدة على المواطن من دون المبالغة كما حصل في السنتين الفارطتين، حيث أقرت زيادات على أسعار الوقود للعام الثالث على التوالي، ليترفع سعر اللتر الواحد من الوقود من نوع "البنزين الممتاز" إلى 41,39 دينارا و40, 89 دينارا ل"البنزين من دون رصاص" في حين يرتفع سعر "الديزال" إلى 22,53 دينارا للتر الواحد. وتراهن الحكومة من خلال إقرار هذه الزيادات على توسيع عائداتها الجبائية إلى 6 آلاف مليار سنتيم سنويا. أي ما يعادل 6 ملايير دولار. لكن الخبراء يؤكدون أن تفادي الحكومة إقرار ضرائب كبيرة على المواطن، هو لجوؤها إلى التمويل غير التقليدي، أي طبع الأموال على مدار ال5 سنوات القادمة، بالإضافة مخاوف من احتقان اجتماعي في 2018، أي قبل عام واحد عن الرئاسيات، والدليل الغلاف المالي الضخم الذي تم تخصيصه للتحويلات الاجتماعية والدعم الموجه للأسر والعائلات، حيث تسعى السلطة لتمريرها من دون أي صداع. في الشق الآخر، لجأت الحكومة لأول مرة، عبر مشروع قانون المالية لفتح الباب أمام التعاملات الإسلامية، بإقرارها الترخيص لثلاث بنوك عمومية بإطلاق هذه المنتجات البنكية، بهدف استقطاب الكتلة المالية المتداولة في السوق الموازية، إلى جانب محاولة إقناع المتوجسين من الفوائد الربوية. وينبه خبراء بناء على ما حمله مشروع قانون المالية إلى الأعباء الاجتماعية التي ستقع على عاتق المواطنين السنة الفارطة، في ظل تفاقم المصاعب على غرار تواصل انهيار الدينار وتراجع الإنتاجية وتفشي التجارة الفوضوية والتهريب. ويظل أكبر تحد يواجه الدولة، هو المحافظة على مواطن الشغل القائمة وخلق فرص عمل جديدة.
الانتخابات تزاحم قانون المالية وبعيدا عن لغة الأرقام والاقتصاد، تحاصر انتقادات المعارضة مشروع قانون المالية، وظهر ذلك من خلال خطاباتهم في التجمعات الشعبية في الحملة الانتخابية، حيث تم وصف النص القانوني بغير العادل واللا شعبي. وهو الأمر الذي جعل إدارة المجلس الشعبي الوطني تتخوف من استغلاله لأغراض سياسية، لا سيما أن جلسات مناقشته تتزامن مع الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية للمحليات بدليل أن السعيد بوحجة أمر بمنع البث المباشر للقنوات التلفزيونية.