يواجه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ، اكبر مأزق سياسي واجتماعي منذ 23 من توليه الحكم كثاني رئيس للجمهورية التونسية بعد الانقلاب الأبيض على الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في نوفمبر 1987، وشهدت الفترة الأخيرة اكبر موجة من الاحتجاجات الاجتماعية وصفت ب "الأخطر" في تاريخها بعد تصاعد الاحتجاجات والتحركات الشعبية في كامل تراب الجمهورية أوقعت عشرات القتلى والجرحى ، تنديدا بالبطالة والفساد والمحسوبية. * عرفت الفترة التي تقلد فيها بم علي زمام السلطة نهاية الثمانينات توترات سياسية واقتصادية أبرزها تصاعد الاتجاه الإسلامي والصراع على السلطة أواخر أيام بورقيبة . * وبالرغم مما عرفته البلاد منذ توليه للسلطة من نمو اقتصادي وتصنيف تونس مرات عدة الأولى أفريقيا في التنافسية الاقتصادية ومعدلات النمو ، حسب أرقام هيئات دولية مستقلة * إلا أن هذا النجاح لم يخفف من الانتقادات لنظام بن علي ، من قبل الهيئات الحقوقية الدولية إزاء انتهاكات لحقوق الإنسان وقمع المعارضين وفرض رقابة شبه كلية على الإعلام وحرية التعبير. * وتتهم عدة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات إضافة إلى وسائل إعلام غربية عديدة بن علي بأنه دكتاتور، وقد وضع سنة 1998على قائمة أسوأ عشرة أعداء لحرية الصحافة بالعالم بسبب الحظر الذي كان يفرضه على عدد من المواقع الإلكترونية، بما فيها مواقع للمعارضة وأخرى للتواصل الاجتماعي. * وشمل الحظر أيضا بعض المواقع الإخبارية كالجزيرة نت المغلق منذ خريف 2009, وموقعي التواصل يوتيوب وديلي موشن، وأخرى تونسية معارضة كالموقع الرسمي * لحركة النهضة المحظورة و موقع تونس نيوز الإخباري. وتعدى الحظر ليشمل منع نشر الكتب الذي تتحدث عن نفوذه الواسع وزوجته ليلى طرابلسي وعائلتها بالبلاد على الصعيدين السياسي والاقتصادي . * و اعتمد حكم بن علي حسب المعارضين لحكمه على مزج بارع بين الاستقطاب والقمع. فمن خلال إظهار إخلاصه للديموقراطية وحقوق الإنسان في وقت مبكر من حكمه، اختطف بذكاء جوهر رسالة المعارضة الليبرالية. * وفي الوقت نفسه، فقد استخدم أساليب التلاعب في الانتخابات وتقديم الامتيازات من اجل استقطاب قادة أجهزة الحزب الحاكم و منظمات المجتمع المدني. * أما أولئك الذين بقوا خارج نطاق هذه الأدوات فقد شعروا بقوة الأجهزة الأمنية الداخلية التي تنامت بصورة دراماتيكية خلال التسعينيات. * وقد تقبل التونسيون يد بن علي الثقيلة بمرارة خلال التسعينيات، وكان الحكم الاستبدادي هو الثمن الذي دفعوه للاستقرار الذي تمكن من جذب السياح والمستثمرين ، وكان بن علي تكنوقراطيا فعالا، وإن لم يكن كاريزماتيا، استطاع هزيمة الإسلاميين، وتحقيق النمو، وأنقذ البلاد من الاضطرابات و خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، بدأ نسيج حكم بن علي الاستبدادي بالاهتراء ، وحين أصبح من الواضح أن الإسلاميين لم يعودوا يشكلون أي تهديد، لم يعد الكثير من التونسيين يريدون تحمل ثقل الحكومة. * كما فقد النظام بعضا من مهاراته السابقة ،وأصبحت أساليبه أقل ابتكارا وبدت وحشيته أكثر وضوحا. وغدت الحكومة أقل استعدادا للحوار ولو شكليا مع المنتقدين أو الأحزاب المعارضة. * و أصبح من المعتاد حدوث الاعتقالات التعسفية، والتحكم في الصحافة المطبوعة والوصول إلى الانترنت ، والاعتداءات الجسدية على الصحافيين وناشطي حقوق الإنسان والمعارضين. * و أصبحت سمعة نظام بن علي حسب المتتبعين مرادفة للفساد حيث وذكر موقع ويكيليكس وثائق ترسم صورة قاتمة لنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي واصفا فيه محيطه العائلي بأنه أشبه بالمافيا. * وأشارت الوثيقة إلى أن ليلى حصلت على قطعة أرض كبيرة و مليون دولار لإنشاء مدرسة دولية كبيرة لنخبة أبناء تونس، وذلك بالشراكة مع زوجة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، سها عرفات، بل وقامت السلطات التونسية بعد ذلك بإغلاق المنافس الرئيسي لمدرستها الوليدة. * وبعد أشهر على إنشاء المدرسة قامت السلطات التونسية –بحسب الوثيقة- بإبطال تأشيرة دخول سها للأراضي التونسية، وذلك أثناء وجودها في مالطا وبعد شكوى سها في السفارة الأمريكية من تعرضها للخداع من جانب ليلى، دفعت الأخيرة لبيع المدرسة مقابل مبلغ كبير حصلت عليه لوحدها، لتصبح المدرسة بالنسبة لها مكسبا صافيا تماما لأنها لم تدفع أي مبالغ في شراء أو بناء المدرسة بل حصلت عليها بلا مقابل. * وان "التونسيين لا يرون أن الرئيس نفسه هو المسئول عن استهداف أملاك الآخرين، وانما هي للسيدة الأولى وعائلتها المكونة من 10 أخوة وأسرهم. * وحسب متابعين ما زال من المبكر معرفة ما إذا كانت هذا الاحتجاجات مؤشرا إلى نهاية عهد بن علي لان المشهد السياسي التونسي يبدو كما كان في 1975 و1976، وهي بداية انحدار سلف بن علي، الحبيب بورقيبة. * و حسب نفس الجهات فان ما يحدث اليوم هو ظروف مشابهة لذلك العهد، الرئيس المتقدم في العمر الذي فقد القدرة على استخدام أساليب الترغيب والترهيب، والنظام الذي يفتقد للخلافة القوية أو أي آلية واضحة لانتخابها. * * المناصب التي تولاها قبل إحكام قبضته الرئاسية * تولى بن علي عدة مهام، فعمل ضابطا في أركان الجيش عندما تم تأسيس إدارة الأمن العسكري سنة 1964، ومديرا عاما للأمن الوطني سنة 1977 * عين بعدها سفيرا في بولندا سنة 1980، وتولى مجددا الإدارة العامة للأمن الوطني سنة 1984، كما عين وزيرا للأمن الوطني سنة 1985 * أصبح بن علي عضوا في الديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري سنة 1986، وأمينا عاما مساعدا للحزب ثم أمينا عاما للحزب بعد ذلك. * عين بعدها وزيرا للداخلية بحكومة رشيد صفر ثم عوضه كوزير أول، مع الاحتفاظ بوزارة الداخلية سنة 1987 * وفي 2002 أجرى تعديلا دستوريا مكنه من الترشح لفترة رئاسية جديدة في 2004 وفاز فيها ب94.4%, ثم ترشح مجددا في 2009 لولاية خامسة وفاز بنسبة 89.62% من أصوات الناخبين.