لم تكن العرافة اللبنانية ماقي فرح وحدها من تنبأت بحرب لبنان ولكن زلزال بيروت تنبأ به الكثير من الكتاب والمثقفين من بينهم غادة السمان في كتابها الذي صدر منذ سنة " سهرة تنكرية للموتى" في هذا الكتاب الذي تختلط فيه الرواية بالسيرة الذاتية تكشف غادة السمان القشرة عن وجه "مدينة الصراعات الاجتماعية الإقليمية والعالمية " وتلبس ثوب العرافة الاستطلاع مستقبل البلد الذي ظلت " تبحث عن سبب معقول يجعلها تطلق الغربة وتستقر فيه نهائيا لأنها " تشم مسبقا رائحة الزلزال" تتساءل هل حقا انتهت الحرب أم أنها بدأت الآن ". زهية م السمان تذهب بعيدا في تشريح الوضع في لبنان بصفتها مدينة مؤهلة للانفجار في أية لحظة لأنها كانت دائما مسرحا لتصفية الحسابات حتى لو كان بين الإخوة الأعداء بحيث تصف بؤس الجنوب اللبناني حيث معاقل حزب الله بعيدا عن بيروت السياحة والمرح " تبدلت تضاريس المدينة غابت الشوارع المعبدة وحلت محلها الأزقة المغبرة المليئة بالحفر حيث كانت قوافل نساء بالتشادور أهذه حقا بيروت الحقيقية لا بيروت الصباحات النسائية واليخوت والمقاهي واللطف الذكوري أهذا هو الوجه الحقيقي لبيروت في مطلع الألفية الثالثة في مرآة الحقيقة وما تبقى واجهة سياحية للحمقى ". في موقع أخر يصف البطل بيروت مخاطبا السائحة الأجنبية " سامحينا أنهم يبكون ابنهم الذي سقط البارحة بالرصاص الإسرائيلي في أرضنا اللبنانية المحتلة في الجنوب وتجيب هي " أنها لم تسمع غير موسيقى بيتهوفن وشوبان ولم تكن تدري أصلا أن ثمة ارض لبنانية احتلتها إسرائيل المسالمة المسكينة ،أهذه بيروت السياحة والرفاه التي تسوق الأجانب غير بيروت الجنوب والفقر و السيطرة الإسرائيلية" غيرأن السمان تقول في كتابها أن اللبنانيين محكوم عليهم بمعاودة النهوض وبناء الحياة " حرب تبدأ أم حرب تنتهي لكنهم يضحكون و يرقصون وهكذا هي لبنان في عين اهلها يتصالحون ولا ينسون .. فكما يقاتلون و يتقاتلون يقتلون الأشجار والحدائق لان ثمة بيروت سرية نابضة متربصة مثل لغم أو قنبلة موقوتة لا مناص من تفكيكها فثمة موزاييك بيروتي معقد ". هذه هي لبنان كما رأتها غادة السمان رؤية ذكرتني بقول لبناني آخر " بيار ابي صعب" عندما زار الجزائر السنة الماضية عندما قتل الحريري سأله احد الصحفيين الجزائريين هل سينهار لبنان مرة أخرى ؟ فأجاب " هو قدر لبنان أن تنهض مع كل كبوة لأنها محكومة بلعبة المرايا " .