كشفت مصادر متطابقة برئاسة الجمهورية أمس، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيستأنف نشاطه بشكل رسمي غدا الاثنين، وسيكون أول نشاط يدشن به عودته للساحة السياسية هو الإشراف على افتتاح ملتقى مجلس محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية بفندق الهيلتون بالعاصمة. رمضان بلعمري ويأتي هذا الظهور المرتقب بعد ما غاب الرئيس عن الأنظار لأزيد من 50 يوما، وهو غياب كيفه مصدرنا على أنه "عطلة من حق رئيس الجمهورية أن يأخذها نظرا لكونه لم يخلد للراحة منذ قدومه إلى قصر المرادية عام 1999". وكان غياب الرئيس بوتفليقة منذ أسابيع قد غذى الإشاعات مرة أخرى من خلال معاودة النفخ في "رواية مرضه"، والحق أن الشارع الجزائري لم يتوقف في الأيام الماضية عن ترديد مثل هذه الإشاعة رغم محاولة رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم كسر جدار الصمت في خرجة إعلامية له، ليقول أن "من حق الرئيس الخلود إلى الراحة كغيره من البشر"، لكن الشيء الذي لم يفسره بلخادم للرأي العام هو طول هذه المدة دون سابق إنذار، بينما يجبر وزراء الحكومة على قضاء أسبوع واحد كعطلة سنوية. ولم تبخل مناسبة زيارة كل من سعد الحريري رئيس الأغلبية النيابية في البرلمان اللبناني ومحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية إلى الجزائر الشهر الماضي في عز الحرب على لبنان، حيث لم يستقبلهما وكلف بلخادم القيام بهذه المهمة، في منح فرصة أخرى أمام الصحافة الوطنية لتحيي السؤال المشهور "أين اختفى بوتفليقة؟"، دون أن تعثر على إجابة واضحة لتفسير هذا الغياب، في الوقت الذي كان غياب اجتماع مجلس الوزراء طيلة أسابيع متواصلة القطرة التي أفاضت كأس التكهنات حول الأسباب الحقيقية لغياب الرئيس. وبرأي العارفين، فإن ما ينتظر بوتفليقة من ملفات ثقيلة لا تكفي معها عطلة 50 يوما التي اختارها "خلوة" لنفسه كي يدرسها ويفصل فيها. ويأتي في هذا السياق، ملف آجال ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي دخل دائرة الجدل السياسي ولم يخرج منها إلى غاية اليوم على رأس القضايا التي تنتظر موقفا واضحا من الرئيس باتجاه طمأنة النفوس الحائرة سواء من جهة المسلحين أو من جهة عموم الشعب الذي استعاد هو الآخر هواجس سنوات الإرهاب مع نهاية شهر أوت الماضي، وإلى جانب هذا الملف هناك ملف تعديل الدستور، في ظل مطالبة أهم شريكين لجبهة التحرير الوطني وهما حركة حمس والأرندي في التحالف الرئاسي، بوتفليقة بإخراج نسخته هو بعد عدم اقتناعهما على ما يبدو بنسخة بلخادم لتعديل الدستور. وعلى المستوى الشعبي، تأتي قضية ترسيم الزيادات الأخيرة والفصل في مسألة رفع الأجر القاعدي إلى 10 آلاف دينار لكل العاملين سواء في القطاع العام أو الخاص، لتزيد من حساسية الدخول الاجتماعي الحالي أمام الرئيس بوتفليقة الذي يهمه بالتأكيد السعي إلى شراء السلم الاجتماعي مهما كان الثمن. وبالعودة إلى ملتقى محافظي البنوك العرب الذي تجري أشغاله غدا الاثنين بفندق الهيلتون، فليس معروفا لحد الآن طبيعة الخطاب الذي سيلقيه الرئيس بوتفليقة على مستمعيه، وهل سيكون مناسبة له للفصل في كل ما يشغل بال الجزائريين، أم أنه سيؤجل الأمر لأول اجتماع لمجلس الوزراء بعد عطلة ال50 يوما؟