مدينة بوسعادة لاتزال نواة مدينة بوسعادة تسير نحو المجهول، وهي التي شكلت لعقود عمود السياحة وركنها الركين ببوسعادة، قبل أن تتحول الى قلعة لأباطرة المخدرات وشرذمة من المنحرفين الذين نغّصوا على السكان عيشتهم، بل وصاروا يتهددون كل من يتكلم بالتصفية. بمجرد ولوجك المدينة القديمة، سواء من جهة "طاقة بن الشكري" أو حي "العشاشة" إلا واستوقفك مشهد مريب؛ أفراد منتشرون على كامل الممرات والأزقة، ينظرون إليك بعين الريبة والشك، ليقوموا بعدها بعرض خدماتهم عليك، وأي خدمات "الزطلة، الكيف، الزرقة، مادام كوراج"، وغيرها من المسكرات والمهلوسات، أين يستقبلونك بعبارة "وش خيو كشما خصك"، وكأنّ الأمر يتعلق بخضر أو فواكه، فإن رغبت تدفع الثمن دون مناقشة ليشير إليك البائع بعدها بمكان البضاعة، لتقوم بجلبها، والتي غالبا ما تدس في حفرة أو تحت صخرة أو في البنايات القديمة، أو بواسطة وسائط وهنا نسجل وجود فتاة في العشرينات من العمر، تلعب دور الوسيط وهي تسكن قريبا من مكان البيع تجلب السلعة من بائع إلى آخر لتأمين عملية البيع وهو ما يدخل ضمن الاحتياطات الأمنية، خوفا من أي مداهمة قد تحدث بين لحظة وأخرى. حتى بعض بائعات الهوى يقمن بتسويق البضاعة، بل ويعتبرن من خيرة الزبائن لأنهن يغدقن أموالا سخية، وتزدهر عملية البيع خصوصا في الصبيحة والظهيرة لتخفّ نوعا ما في الليل، ويتم البيع في أحياء "الزقم"، "العشاشة" وحتى ساحة الشهداء، أين ينتشر بعض باعة السموم متسترين ببعض الأنشطة التجارية أين يقومون بتبييض أموال المخدرات. فهي مقصد كل من ينشد سكرا أو ذهاب عقل من المدينة بل وحتى من البلديات المجاورة، كيف لا وجميع أنواع السموم تباع فيها من مخدرات كالزطلة والكيف وأقراص مهلوسة من "ديازي، نيطرا، تيميسطا، الزرقة، الحمرة" وغيرها، مع وجود باعة مختصين في صنف دون آخر من تلك السموم. وبالرجوع إلى إحصائيات تدخلات رجال الدرك ببوسعادة، نجد أن أكبر عمليات ضبط المخدرات تمت بالمدينة القديمة، أو ضبطت بحوزة أشخاص يقطنون بها، على غرار آخر عملية للدرك التي ضبط فيها قرابة النصف قنطار بحوزة شبكة متخصصة كانت تعد لترويجها بالمدينة القديمة، وهي متكونة من 8 أفراد، 2 منهم يقطنون بالمدينة القديمة. كيف لا والسموم تباع أمام منازلهم وأحيائهم باتت سوقا ممتازة لأكبر آفة تتهدد الشباب، وليس لهم أن يحتجوا أو ينبسوا ببنت شفة وإلا فإن مصيرهم الأوحد طعنة خنجر أو ضربة قضيب حديدي. وكثيرا ما ترافق عملية البيع شجارات عنيفة بين طرفي عقد بيع السموم، مصحوبة بالصراخ والعبارات النابية وطرق الأبواب من الثملين من المنحرفين الذين يأتون من كل مكان ومن جميع فئات المجتمع، أي أن حياة سكان المدينة القديمة قد باتت جحيما رفيعا، القاسم المشترك فيه هو انعدام الأمن الذي يحلم به السكان المغلوبون على أمرهم والمهددون بالقتل في أي لحظة إن تكلموا أو همسوا بما يجري بالقرب من بيوتهم التي لم تعد تحول بينهم وبين أي مكروه قد يصيبهم في أي لحظة، وهو ما حدث مع الكثيرين منهم وفق ما أطلعنا عليه بعضهم، حتى المصلون بمسجد "الروضة" يؤدون فريضة الصلاة وهم متوجّسون خيفة من طعنة خنجر ثمل أو ضربة منحرف قد يجود بها أولئك المرتزقة في أي لحظة.