قال المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، وهو من مواليد الجزائر عام 1950 ، أن العلاقات الجزائرية - الفرنسية بدأت تتحسن في الأشهر الأخيرة ، و سيكون العام المقبل حاسما في تاريخ ومستقبل تلك العلاقات، لتزامنه مع احياء الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، "لكن الحذر مطلوب بين الدوليتين ، لأن التاريخ علمنا أن العلاقات بين البلدين تتحسن بسرعة وتتدهور بنفس السرعة". * بنجامين ستورا * واعتبر ستورا في حوار لموقع فرانس 24 ، الجمعة، أنه من الصعب تقييم حجم وطبيعة العلاقات السياسية بين الجزائروفرنسا، مقارنة بالعلاقات الاقتصادية التي تربطه الدولتين والتي يرى أنها كانت ولا تزال جيدة. مشيرا بان حجم العلاقات السياسية تقلص كثيرا في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة، أبرزها: قضية الذاكرة والتاريخ ونظرة كلتي الدولتين إلى ماضيهما المشترك ومسألة المهاجرين وما يرتبط بها من قضايا ثنائية أو جوهرية، لاسيما منح تأشيرات الدخول للجزائريين إلى فرنسا التي تطالب الجزائر برفع عددها، إضافة إلى قضية الصحراء الغربية. * قبل أن يضيف "اعتدنا منذ استقلال الجزائر أن تكون العلاقات بين هذين البلدين متأرجحة بين الجيدة والسيئة. وهي أصلا معقدة، وكما قلت آنفا، يصعب تحليلها ويصعب تحديد مسؤولية كل طرف في ذلك". * وفي ذات السياق قال ستورا الذي سيصدر قريبا كتابا عن الثورات الشعبية العربية، إن "العلاقات بين البلدين شهدت فترات جيدة وفترات أخرى سيئة، وهي لا تتأثر بصورة مباشرة بالحكومات والرؤساء الذين تعاقبوا على كلا البلدين. إنها علاقات دول طبعتها أجهزة أو بالأحرى هيئات أو هياكل أكثر مما طبعها رجال ومسؤولون". * واستطرد قائلا : "هذه العلاقات شهدت تحركات حثيثة وكثيرة وجيدة في فترة ولاية الرئيس بوتفليقة الأولى، إلا أنها ومنذ 2005 سجلت تراجعا وكأن الخمود أصابها. إلا أنها في الأشهر الأخيرة انتعشت من جديد وبات المسؤولون الفرنسيون يتوافدون إلى الجزائر، فقبل جوبيه قام جان بيار رافارن رئيس الوزراء الأسبق وبيار لولوش وزير التجارة الخارجية في الحكومة الحالية بزيارات التقوا خلالها كبار المسؤولين الجزائريين، ما يوحي بتسخين العلاقات الفرنسية – الجزائرية، خاصة أن الصحافة الجزائرية تحدثت عن تحسن الأجواء العامة بين البلدين منذ تعيين جوبيه وزيرا للخارجية في فيفري 2011 ." ، غير انه أردف قائلا : " لكن يجب توخي الحذر لأن التاريخ علمنا أن العلاقات بين البلدين تتحسن بسرعة وتتدهور بنفس السرعة". * واعتبر ستورا الذي يبدو انه من دعاة طي صفحة الماضي بين الجزائروفرنسا والى نسيان قافلة الشهداء اللذين سقطوا دفاعا عن الجزائر ضد المستعمر الفرنسي ، أنه "غالبا ما شكل تعامل الدولة الجزائرية مع فرنسا وسيلة لإضفاء الشرعية على حكوماتها المختلفة، لكن على الجميع أن يدرك أن العالم تغير. فعلى الجزائر أن تدرك أن فرنسا اليوم ما هي إلا قوة عظمى بين قوى عظمى أخرى تعددت وتنوعت، وأن الصعوبات في علاقاتها مع فرنسا هي في الحقيقة صعوبات في العلاقات مع أوروبا. * واستشرف صاحب كتاب " فرانسوا ميتيران وحرب الجزائر" ، بأن" عام 2012 سيكون عاما حاسما في مستقبل العلاقات الجزائرية - الفرنسية، لأن في العام المقبل ستحتفل الجزائر بالذكرى الخمسين لاستقلالها. سنترقب إن كان الطرفان سيبادران بمقترحات أو تحركات تسير في اتجاه الدفع بعلاقاتهما نحو الأمام. يتعين على فرنسا أن تبادر بما يوحي أنها تريد طي صفحة الماضي، لاسيما فيما يتعلق بقضية الذاكرة. سنتأكد في اعتقادي إن كانت لدى الطرفين نية في التأسيس لعهد جديد من العلاقات بينهما".