في الوقت الذي يمكن للجماعات المسلحة اتخاذ قرار التخلي عن العمل المسلح وتسليم أنفسهم للسلطات العمومية قبل انقضاء المهلة المحددة في ميثاق السلم، تبقى هناك ملفات لا تزال عالقة على مستوى المجالس القضائية والمرتبطة بالأشخاص المعتقلين جراء المأساة الوطنية الذين لم يستفيدوا من الإفراج لأسباب تبقى مجهولة، على الرغم من أن النصوص التي يتضمنها ميثاق السلم والمصالحة تمسهم. رتيبة بوعدمة ونددت عائلات المعتقلين جراء المأساة الوطنية من عملية إقصاء ذويها من تدابير ميثاق السلم والمصالحة القاضية بالإفراج عن الأشخاص غير المتورطين في ارتكاب المجازر ووضع متفجرات في الأماكن العمومية والاغتصاب. وقد عبّر العديد منهم عن تخوفهم من الإقصاء مع انقضاء مهلة العمل بتدابير مثياق السلم والمصالحة، وطرحوا مسألة إدراج قضايا متعلقة بالمأساة الوطنية ضمن قضايا الحق العام، بالرغم من أن وقائعها تقتضي الفصل فيها بموجب نصوص وتدابير الميثاق وعلى سبيل المثال قضية المعتقل "مدريس" المتهم بالانتماء لجماعة مسلحة الذي أدرجت قضيته ضمن قضايا الحق العام، في الوقت الذي استفاد أحد شركائه من تدابير ميثاق السلم والمصالحة لنفس الوقائع ولم تتوان عائلة المعتقل من مناشدة كل من رئيس الجمهورية ووزير العدل لإعادة النظر في قضيته. ويتواجد مدريس حاليا، بسجن سركاجي في وضعية نفسية متدهورة نتيجة خيبة الأمل التي انتباته لعدم الإفراج عنه. ولم تقتصر المسألة عند المعتقل مدريس، فقد شن في الفترة الأخيرة بعض المعتقلين إضرابا عن الطعام واحتجاجا على وضعيتهم من بينهم المتهم بتجيند الجزائريين للقتال في العراق "عامر لعرج" الذي ألقي عليه مؤخرا القبض من قبل مصالح الأمن، حيث ذهب لحد المطالبة بالإفراج عنه في إطار تدابير ميثاق السلم، على الرغم من أن قضيته غير مرتبطة بالأزمة الأمنية، وفي نفس السياق طرح محامون مسألة "الاستفادة الانتقائية" الحاصلة على مستوى المجالس القضائية والتي مردها - حسبهم - إلى تغييب المحامين للمشاركة في معالجة ملفات المصالحة وعدم اعتماد الشفافية في معالجات الملفات، ومن بين القضايا التي اطلعت عليها "الشروق اليومي" قضية استفادة بعض المعتقلين المتهمين بالمشاركة في تفجيرات المطار من الإفراج، في الوقت الذي حكم عليهم بالمؤبد، فكان من المفترض تخفيض العقوبة، ذات المسألة مع أحد المعتقلين في نفس القضية والذي حكم عليه بالإعدام أربع مرات، لكن المحكمة قامت بتبرئته، وفي نفس السياق كشفت مصادر قضائية عن عدم استفادة أشخاص ممن شاركوا أيضا في تفجيرات المطار من الإفراج في قضايا تحمل نفس الوقائع كقضية المعتقل "ع، ج" المدان بجناية تحريض المواطنين على حمل السلاح والانتماء إلى قوات مسلحة وحيازة منشورات تحريضية، وذكرت مصادر قضائية "أن المتهم حكم عليه نهائيا بعقوبة المؤبد وبالرجوع إلى الحكم الجنائي، حسب ما أوردته مصادرنا، يلاحظ "وجود تناقض بين الأسئلة المطروحة ومنطوق الحكم"، لكن المحكمة أخذت بالأسئلة ولم تأخذ بمنطوق الحكم الذي يتمكن بموجبه المتهم من الاستفادة من الإفراج بموجب ميثاق السلم، خاصة وأن المبدأ لدى القضاء الجزائري هو الأخد بمنطوق الحكم. ومن بين القضايا أيضا التي أدرجت ضمن قضايا الحق العام قضية "ب، ج" المتهم بالمشاركة في القتل مع سبق الإصرار والترصد، في حين أن هذا المعتقل وبناء على قرار الإحالة متهم بالانتماء إلى جماعة مسلحة وقد صنفت ضمن قضايا الحق العام. وفي ظل التكتم المضروب على عدد الأشخاص المعتقلين بمختلف المؤسسات العقابية في قضايا المأساة الوطنية الذين لم يستفيدوا من الإفراج بموجب ميثاق السلم والمصالحة ووجود ملفات عالقة ومعقدة يصعب الفصل فيها، حسب ما أسرّت به مصادر قضائية ل "الشروق اليومي"، تبقى أنظار عائلات هؤلاء المساجين مشدودة نحو القاضي الأول في البلاد المفوض في اتخاد أي قرار بموجب المادة 47 من قانون ميثاق السلم والمصالحة والقاضية ب "عملا بالتفويض الذي أوكله إياه استفتاء يوم 29 سبتمبر سنة 2005 وطبقا للسلطات المخولة له دستوريا يمكن أن يتخذ رئيس الجمهورية في أي وقت كل الإجراءات اللازمة لتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة".