تتصادف دورة الألعاب الأولمبية المقرر تنظيمها في لندن في يوليو عام 2012 مع حلول شهر رمضان المبارك . وأثار هذا التزامن تحفّظ قيادات إسلامية خشية أن يؤثر على مستوى أداء الرياضيين المسلمين المشاركين بالدورة، بينما طالبت دول إسلامية بتعديل موعد هذه البطولة . ونظرا لأن تقويم المسلمين يعتمد على الهلال، فإن رمضان يأتي مبكرا 11 يوما كل عام، وبذلك سيبدأ رمضان في عام 2012 في 21 جويلية لينتهي في 20 أوت، بينما ستنطلق دورة الأولمبياد في 27 جويلية لتنتهي يوم 12 أوت وهو ما يتوقع أن يؤثر على 3 آلاف رياضي مسلم ينتظر مشاركتهم في الدورة . * انجلترا في حرج وينتظر أن يتسبّب هذا التزامن بين رمضان والدورة في إحراج شديد لوزير الثقافة "تيشا جويل"وعمدة لندن "كين لفينجستون"، نتيجة لرغبتهما في ضمان مشاركة جميع طوائف المجتمع في الدورة، خشية أن يؤثر ذلك على مشاركة المسلمين، وفق ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل"البريطانية في عدد السبت 14 - 10 - 2006 . مسعود شادجاريه، رئيس لجنة حقوق الإنسان الإسلامية بلندن، أبدى تحفّظه على هذا التزامن قائلا: "إنهم ما كانوا لينظموا هذه الدورة في (عيد) الكريسماس، ولذلك فإنه من الغباء أيضا أن يتم تنظيمها في رمضان... هذا يظهر قلة وعي تام بحساسية هذا الأمر". واعتبر أن هذا التزامن سيكون عائقا للرياضيين ويعزل الأقليات الآسيوية (من دول ذات ثقل إسلامي مثل ماليزيا واندونيسيا) ليعتبروا أنفسهم هامشيين في الدورة، وقال: "إن هذا لن يؤثر فقط على المشاركين ولكن على كل الناس الراغبين في مشاهدة الألعاب"، وتابع: "أنهم لن يسافروا خلال رمضان وسيتخلون عن رغبتهم في مشاهدة الألعاب". وبلغ عدد الرياضيين المسلمين نحو ربع إجمالي أعداد الرياضيين الذين شاركوا في أولمبياد أثينا عام 2004 والذين تجاوز عددهم 11 ألف لاعب ورياضي. وعادة ما يخضع تنظيم هذه البطولات الدولية ما يخضع لأجندة الدول الغربية التي تسيطر على معظم الاتحادات الرياضية الدولية . نصيحة العلماء وبدوره قال الشيخ إبراهيم مورجا، إمام بمجلس مسلمي بريطانيا العظمى: "أنا متأكد من أن الرياضيين المسلمين سيطلبون نصيحة العلماء حول هذا الأمر"، وتابع: "إنهم بشكل واضح سيواجهون مشكلة؛ لأن باقي المتسابقين سيأكلون ويشربون ويحتفظون بمستوى طاقتهم"، غير أنه استدرك مضيفا : " لكنهم رياضيون وأنا متأكد أنهم سيدربون أبدانهم على التوافق مع هذا الوضع ". ومضى الشيخ مورجا قائلا: "المسلم ربما سيشعر أنه من الأحرى أن نتجنب هذا الشهر ولكن الحياة لا تتوقف في رمضان من أجل المسلمين رغم أنهم يصومون"، واعتبر أنه "من الأفضل للمسلمين هو أن تستمر حياتهم بشكل طبيعي وهذا هو الاختبار الحقيقي". من جانبها، طالبت عدد من الدول المسلمة، خاصة تركيا بتغيّر موعد هذه البطولة، وقال توجاي بايلتي، رئيس اللجنة الأولمبية التركية: "هذا التزامن سيكون صعبا بالنسبة للرياضيين المسلمين، ولذلك لا يتعيّن عليهم أن يصوموا إذا ما كانوا سيمارسون رياضة ويسافرون، غير أنه سيتوجب عليهم أن يقرروا أيضا إذا ما كان هذا هاما بالنسبة لهم ". وتابع : " لكن سيكون من اللطيف من أجل الصداقة في الألعاب إذا ما اختاروا موعدا للدورة غير رمضان ". اجتماع لبحث المسألة واستجابة لهذه التحفّظات، تخطط الرابطة الأولمبية البريطانية حاليا، لعقد اجتماع مع منظمي أولمبياد لندن لمناقشة كيف يمكن أن يؤثر هذا التوقيت على الرياضيين المسلمين البريطانيين . وأعلن المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية، جيزيل دافيز، أنهم من جانبهم يعرضون الفترة التي يمكن أن تعقد خلالها الدورة، بينما تضع المدينة المستضيفة جدول الدورة خلال هذه الفترة، ومضى قائلا: "الألعاب تجمع بالفعل كل الأديان والعقائد، أما كيف نتعامل مع الاختلاف الديني فيعود للرياضيين ". في معرض تعليقه على تزامن رمضان مع أولمبياد لندن، قال جوانا مانينج كوبير، المتحدث باسم أولمبياد لندن 2012: "علمنا أن هذه الدورة ستتزامن مع رمضان عندما قدمنا جدولا بموعدها، غير أننا نعتقد أننا نستطيع أن نجد وسائل للجمع بينهما"، وأوضح مضيفا: "لدينا أشياء كثيرة نضعها في الاعتبار عندما نقدم مواعيدنا، من بينها أن ظروف وسائل النقل سيكون أقل ازدحاما في إجازة الصيف". وتابع "نحن نحتاج أيضا 7 آلاف متطوع وهذا هو الوقت الأفضل لكي نجدهم، ونحن نعمل مع مجلس مسلمي بريطانيا العظمى ليجد طرقا للتكيف مع رمضان خلال بطولات لندن". 400 ألف مسلم يستفيدون من الأولمبياد وكانت اللجنة الأولمبية الدولية قد أعلنت في جويلية 2005 خلال اجتماع لها في سنغافورة فوز ملف لندن ب54 صوتا بفارق 4 أصوات عن ملف باريس، بعد أن خرجت مدن نيويورك ومدريد وموسكو من المنافسة قبل الجولة الأخيرة من التصويت. وأعلنت الحكومة البريطانية، في أعقاب إعلان فوز لندن، أنها تخطط لإقامة القرية الأولمبية في منطقة بشرق لندن؛ وهو ما سيعود بالفائدة على نحو 400 ألف مسلم يقطنون المنطقة من وراء الحدث الرياضي العالمي، بحسب أحد رموز الأقلية المسلمة في بريطانيا والبالغ عددهم 1.7 مليون شخص من بين 60 مليونا هم إجمالي سكان البلاد . *