قفزت معظم أسعار المواد الغذائية بشكل مفاجئ لم تسمح للمواطن حتى لأن يراجع ويرتب موازناته المالية، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من السكر أمس في أسواق التجزئة حدود 110 دج، في حين ارتفعت أسعار البقول والحبوب الجافة إلى مستويات عالية، إلى درجة أنها لم تعد متاحة لجميع الشرائح الاجتماعية بعد أن كانت طبق المواطن البسيط في أيام الشتاء الباردة الأمر الذي قد يدفعه مضطرا إلى الاستغناء عنها والبديل طبعا يبقى العجائن المختلفة إلى أن تهدأ الأسعار وتعود إلى مستوياتها الطبيعية. ارتأت "الأمة العربية" في خضم هذا الارتفاع الجنوني لأسعار معظم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، أن تقوم بجولة استطلاعية في مختلف أسواق العاصمة وبعض من ولايات وسط البلاد مثل ولايتي البليدة وبومرداس، حيث التقينا وتحدثنا مع العديد من المواطنين الذين بدت على وجوههم علامات السخط والاستياء، لان الأمر بلغ مستويات لا تطاق، حيث طالت حمى الأسعار حتى مكونات أطباقهم المتواضعة خلال أيام البرد ونقصد العدس والفاصولياء والحمص والأرز وكذا زيت المائدة بمختلف ماركاتها وأنواعها، والسكر الذي أصبح في المدة الأخيرة "سلعة مدللة" وكسر حاجز 110 دج، الامر الذي سيرفع بالتالي من أسعار كل المنتجات الغذائية التي تعتمد على السكر في عمليات تصنيعها.
رفع الأجور.. رفع الأسعار... الحلقة المفرغة
البداية كانت من مراكز التسويق التابعة لسلسلة المساحات التجارية "أونو" التابعة للمجمع الاقتصادي الخاص "سيفيتال" في مركز بلدية الرويبة شرق العاصمة، حيث التقينا العديد من المواطنين المتسوقين استوقفنا "محمد.ك" وهو عامل في الشركة العمومية لنقل الحضري للمسافرين "أوتيزا "رب عائلة من 5 أفراد قال "إنه أمر غريب فعلا ومفارقة تستدعي التوقف عندها، كلما أقرت الثلاثية ويقصد الباترونا المركزية النقابية الحكومة رفع أجور العمال، مباشرة ترتفع الأسعار بشكل أوتوماتيكي وكأن الأمر مخطط له منذ البداية، الأمر الذي يجعل من رفع الأجور التي تعتبره المركزية النقابية مكسبا إضافيا للعمال، هو في الحقيقة "ماكياج تحيل الصورة" فقط، لأن ما تقره الثلاثية من زيادة ينفق موزعا على الزيادات التي طالت مختلف المواد الغذائية، والأدهى أن تطال حمى الأسعار الحبوب الجافة طبق الشرائح الضعيفة والمحدودة الدخل في فصل الشتاء إنه وضع فضيع فعلا". من جهته، قال لنا "سعيد.ت" التقينا به في ذات الفضاء التجاري قال "أسعار السكر بلغت 110 دج بعد أن كان بعد عيد الفطر مباشرة في حدود 80 دج الى 85 دج وأسعار البقول، ارتفعت أيضا خلال نفس الفترة بنسب تتراوح ما بين 10 و15 بالمائة، ونسمع هذه الأيام حديثا عن البن الذي سيرتفع سعره بدوره، وغدا لا ندري أي المنتجات ستلتهب.. والحقيقة أن هوامش الزيادات التي أقرت قبل سنة للعمال، لا تساوي شيئا بالنظر إلى الزيادات التي طالت مختلف المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع". أما "مراد.ح"، فقد قال إنه أجرى عملية حسابية بسيطة، حيث طرح فارق الزيادة في الأسعار والزيادة في الأجر، فتوصل إلى أن راتبه الشهري سجل عجزا ب 2000 دج شهريا، لذلك قال وبصريح العبارة "تنتابني وأنا استمع إلى أخبار الزيادات في الأجور، حالة ضحك وكآبة في نفس الوقت، خصوصا لما أسمع في نشرات الأخبار زعماء النقابات يتحدثون عن مكاسب جديدة افتكها العمال".
الغلاء في البورصات العالمية.. مبرر لا يقنع المواطن
الواقع أن موجة الغلاء التي طالت المواد الغذائية، هي بسبب ارتفاع أسعار خامات ذات المواد في البورصات العالمية، فمثلا ارتفع سعر البوشل الواحد من السكر بنسبة تتراوح ما بين 15 و20 بالمائة في بورصة نيويورك و20 بالمائة في بورصة باريس ولندن، وهو نفس السيناريو الذي طال مختلف الحبوب الجافة الأخرى باستثناء الأرز، لكن المواطن البسيط يرفض أن تساق له هذه المبررات. فحسبه واستنادا لكل التصريحات التي جمعناها على ألسنة الذين استطلعنا آراءهم، فإن الجزائر دولة نفطية والحكومة نفسها تتحدث عن "البحبوبحة المالية" وارتفاع إيرادات البترول، فلماذا تحجم عن إقرار سياسة جديدة تقتضي دعم الأسعار ظرفيا وليس مطلقا، خصوصا في فترات غلاء هذه المواد في البورصات العالمية؟ هذا التساؤل حملناه بدورنا إلى الخبراء والاقتصاديين المتخصصين الذين أكدوا أن الحكومة بإمكانها استحداث صندوق لدعم تشكيلة محددة من خامات المواد الغذائية في حالات ارتفاع أسعارها في البورصات العالمية، مثل السكر والحبوب الجافة والبن، على غرار ما هو معمول به في مجال غبرة الحليب والخبز.
الثلاثية المقبلة.. تساؤلات وتخمينات
من جانب آخر، يتساءل العديد من العمال عن فحوى الثلاثية المقبلة والتي ستشهد مشاركة منتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية لأول مرة فضلا عن "الباترونا" و"المركزية النقابية" و"الحكومة ". فحسب مصادر عليمة، فإنه من المستبعد أن تقر الثلاثية المقبلة زيادات جديدة في الأجور، لكن ستناقش قضايا أخرى مصيرية مثل نظام التقاعد والمعاشات والعلاوات إلى غيرها من الملفات مثل التعويض الاجتماعي والتشغيل. وكان وزير العمل والضمان الاجتماعي الطيب لوح قد صرح في وقت سابق أن الثلاثية المقبلة ستعقد خلال الثلاثي الأول من العام المقبل 2011 ولم يؤكد كما لم ينف إن كان منتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية الذي يرأسه رضا حمياني سيشارك في الثلاثية المقبلة. وكما أسلفنا حديثا المواطن لم تعد تهمه قضايا اجتماعات المسؤولين ولا الخطابات الرسمية المهدئة بقدر ما يهمه كيف يتعامل مع موجة الغلاء التي أخلت وبشكل كبير بموازنات نفقاته العامة. لم تسجل منذ سنة 1980 أسعار خامات السكر تقفز إلى مستويات قياسية في الأسواق العالمية
سجلت أسعار السكر في الأسواق العالمية تفاوتاً لم يسبق له مثيل، حيث تغيرت الأسعار بنسب فاقت 100% بين الصعود والهبوط، حيث بلغت أسعار السكر مستويات لم تبلغها منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وواكب ذلك ارتفاعاً في أسعار السكر في اسواق التجزئة. ويتوقع أن يستمر ارتفاع الأسعار في السوق العالمية حتى بداية إنتاج محصول السكر البرازيلي أو ظهور مستجدات تتعلق بالدولار، مشيراً إلى أن أسعار الدولار والديون الأوروبية تؤثر في العملة وأسعار السلع الاستهلاكية ومنها السكر.