أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس "أن جهاز الموساد الإسرائيلي هو من يقف خلف عملية اغتيال المهندس الطيار التونسي محمد الزواري في مدينة صفاقس في ديسمبر من العام 2016 تخطيطا وتنفيذا". وقال نائب رئيس القيادة السياسية بالخارج محمد نزال، في ندوة صحفية أول أمس بلبنان، خصصت لنشر نتائج التحقيق المباشر من طرفها في قضية اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري الذي كان يقوم بتصنيع طائرات بدون طيار لفائدة حماس ويشرف على مشروع "الغواصة المسيّرة عن بُعد" إن "جهات وأجهزة أمنية أخرى شاركت في عملية الاغتيال من خلال تقديم دعم لوجستي للموساد". وأثبت التحقيق الذي تنشره "الشروق اليومي" كاملا، اختراق ضباط من الموساد الصهيوني للتراب التونسي، تحت غطاء إعلاميين، وتمكنوا من تجنيد بعض التونسيين، ووصل ضباط المخابرات إلى غاية الحدود التونسيةالجزائرية، في منطقة بوشبكة بولاية القصرين التونسية التي مكثوا فيها مدة، قبل تنفيذ عمليتهم التي أودت بحياة الشهيد محمد الزواري.
أولاً: الجهة المسؤولة عن الاغتيال قال نزّال: لقد تأكّد لنا بشكل قاطع، أن جهاز الموساد هو من خطّط ونفّذ عملية اغتيال الشهيد "محمد الزواري"، وتم ذلك بتعاون لوجستي، ساهمت فيه أجهزة وجهات أمنية أخرى، خصوصا ما يتعلق بالملف المعلوماتي والعملياتي.
ثانياً: التفاصيل مرّت عملية الاغتيال بالمراحل التالية: •المرحلة الأولى (جمع معلومات أولية عن الشهيد) حضر شخص، ادّعى أنه مجري الجنسية اسمه كريس سميث في شهر 7/2015 إلى الجامعة (المدرسة الوطنية للمهندسين) في تونس، كان الشهيد يدرس الدكتوراه فيه، وادّعى أنه يعمل بشركة إعلامية، ويرغب في التعامل مع الجامعة حول صُنع الطائرات دون طيار لمراقبة أنابيب النفط وتصويرها عن بعد. تعرّف سميث على الشهيد، وعرض عليه مشروعاً، زعم أنه تابع للاتحاد الأوروبي، لكن الشهيد رفض التعامل معه، بسبب اشتباهه به، وأخبر بذلك الدكتور المشرف عليه وبعض زملائه في الجامعة. في هذه الأثناء، تردّد "سميث" أكثر من مرة على الجامعة في فترات مختلفة ضمن إجراءات لها طابع أمني، وأشرك عدداً من الطلاب معه في المشروع، وأصبح بينهم مراسلات وتواصل، وقام بتصوير المختبرات، التي يعمل فيها الشهيد مع فريقه في تطوير الغوّاصة، والطائرة دون طيار، وهناك معلومات أنه في إحدى الزيارات، قام بسرقة معلومات إلكترونية من كمبيوتر أحد الطلاب المساعدين للشهيد في رسالته.
