طالب السياسي النمساوي البارز يورج هايدر بمحاكمة زعماء إسرائيل على ما ارتكبته من "جرائم حرب" في لبنان، كما انتقد الدور الأوروبي الواهن إزاء الأزمة، وقال إن "أفعى إسرائيل" تستغل عقدة الذنب التاريخية التي تطوق بها رقبة "الأرنب الأوربي" لإسكات أي صوت ينتقدها. جاءت انتقادات هايدر زعيم حزب "مستقبل النمسا" وحاكم مقاطعة كيرنتن بجنوب النمسا خلال لقاء له مع وفد من الصحفيين العرب المقيمين بمدينة كلاجنفورت عاصمة المقاطعة، عبر خلاله عن تعاطفه مع الشعب اللبناني في محنته التي يواجهها، مشيرا إلى استعداد مقاطعته لاستضافة الجرحى من الجانب اللبناني لعلاجهم. شروق أون لاين وتعليقا على العدوان الإسرائيلي على لبنان قال هايدر خلال اللقاء الذي عقد مساء السبت الفارط: "من غير المقبول أن يكون الرد على اختطاف جنديين تدمير دولة بأكملها، فالعدوان الإسرائيلي يشكل حربا مفتوحة تخرق جميع القواعد والأعراف الدولية". وتابع: "يجب أولا على إسرائيل أن تنسحب من كامل الأراضي اللبنانية وتعلن احترامها للحدود الدولية، ثم يعقب ذلك مناقشة عملية السلام في الشرق الأوسط لا أن يتم العكس. وأرجو أن يكون لأوربا دور في بلورة خطة حقيقية للسلام بالمنطقة بعيدا عن الهيمنة الأمريكية". وأكد الزعيم اليميني النمساوي على أن "الممارسات الإسرائيلية ووحشية جيشها تندرج تحت تصنيف جرائم الحرب"، داعيا إلى "محاكمة كل المتورطين من قادة إسرائيل في هذه الحرب أمام محكمة العدل الدولية على جرائمهم بحق المدنيين بلبنان". وسبق أن دعا هايدر إلى طرد السفير الإسرائيلي من النمسا كخطوة اعتراضية على الاعتداء على لبنان، إلا أن الحكومة النمساوية اكتفت بالإعراب عن استهجانها للاستخدام المفرط للعنف من قبل الجيش الإسرائيلي. وتعليقا على ذلك قال هايدر " مما يؤسف له أن الحكومة (النمساوية) خائفة من الولاياتالمتحدة، كما أن (المستشار النمساوي فولفجانج) شوسل لا يريد أن يفقد صداقة الرئيس (الأمريكي جورج) بوش، مفضلا أن يكون إلى جواره في دعوته لضرورة إحراز تقدم نحو حل سلمي في الشرق الأوسط". وتابع: "نسعى لتقوية دور النمسا والتعامل بإيجابية وليس الوقوف موقف المتخوف من أمريكا وعدم إغضاب إسرائيل". وأعرب هايدر عن اعتقاده بأن الأزمة اللبنانية ستكون عاملا مؤثرا في حملة الانتخابات البرلمانية بالنمسا المقررة نهاية سبتمبر 2006. وضرب مثلا على ذلك بموقف إدارة المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر المنتقد لغزو العراق والذي كان سببا مباشرا في بقائه في الحكم لفترة إضافية. وأضاف: "أعتقد أن ذلك سيكون الحال في النمسا التي يرفض شعبها الانصياع وراء السياسة الأمريكية مغمض العينين. فهناك انطباع بأن هناك دولة (إسرائيل) لا تخضع للقوانين الدولية ولا ينطبق عليها النظام الدولي وهذا يزعج النمساويين كثيرا". الأرنب الأوروبي واعتبر هايدر أن الصمت الأوربي والأممي "منح شرعية دولية للعدوان الإسرائيلي على لبنان بدعم من الولاياتالمتحدة"، وطالب بأن "يتبدد الخوف العالمي من الولاياتالمتحدة، وأن يتغير الوضع في العالم للأفضل" وقال: "الأرنب الأوربي يخشى أفعى إسرائيل على خلفية التاريخ" في إشارة إلى المحرقة المزعومة لليهود في الحرب العالمية الثانية المعروفة بالهولوكست على يد النازي. وأضاف: "إسرائيل تلزم أوربا بعقدة ذنب تاريخية حتى تسكت جميع الأصوات المعارضة لها. ومع الأسف فموقف أوربا سلبي تجاه هذا الابتزاز". وعلى الصعيد الإنساني أبدى هايدر ترحيبه باستقدام أطفال من جرحى لبنان للعلاج على نفقة حكومة مقاطعة كيرنتن. وأعلن عن إنجاز مقاطعته عددا من برامج المساعدة الإنسانية للمتضررين بلبنان، والتي سيتم تنفيذها فور الإعلان عن وقف لإطلاق النار. ويقول مراسل موقع إسلام أون لاين.نت إن حربا خفية تشن ضد مؤسسات الإغاثة العربية والإسلامية داخل النمسا تتمثل في إغلاق حسابات هذه المنظمات في "بنك النمسا" وهو أكبر البنوك النمساوية دون إبداء سبب واضح. وتعكف قيادات الأقلية المسلمة بالنمسا على حل هذه الأزمة، مهددة بفرض مقاطعة إسلامية على البنوك التي تطرد عملائها من المسلمين دون أسباب. ويلفت إلى أن "هيئة إغاثة العراق" و"رابطة فلسطين الخيرية" وغيرهما دعما إنسانيا متواصلا للمتضررين في فلسطين والعراق ولبنان، مما قد يكون سببا في إغلاق البنك لحساباتها تحت ضغوط خارجية. وشهدت فيينا مؤخرا تظاهرات شارك بها آلاف من المسلمين والنشطاء الحقوقيين تأييدا للمقاومة اللبنانية ومنددة بالسياسات الأمريكية المؤيدة للعدوان الإسرائيلي على لبنان. وبحسب أحدث الإحصاءات يعيش في النمسا نحو 400 ألف مسلم، أي 4% من تعداد السكان البالغ 8 ملايين نسمة.