ماذا تريدون مني؟ لمذا تصوروني؟ أريد أن أجري الامتحان أطلبوا من معلمتي تأخير الامتحان" " .. بهذه الدهشة استقبلتنا البريئة وئام مسلم صاحبة العشر سنوات وهي راقدة في قسم الاستعجالات بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة، حيث ازدحم البسطاء لأجل رؤية البريئة بعد أن قرأوا مأساتها في نسخة الجمعة من الشروق اليومي .. لقد كانت حالتها أصعب من كل وصف ووجدنا صعوبة في التقاط صور يمكن للقارئ أن يستوعبها بسبب تمزق جسدها في كل أنحائه إلى درجة أن قطعا كبيرة من جلدها ولحمها نُهشت كليا، والد الضحية قال إن حالة ابنته صعبة ووصفها بالخطيرة جدا .. وئام بصعوبة راحت تروي حكايتها مع الكلاب بين أنين ودموع وتمتمات لم نفهمها .." هذه ليست المرة الأولى التي تهاجمني الكلاب، منذ أيام نجوت من هجوم كاسح وأنا متجهة إلى المدرسة كما نجت زميلاتي، لكن هذه المرة كنت وحيدة حيث أوصلت أخي الصغير الذي لا يزيد سنه عن السبع سنوات وكنت عائدة إلى البيت لأستعد للامتحان الذي كان موعده في العاشرة صباحا يوم الأربعاء ولكن فجأة أحاطت بي الكلاب من كل جهة، حيث عددها فاق 12 ربما 15 كلبا، قاومتها بمطاريتي الصغيرة حتى انكسرت بين يدي لأجدني أسقط أرضا، كانوا ينهشون كامل جسدي خاصة على مستوى الرقبة والرأس .. الضمادات المحيطة برأسها أخفت الكثير من الجروح العميقة، ولكن الأطباء والممرضين المشرفين على حالتها أكدوا أنهم لم يروا في حياتهم نهشا لجسد مثل حالة وئام التي ألزمتها العناية الطبية المركزة البقاء في حالة استلقاء لمدة قد تقارب الشهر كاملا .. أما والد وئام فتحدث عن حالته الاجتماعية الصعبة خاصة أن عمليات التجميل تحتاج إلى مبالغ جمة، فقد قدم إلى قسنطينة منذ بضعة أشهر من بلدية عين فكرون لأجل العمل كحارس لأملاك الناس، ليصطدم بهذه المأساة التي أقعدت ابنته الكبرى من كلاب استقدمها أصحاب الفيلات لحراسة ممتلكاتهم فنهشت أبناء الفقراء.. ما وقفنا عليه أن لا أحد من المسؤولين الكبار أو الصغار ولا أحد من الجمعيات زار الصغيرة التي وجدت تعاطفا من البسطاء وذاك أضعف الإيمان.. ونحن نغادر المستشفى عادت الطفلة وئام مرة أخرى إلى قسم الجراحة من أجل عملية جراحية أخرى على مستوى رأسها، وسط طوفان من دموع أهلها وخاصة شقيقها الصغير الذي كان يبكي بحرقة لأنه لم يرها منذ أن أوصلته إلى المدرسة صباح الأربعاء الأسود.