•المرحلة الثانية (الاقتراب أكثر من الشهيد، وتحديد نقطة الاشتباك معه من خلال الصحفية "م. ح"): في هذه المرحلة، تقدّمت الصحفية المدعوة "م.ح" في شهر 6/2016، بطلب وظيفة، وأرسلت سيرتها الذاتية لصاحب إعلان على موقع على الإنترنت يطلب مساعدين، وبعدها بيومين، اتصل بها هاتفياً، شخصٌ يدعى "يوهان"، سويسري الجنسية، وأخبرها أنه سيتصل بها بعد حوالي شهرين ونصف. في 27/8/2016، التقى يوهان ب "م.ح" في "فيينا"، وحصل تعارف بينهما، وعرّفها على شخص آخر يدعى "س. ز"، وزعم أنه رجل أعمال يعمل معه في مجال تنظيم الفعاليات، وبأنه الشخص الذي سيتواصل معها مستقبلاً. في 6/9/2016، التقى "س. ز" مجدّداً ب "م.ح" في فيينا، وأخبرها أن الشركة ستُنتج أشرطة وثائقية، عن ست دول من بينها تونس، لفائدة قناة "تي في 1" الماليزية، وستتمحور مواضيع الأشرطة حول ثلاث نقاط رئيسة (الطيران، الطب، التعليم القيادي)، مقابل 100 يورو يومياً، وأشار "س. ز"على "م.ح" بضرورة الاهتمام بشخصية "محمد الزواري" المعروف بتميّزه في مجال صناعة الطائرات الصغيرة. وبناءً عليه باشرت "م.ح" تكوين فريق من معارفها وأقاربها مكّون من (مصور، مترجم، وسائقين)، وصوّرت أول فعالية شارك فيها الشهيد في منطقة (سمنجة بولاية زغوان) بتونس، حول الطيران في شهر 9/2016. ثم استمرت في التردد على صفاقس، وتصوير فعاليات نادي الطيران، بواقع نشاط أو نشاطين شهرياً، والارتباط مع المشاركين في الفعاليات، بالأخص مساعد الشهيد في النادي، حيث كانت تنسّق معهم، وتحصل من خلالهم على معلومات عن الأنشطة التي يقومون بها، بما فيها أنشطة الشهيد. -وفي 22/10/2016 أجرت "م.ح" أول حوار صحفي مع الشهيد، على هامش فعالية تتعلّق بالطيران نظّمتها الجامعة الوطنية للعلوم الإلكترونية، وقد أعلمته أنها بصدد التحضير لشريط وثائقي سيتم بثه خلال شهر مارس 2017 بقناة "تي في 1" الماليزية، لكنه اعتذر عن إجراء المقابلة التي كانت قد طلبتها منه "م.ح".
•المرحلة الثالثة: جمع المعلومات اللازمة للتنفيذ: - في هذه المرحلة التي سبقت تنفيذ العملية بأسابيع قليلة، ورد في التقارير والإفادات أنه تمّت ملاحظة أكثر من عملية مراقبة ورصد قريب لمنزل الشهيد من قبل أشخاص مجهولين، وردت مواصفاتهم حسب الإفادات على النحو التالي: 1- فتاتان، تكرّر مراقبتهما لمنزل الشهيد لأكثر من أربع مرات، وتم إبلاغ أمن المنطقة بالأمر من قبل أحد أقارب الشهيد. 2- شوهد شخص مجهول، أكثر من مرة يراقب محيط منزل الشهيد، وتتبّع زوجته في إحدى المرات. 3- ادّعى شخصان أنهما من "مصلحة المياه"، بعد أن تم الحديث معهما من قبل أحد أقارب الشهيد بعد ملاحظتهما من قبل زوجة الشهيد، حيث كان وجودهما أمام منزل الشهيد لافتاً، خاصةً وأنهما يحملان جهازاً كانا يستخدمانه أثناء وقوفهما.
