فتحت أمس، محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء وهران، ملف قضيّة الزاوية البوتشيشية القادرية بعد التحقيق الذي فتحته فصيلة الأبحاث التابعة للمجموعة الولائية للدرك الوطني العام الماضي بناء على طلب الوالي السابق الطاهر سكران... حول الشبهات التي أحاطت بملف قطعة أرضية منحت للجمعية الدينية كوقف لبناء زاوية عليها، وقد مثل أمس، ثلاثة متّهمين؛ هم مقاول مستورد لمواد البناء ومحافظ عقاري ومريد للزاوية، نسبت إليهم تهم التزوير في محرّرات رسمية عمومية والتعدي على ملكية عقارية والشهادة في عقود مزورة بالنسبة للمتّهم الأخير، بينما لم يمثل رئيس الجمعية الدينية بسبب تقديمه طعنا في قرار الإحالة، وتعود وقائع القضيّة إلى سنة 1999، حيث منحت الجمعية الدينية الممثّلة للزاوية البوتشيشية القادرية بوهران، قطعة أرض بالسانيا مساحتها الإجمالية 5 آلاف و229 متر مربّع بغرض بناء مقر للزاوية ولواحقها عليها، بمبلغ رمزي لا يتجاوز 3.5 مليون سنتيم، وتمّ تسليمها للجمعية عن طريق قرار صادر عن الوكالة العقارية بالسانيا وعن رئيس البلدية وفقا لما تقتضيه الإجراءات القانونية، وبعد فترة طلبت الجمعية الدينية تمكينها من الاستفادة من قطعة أرض أخرى مساحتها الإجمالية 2965 متر مربّع بغرض بناء مدرسة قرآنية، وطول الفترة الممتدّة ما بين 1999 و2005، تمّ التلاعب بالعقود وتزويرها بطرق ذكية، إلى أن تمّ اكتشاف ذلك بعد التحقيق الذي فتحته مصالح الدرك الوطني ابتداء من جانفي 2009، وقد تبيّن أنّ قطعة الأرض الأولى تمّ بيعها بطريقة غير شرعية لمقاول بثمن بخس قدره 60 مليون سنتيم على الرغم من أنّها وقف أي لا تباع ولا تشترى، مع الإشارة إلى أنّ ثمنها الحقيقي في سوق العقّار يفوق 3 ملايير سنتيم، وحسب المقاول المسمّى "ب.ع" فإنّه "حصل على التنازل على قطعة الأرض مقابل مبلغ 60 مليون سنتيم فقط نظير تكفّله ببناء مقّر للزاوية على قطعة الأرض الثانية وفقا للاتفاق الذي أبرم بينه وبين رئيس الجمعية الدينية، مؤكّدا أنّه تكفّل فعلا ببناء الزاوية ووصلت نسبة الأشغال بها 90 % حيث كلّفة هذا المشروع 780 مليون سنتيم"، أمّا بخصوص قطعة الأرض التي حصل عليها والتي تقدّر مساحتها بأكثر من 5 آلاف متر مربّع، فقد قام ببيعها لوكالة عقارية خاصّة بالسانيا مقابل مبلغ مليار و200 مليون سنتيم، أي أنّه حقّق ربحا خياليا في صفقة مشبوهة، وتمّ الاستعانة في تزوير العقود بمحافظ عقاري يدعى "م. س" قام بتسوية الإجراءات في يوم واحد مع أنّ تسجيل مثل هذه العقود يتطلّب وقتا أطول يتراوح ما بين شهرين إلى سنة، وحتّى يطمس هذا المقاول آثار ما اقترفه من تجاوزات، قام بتزوير عقود ومحرّرات رسمية بالاستعانة بشهادة مريد الزاوية المسمّى "أ.ع" الذي صرّح أنّه يعمل حاليا بفندق "شيراتون" وهران، حيث تمّ إثبات أنّه اشترى القطعة من الجمعية بقيمة 5 ملايير سنتيم، فيما لم يدفع فيها أكثر من 60 مليون سنتيم، وبدورها الوكالة العقارية الخاصّة قامت بتجزئة قطعة الأرض و"البزنسة" فيها على شكل قطع مخصّصة لبناء مساكن وحقّقت أرباحا معتبرة من وراء ذلك، وبناء على الوقائع المذكورة فقد التمست النيابة العامّة إدانة المقاول بعقوبة 15 سنة سجنا نافذا والمحافظ العقاري بعقوبة 8 سنوات سجنا نافذا، ومريد الزاوية بعقوبة 3 سنوات حبسا نافذا. فيما سيتّم الفصل لاحقا في الاتّهامات الموجّهة لرئيس الجمعية الدينية.