سجلت أسعار مواد استهلاكية واسعة الانتشار ارتفاعات صاروخية، فاقت كل التوقعات خلال الأسابيع الأخيرة، بشكل دفع إلى التساؤل حول خلفية هذه الزيادات، ومدى علاقتها بحركية أسعار المواد الأولية المستعملة في إنتاج هذه السلع، على مستوى الأسواق والبورصات العالمية. ومست هذه الزيادات على وجه التحديد، مادتي السكر الأبيض وزيت المائدة، بحيث وصل سعر السكر في أسواق التجزئة 115 دينار للكيلوغرام الواحد، في حين قفز سعر صفيحة زيت المائدة العادي من حجم خمس لترات، ليصل إلى 670 دينار، وهي زيادات معتبرة، تبقى غير مبررة من حيث معطيات السوق، وتكشف عن غياب المنافسة الشريفة، الذي يبقى العامل الوحيد القادر حاليا على ضبط الأسعار، في ظل عدم جاهزية النصوص التنفيذية لقانون المنافسة الجديد، الذي صادق عليه البرلمان، ولم يجد بعد طريقه إلى التجسيد. ولم تكن المؤاخذات التي سجلها خبراء السوق تتمحور حول الارتفاع الذي شهدته أسعار هاتين المادتين الواسعتي الاستهلاك، لأن ذلك جزء من حركية السوق، وإنما على نسبة الارتفاع التي قاربت 50 بالمائة في سعر زيت المائدة العادي، من حجم خمس لترات، و25 بالمائة بالنسبة للكيلوغرام الواحد من السكر الأبيض في سوق التجزئة. واللافت أن ارتفاع أسعار مادة السكر في الجزائر، يأتي في وقت تشهد فيه أسعار السكر الخام في الأسواق العالمية، انخفاضا في أسعار العقود الآجلة، يعد الأول من نوعه في غضون الثلاثين عاما الماضية، وهو ما سجلته بورصة "أنتركونتينتال"، بحسب ما أوردته وكالة رويترز للأنباء. أما ارتفاع أسعار الزيوت النباتية فيبقى غير مبرر بالنظر إلى الارتفاع المحدود الذي عرفته أسعار مادتها الأولية في الأسواق العالمية، والتي لم تتعد 2.5 بالمائة، نسبة لا يمكن مقارنتها بنسبة الزيادة التي تميز السوق الوطنية، والتي قاربت 50 بالمائة.وعن غياب الدور الحكومي في لجم الزيادات الفاحشة في أسعار المواد الغذائية، أكد فاروق طيفور، المستشار الإعلامي لوزير التجارة، أن نظام الرقابة على أسعار السلع لا زال محكوما بنص المادة الرابعة من قانون المنافسة المعدل، والتي تنص على أن الأسعار تحددها السوق عن طريق مبدأ العرض والطلب، وليست الإدارة. وأوضح المسؤول بوزارة التجارة في تصريح ل "الشروق" أن صدور النصوص التطبيقية لقانون المنافسة والممارسات التجارية، الذي صادق عليه البرلمان الصائفة الماضية، من شأنه أن يقضي على هذه الظاهرة، بحيث يصبح بموجب التدابير المرتقبة، للدولة إمكانية التدخل لتسقيف الأسعار بالتنسيق مع المنتجين والمتعاملين، وذلك انطلاقا من أسعار الإنتاج فيما يخص المنتجات الفلاحية، وعند الخروج من المصنع فيما يخص المنتجات الصناعية، في حين أن المنتجات المستوردة فإن تحديد هوامش الربح بها ستحدد على أساس أسعار موادها الأولية في الأسواق العالمية.