ثالثاً: التحضير اللوجستي للعملية اعتمد التحضير اللوجستي للعملية على مجموعتين تم تجنيدهما (تجنيد مغفل)، بصورة منفصلة، بحيث لا يعرف أحدهما الآخر: •المجموعة الأولى (س. س / س. م): وتمّت من خلال تجنيد المدعو (س.س) بتاريخ 8/2016، بعد إرساله طلب توظيف لفرصة عمل عبر "الفيسبوك"، تعود لشركة "سويس مناجمنت"، تعمل في مجال الدراسات الاقتصادية، مقرّها سويسرا، ولديها فرعٌ في النمسا، ومن ثم تجنيد صديقه المدعو (س.م) بنفس الطريقة في 9/2016، بعد أن أشار عليه "س.س" بتقديم طلب توظيف لنفس الشركة، وقد تعامل معهما نفس الشخص "س.ز"، لكن باسم "فتحي ميدو"، وكذلك يوهان (هولندي الجنسية)، وطلبا منهما مجموعة طلبات، تمثّل أبرزها في: 1- استئجار شقتين (واحدة في العاصمة، وأخرى في صفاقس)، بغرض استخدام صحافيين من جنسية عربية قادمين من الخارج. (تم استئجار شقة صفاقس لمدة عام بتاريخ 10/2016). 2- شراء (هواتف محمولة نوع سامسونعy-3 عدد2، وشرائح هاتف لشركة أورنج عدد 2، وعلبة سجائر من الصنع التونسي، وجريدة تونسية)، والسفر إلى المجر وتسليمه إياهم (شهر 9/2016). 3- الذهاب إلى منطقة "بوشبكة" الحدودية مع الجزائر، والبحث عن مقهى أو مطعم وتصويره، بحجة أن (يوهان، وميدو) ينويان القيام بجلسة عمل في المطعم برفقة مجموعة أشخاص من إحدى الجنسيات العربية. 4- استئجار سيارتين بلوحة عادية (غير سياحية) وبمواصفات محدّدة، وعندما تعذّر ذلك طلب منهما شراء سيارتين بنفس المواصفات، وقد تم ذلك في 11/2016، حيث تم شراء وتسجيل سيارتين باسم "س.م"، الأولى نوع "هونداي H1" بيضاء اللون ذات تسعة مقاعد، والثانية نوع "سيتروين C4" بيضاء. 5- بتاريخ 7/12/2016، طُلب منهما تنظيف الشقة المستأجرة، وتجهيزها وطعام لثلاثة أشخاص. 6- في 12/12/2016، طُلب منهما أن يوقفا السيارتين في أحد الشوارع، بالقرب من منزل الشهيد، ولكن (س.س/ س.م) ارتابا بالأمر، وخشيا أن يتورّطا كون السيارتين مسجّلتين باسم "س.م"، فرفضا ذلك وقاما بتأمين السيارتين بمنزل والد "س.م"، الأمر الذي أثار استياء "ميدو"فطلب منهم بيع السيارات، وتسليم المنزل لصاحبه، وقام على الفور (يوهان وميدو) بتغيير رقمي هاتفيهما. •المجموعة الثانية: هي مجموعة "م.ح" التي كوّنتها من خلال أقاربها ومعارفها بغرض تصوير ومتابعة نشاطات الشهيد، حيث إنه عندما فشل مسار المجموعة الأولى، طلب (س.ز/ ميدو) مباشرة من "م.ح": 1- قائمة لبعض الفنادق والمطاعم الفاخرة بالعاصمة التونسية، حتى تساعد فريقاً تابعاً للشركة سيأتي لزيارة صفاقس والعاصمة تونس. 2- استئجار سيارتين (ووضع مفتاح أحد السيارتين في الثانية مع وضع مفتاح الثانية خلف العجلة الأمامية اليمنى) بغرض استخدامه من قبل فريق تابع للشركة سيأتي لزيارة صفاقس، وتصوير مكان إيقاف السيارتين وإرسالهما إلى "س.ز". 3- مغادرة البلد بعد ذلك مباشرة حتى يلتقي بها "يوهان" في المجر. •وافقت "م.ح" على تلك الطلبات، فاستأجرت برفقة زوج أختها "ع.س"، بتاريخ 13/12/2016، سيارتين الأولى من نوع "رينو ترافيك"، والثانية "كيا بيكانتو"، وتم تسجيل البيانات باسم "ع.س"، وركنتهما بالمكان، والكيفية التي طلبوها منها، ثم سافرت يوم 14/12/2016 إلى المجر.
