رصد تقرير حديث أعدته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية "قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة" الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق البيئية والمائية الفلسطينية، لافتا أن الاحتلال دأب منذ عام 1967 على استنزاف كافة الموارد الطبيعية للشعب الفلسطيني، إضافة لتلويث أو تخريب ما تبقى منها وهو الأمر المنافي لروح ميثاق الأممالمتحدة ومبادئه وترفضه كافة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية. وذكر التقرير أن الوجود الاستيطاني الإسرائيلي على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية يأتي على رأس قائمة الانتهاكات للحقوق الفلسطينية، حيث يقوم نحو نصف مليون مستوطن حتى نهاية عام 2009 بتلويث البيئة الفلسطينية عبر ضخ نحو (23 - 40) مليون متر مكعب من المياه العادمة سنويا إلى سهول ووديان وينابيع الضفة الغربية، مسببة التلوث الشديد للأراضي الفلسطينية المجاورة وللمياه الجوفية التي تمثل المصدر الأساسي المتاح للاستخدام لسكان الضفة الغربية الذين أصبحوا عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة. ورصد التقرير قيام إسرائيل بالاستيلاء قهرا على نحو 85٪ من الموارد المائية الفلسطينية تقوم بضخها لمستوطناتها ولداخل الخط الأخضر سنويا بما يقدر ب(650 - 800 مليون متر مكعب). وطبقا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد بلغ متوسط نصيب الفرد الفلسطيني نحو 100 لتر لكل فرد يوميا لجميع الاستخدامات مقابل بلوغ هذا المعدل نحو 353 لتر للفرد في إسرائيل وبلوغه نحو 900 لتر للفرد يوميا للمستوطن الإسرائيلي في الضفة الغربية علما بأن الحد الأدنى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية كمتوسط لنصيب الفرد من المياه البالغ 150 لتر للفرد في اليوم. وأكد ذلك أيضا ما تضمنه التقرير الصادر عن البنك الدولي في افريل 2009 الذي أشار لبلوغ متوسط نصيب المستوطن الإسرائيلي أكثر من أربعة أضعاف نصيب المواطن الفلسطيني وهو ما يتقارب مع تقديرات المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. ورغم ذلك الاستنزاف الهائل للموارد المائية الفلسطينية يقدر ما يسدده الفرد الفلسطيني مقابل استهلاك كل متر مكعب من المياه بنحو 3.6 ضعف ما يسدده الفرد الإسرائيلي داخل الخط الأخضر وبحوالي 5,5 ضعف ما يسدده المستوطن الإسرائيلي في الضفة الغربية. وبدوره أشار تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2009 إلى قيام إسرائيل بحرمان الفلسطينيين من حقهم في الحصول على ما يكفيهم من المياه بسيطرتها الكاملة على موارد المياه المشتركة. ورغم قيام سلطة البيئة الإسرائيلية بمنع انشاء أي مساكن داخل إسرائيل لا تتصل بشبكة للصرف الصحي حرصا على سلامة البيئة والأفراد في إسرائيل فإنها تغض الطرف عن سلوك المستوطنين الذين يضخون مجاريهم الخام دون أي معالجة أو بمعالجة جزئية للأراضي الفلسطينية دون أي اعتبار لما سينتج عن تدفق هذه المياه من أخطار بيئية وصحية على السكان في الأراضي المحتلة، في حين تقوم إسرائيل بتقييد ومنع السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية المقدمة للمساعدات من إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي في الأراضي المحتلة إلا بمواصفات ومعايير شديدة الصعوبة. وأكد التقرير أن جدار الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل على أراضي الضفة الغربية جاء كأداة إضافية أخرى لحرمان الشعب الفلسطيني من موارده المائية، حيث يحتجز الجدار خلفه أكبر خزانين جوفيين في الضفة الغربية، كما سيؤدي اكتمال بناء هذا الجدار إضافة للأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل في منطقة الأغوار لخسارة نحو 46٪ من إجمالي مساحة الضفة التي تمثل بدورها نحو 95٪ من مساحة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. الحصار ضاعف كارثة غزة وأشار التقرير إلى أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف جويلية 2007 أدى إلى منع دخول المواد اللازمة لتطهير المياه لاسيما تلك المخصصة لتطهير المياه وأصبح العديد من مناطق القطاع لا تصلهم المياه سوى مرة أو مرتين أسبوعيا لعدد محدود من الساعات، إضافة لعدم توفر المواد وقطع الغيار اللازمة لعمل المنشآت الحيوية في القطاع لاسيما منشآت معالجة المياه العادمة، وهو الأمر الذي أدى لاضطرار السلطات الفلسطينية ضخ نحو 40 مليون متر مكعب من المياه العادمة إلى البحر دون أي معالجة بشكل أدى إلى تلوث البيئة البحرية وتغيير مسار الهجرة السنوية لبعض أنواع الأسماك التي كانت تمر بجوار ساحل القطاع. كما أوضحت العديد من التقارير أن حصار القطاع أدى إلى تعطيل عملية تشغيل 52 بئرا من أصل 140 بئر تشرف عليها مصلحة المياه الفلسطينية، كما أدى منع إدخال الوقود والمحروقات أو إدخالها بكميات محدودة، إضافة لتقليص كميات الطاقة الكهربائية المزودة للقطاع إلى تعطيل عمل الكثير من آبار المياه وانقطاع المياه عن العديد من المناطق السكنية لفترات. كذلك فقد أدى العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والذي استخدمت فيه الأسلحة التي تحمل إشعاعات خطيرة إلى تسرب ملوثات أخرى خطيرة للآبار الفلسطينية. كما أدى العدوان إلى تراكم ما يقدر ب600 ألف طن من الركام الإنشائي الذي من الصعب استيعابه في غزة نتيجة كثافتها السكانية ومحدودية أراضيها وقلة توفر أماكن التخلص من هذه الأنقاض، كما أدى تدمير خزانات السولار ومستودعات الأدوية والكيماويات إلى تلوث المياه الجوفية. وبحسب تقرير الجامعة العربية، فقد أدى قصف المؤسسات الصناعية لتسرب مواد سامة للتربة وكذلك إلى تدمير نحو 17٪ من الأراضي الزراعية للقطاع وهي مساحات من الصعب استعادة زراعتها نتيجة لما لحق بها من تجريف وتلويث وهشاشة وضعف في التربة.