في تطور غير مسبوق، خرجت السلطات المغربية عن مناوراتها المقنعة، ودعت علانية إلى الإضرار بالوحدة التربية للجزائر، من خلال دعوة القائم بأعمال المخزن بجنيف، حسن بوكيلي، السلطات الجزائرية إلى ما أسماه "منح الحكم الذاتي لبعض المناطق". هذا التصريح الخطير أعلنه صراحة الدبلوماسي المغربي من على منصة الأممالمتحدة في مدينة جنيف السويسرية، ما يؤكد حالة الإحباط التي وصل إليها النظام المغربي في الآونة الأخيرة، في ظل الضربات التي تلقاها من قبل العديد من الفاعلين، إن على الأممالمتحدة أو الإتحاد الأوروبي وحتى الاتحاد الإفريقي. وجاءت "خرجة" المسؤول المغربي في نقاش مع المندوب السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، وقال فيها إن "الوفد المغربي يستنكر عداء الجزائر للمغرب وصحرائه والذي حولته إلى عقيدة"، على حد زعمه، وذلك بينما كان يرد على مداخلة ممثلة الجزائربجنيف، أحلام شريخي، التي دافعت عن حقوق الشعب الصحراوي في إطار الدورة ال37 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وتعتبر العلاقات الجزائرية المغربية رمزا لعدم الاستقرار، فاستدعاء السفراء أصبح يتم بشكل شبه دوري، علما أن السفير المغرب قضى مدة ليست بالقصيرة بعيدا عن سفارة بلاده في الجزائر، ولم يعد إلى تأدية مهامه إلا العام المنصرم. ويشكل هذا الموقف حالة نادرة في المواقف المغربية المعادية للجزائر، حيث اعتادت خارجية المخزن أن تعتمد لغة دبلوماسية حمالة أوجه، غير أنه هذه المرة رفعت السقف بشكل مفضوح، وسعت جاهدة إلى محاولة افتعال أزمة غير موجودة، من خلال التشكيك في انسجام الجزائريين. الهستيريا التي حملها تصريح ممثل المخزن في مجلس حقوق الإنسان بسويسرا، تؤكد الحالة التي أصبحت عليها الدبلوماسية المغربية جراء الهزائم الدبلوماسية المتتالية التي تكبدتها في الأسابيع الأخيرة، في أعقاب الجهود التي باشرها الرئيس الألماني السابق، هورسلت كوهلر، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية، والذي طالب بإشراك كل من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في البحث عن حل للقضية الصحراوية، وهي الدعوة التي أرعبت المخزن، الذي سارع إلى المطالبة بعدم إخراج هذه المسألة من الأممالمتحدة، ليقينه بتعرضه لنكسة يبدو أنه غير قادر على تجرع تداعياتها. كما يأتي هذا الموقف المغربي بعد ثاني قرار يصدر عن العدالة الأوروبية، يستثني الأراضي والمياه الإقليمية الصحراوية من السيادة المغربية، وهو القرار الذي انجر عنه موقف أوروبي يتجه نحو عدم تجديد اتفاقية الصيد المبرمة بين الرباط والاتحاد الأوروبي، والتي ينتظر أن تنتهي الصائفة المقبلة. ولأن المصاعب لا تأتي فرادى، فقد تكبد المخزن ضربة موجعة جديدة نهاية الأسبوع، تمثلت في قرار يجري إعداده على مستوى الاتحاد الأوروبي، يقضي بوقف استيراد الفوسفات المغربي، الذي يعتبر بمثابة النفط بالنسبة للجزائر، بسبب احتوائه على سموم، حسب المخابر الأوروبية، وهو القرار الذي من شأنه أن يفقد الرباط موردا ماليا قد يقعدها عن القيام بمناورات لشراء ذمم دول لاستمالة مواقفها.