رابعاً: كيفية الاغتيال وأسلوب التنفيذ •وصل المنفّذان الرئيسان (س.ز، وشخص آخر) بجوازات سفر بوسنية عبر المطار إلى تونس، وتوجّها إلى صفاقس صباح يوم 15/12/2016. •جلس المنفّذان من الساعة 11:30 وحتى 13:20 في مقهى "كافي توينز" القريب من منزل الشهيد، ومن ثم غادرا المقهى، وركبا سيارة فان (رينو ترافيك/ رمادية اللون)، التي كان يقودها سائق. •تم تخصيص ثلاث مجموعات ميدانية في مكان عملية الاغتيال موزعة على النقاط التالية: 1- الأولى، نقطة رصد في بداية الشارع الرئيسي عند مدخل الشارع الفرعي لمنزل الشهيد. 2- الثانية، لمراقبة مخرج الانسحاب من مكان التنفيذ. 3- الثالثة، نقطة التبديل النهائي للمجموعة المنفّذة. •عند عودة الشهيد إلى منزله من المركز الطبي (الذي كان قد ذهب إليه للحصول على نتائج فحوص مخبرية) بحدود الساعة 13:40، جرى رصده من قبل المجموعة الأولى، وفور دخوله إلى الشارع الفرعي المؤدّي إلى منزله، ووقوفه على مدخل كراج المنزل، تبعته سيارة ال"رونو ترافيك"، التي لها بابان يفتحان بشكل كامل "انزلاقي" من الجانبين. •وعند توقّف الشهيد وإطفائه لسيارته وإمساكه بجهازه الخلوي، ومفاتيح سيارته بيديه، التصقت سيارة الرونو (فان) بسيارة الشهيد من الجهة اليمنى لسيارته، ثم فتح الباب الانزلاقي لسيارة "الفان"، وقام المنفّذان بإطلاق النار عليه من مسدس من نوع "براوننج"عيار (9) مم مزوّد بكاتم صوت. •أصابت الأعيرة المطلقة فك الشهيد العلوي، ورقبته، وقلبه مخترقة الهاتفين، اللذين كان يحملهما بيده اليسرى، وكتفه الأيسر، ومناطق أخرى (8 طلقات)، إضافة إلى إصابة البوابة الرئيسية للمنزل ب(3) أعيرة، واختراق عيارين للجانب الأيمن من سيارته، حيث توفّي الشهيد مباشرة بتلك الطلقات. •بالتزامن مع تنفيذ العملية، وصل بحاران أوروبيّان عن طريق البحر، استئذنا ربّانَ السفينة لمغادرة الميناء، حيث حضرا إلى نفس المقهى بالقرب من منزل الشهيد (على الرغم من أن البحارة لا يُسمح لهم بالابتعاد عن الميناء)، جلسا فيه لفترة، ثم عادا إلى منطقة الميناء (اشتبه بهما جهاز الأمن المحلي وألقى القبض عليهما، ولكن تحت ضغوط من سلطات بلديهما، تم إطلاق سراحهما).
خامساً: الانسحاب •توجًه المنفذون بعد تنفيذ عملية الاغتيال إلى نقطة التبديل الثالثة، قاصدين السيارة المركونة هناك (التي كانت تراقب المكان لهم، وكانت مركونة عند مخرج الشارع الفرعي من الجهة الخلفية)، فاستقلوها، وتركوا سيارة "رونو ترافيك"، التي تم التنفيذ بواسطتها مكانها، تاركين ظروف طلقات نارية عدد (3) وحقيبة تحتوي على الأسلحة النارية المستخدمة عدد (2) بعد إغراقها بسائل حمضي لإزالة أي وجود للبصمات لهم عليها. •وكذلك تم العثور على سيارة "كيا بيكانتو" مهملة في صفاقس، وتم العثور على جهازي هاتف جوّال دون بطارية، ومزوّدين بشرائح تونسية مسجّلتين باسم "س.س". •بعدها فرّ المنفذون تجاه الساحل لمدينة صفاقس، والمتوقع أنهم هربوا عن طريق البحر إلى جهة غير معروفة.
سادساً: المشاركون في الاغتيال يمكن تلخيص المشاركين في عملية الاغتيال، سواءً في الجانب اللوجستي أو التنفيذي، أو من حيث المنفّذين الواعين والمغفّلين على النحو التالي: