إرتفع خلال السنة الحالية عدد معتنقي الإسلام في مختلف مدن الجزائر وبلغ أرقاما لم يسبق وأن عرفناها، حيث قاربت الخمسمائة حالة قبل ثلاثة أشهر من نهاية عام 2006، وإذا كانت إحصاءات السنوات السابقة قد منحت على الدوام الغلبة والقوامة للنساء الأوروبيات اللائي قدمن مع أزواجهن الجزائريين ودخلن في دين الله أفواجا، فإن التفوق الرجالي الأوروبي هذا العام أصبح طاغيا وانتهت معظم إعلانات الشهادة بعقد قران المسلم الجديد مع شابة جزائرية كان قد ارتضاها قبل إعلانه الزواج، وأيضا ارتضته. ناصر إجراءات صارمة.. وبطاقة إسلام مثل كل الدول الإسلامية، قامت وزارة الشؤون الدينية بالجزائر بتحرير شهادات أو بطاقات إسلام بالنسبة للأجانب، وهو إجراء إداري مهم بالنسبة لمعتنقي الإسلام وللدولة المستقبلة، إذ يستطيع المسلم الجديد ممارسة حياته الاجتماعية والإدارية بكل حرية، وخاصة الزواج بجانبيه الشرعي والإداري، حيث لا يصحّ لإمام المسجد قراءة فاتحة القران ما بين جزائرية وأوروبي أو آسيوي من دون شهادة الإسلام، كما لا يمكن للبلدية تحرير عقود القران، والدفاتر العائلية في غياب ذات الشهادة، كما يحتاج الوافد الجديد على الإسلام الشهادة إذا أراد أداء مناسك العمرة والحج وفي قضايا الميراث وغيرها من الأمور الإسلامية التي تلزمه واجبات وتمنحه الحقوق مثل نفقات الطلاق، وتحفظ ملفات كل معتنقي الإسلام، وعددهم بالمئات في مختلف ولايات الوطن، لدى نظارات الشؤون الدينية في مقر الولاية التي أعلن فيها الشهادتين بعد أن يكون (المسلم) قد مرّ عبر جلسة اعتناق الإسلام مليئة بالبيانات الخاصة بالمسلم وإجابات لأسئلة يطرحها عليه رئيس الجلسة مثل درجة قناعته بالإسلام وأسباب اختياره للدين الحنيف وهذا بحضور شهود، ويكون الملف ممضى ومبصما عليه من طرف المعني، ويتم إخطار مصالح لأمن، وهو إجراء ضروري خاصة أن جمهورية مصر سبق لها وأن ضبطت جواسيس متورطين وتابعين للمخابرات كانوا قد أعلنوا إسلامهم دون محاضر جلسات، ويمنع حاليا منعا باتا أن يتم إعلان إسلام أي شخص داخل مسجد في الجزائر من دون محضر جلسة اعتناق الإسلام والملف الخاص، في الوقت الذي انتقد البعض هذا الإجراء ووصفوه بالبيروقراطي والمعقد بالنسبة لدين السماحة والبساطة، وراحوا يقارنوه بردة بعض الجزائريين عن الإسلام إلى المسيحية وكيف يتم استقبالهم من بعض الكنائس بالورود، لكن عموما يعترف كل معتنقي الإسلام في الجزائر بالترحاب الكبير الذي يلاقونه خاصة في المساجد، حيث تعلوا التكبيرات والتهاني من الجميع، ولجأ البعض إلى الإسلام بلا إعلان في زمن الخوف من الحملة الغربية في إطار ما يسمى بمطاردة الإرهاب المرتبط للأسف بالنسبة للغربيين بالإسلام، كما أن قناعة البعض تجعلهم يدخلون في دين الله من دون الجهر بإسلامهم. وكانت وزارة الشؤون الدينية منذ تسلّم السيد غلام الله الحقيبة، قد راسلت منذ حوالي سنتين مختلف المديريات عبر مذكرة لكل الأئمة طالبتهم من خلالها باتخاذ الإجراءات القانونية أمام حالات اعتناق الإسلام لأجل تطبيق منشور صدر في 25 جوان 2003 طبقا لمرسوم من رئيس الجمهورية بوتفليقة به 18 مادة أهمها تحمّل معتنق الإسلام تبعات أخطاء الغش والتزوير، وتكمن أهمية هذه الشهادة أنه معترف بها في كل الدول العربية، حيث يمكنه استعمالها في رحلات العمرة والحج وحتى المناطق المقدسة لدى الشيعة في النجف وكربلاء العراقية وقم الإيرانية. أرقام قياسية في كل الولايات دخول المؤسسات الأجنبية التراب الجزائري وعودة الأوروبيين بقوة ضاعف من أرقام معتنقي الإسلام، وتبقى الأرقام التي تعلنها مديريات الشؤون الدينية بعيدة عن الحقيقة، ومع ذلك فإن المعلن عنهم هذا العام بلغوا رقما مهما، ففي مدينة سكيكدة أعلن في اليوم الثاني من رمضان (الإثنين 24 سبتمبر) الحالي فرنسي يدعى ديدي مزغام إسلامه واختار اسم سفيان، وهو مراقب تقني بورشات عدل التي تنجز بهندسة صينية سكنات في قلب المدينة التي قضى بها 15 شهرا وعندما أعلن الفرنسي إسلامه بمسجد سيدي علي الذيب أهداه الإمام مصحفا مترجما باللغة الفرنسية، وهو ما طرح التساؤل إن كان هذا الفرنسي لم يقرأ أبدا القرآن بالرغم من أن الترجمة موجودة في كل مكان!! إمام المسجد الشيخ عبد الرحمان حشاني قال بفرح إن هذا الفرنسي سيتزوج قريبا من امرأة سكيكدية!! ويعتبر هذا الإعلان السابع من نوعه في ولاية سكيكدة وأيضا تبعها الزواج السابع من بنات المنطقة، ولوحظ اعتناق أيضا شاب صيني من موظفي عدل للإسلام وارتباطه بجزائرية، مع الإشارة إلى أن مصالح الطفولة المسعفة بمدينة سكيكدة سجلت رضيعين لقيطين من أب (فاعل) صيني! وفي بلدية بوشقوف الواقعة بولاية ڤالمة وبقرية بورياشي المحرومة أعلن الإيطالي مانياشي كونو روبيرتو إسلامه في صلاة الجمعة 28 أفريل الماضي، ولم يمض على الحدث حتى عقد هذا المسلم الجديد (41 سنة) قرانه على شابة تقطن في ڤالمة !! كما أعلن إيطالي آخر يوم الجمعة السابع من أفريل الماضي إسلامه بالمسجد الكبير بمدينة جيجل وهو مهندس ضمن شركة إيطالية تعمل في الولاية، وأكمل نصف دينه مع شابة جيجلية أياما بعد إسلامه!! أما في مدينة عنابة العاصمة الاقتصادية في شرق البلاد، فإن اعتناق الإسلام طال الإيطاليين والفرنسيين وبلغ الصينيين والهنود، وتم إحصاء عشر حالات كاملة منذ بداية العام وكلها لرجال فقط، وكل الحالات أيضا انتهت بالزواج من شابات عنابيات!! ولم نسجل خلال الأشهر التسعة الأولى في ولايات الشرق إلا حالة واحدة لامرأة اعتنقت الإسلام حدثت في مسجد عبد الحميد بن باديس بالقرارم بولاية ميلة ومن امرأة فرنسية من مواليد 1966 وأم لثلاثة أطفال ومتزوجة من جزائري مغترب، وهذا في صلاة الجمعة من 19 أوت الماضي، هذه الحالات تكررت وسط وغرب الوطن بشكل جعل الزواج من جزائرية شبه (لازم) لكل عملية اعتناق للإسلام، في الجزائر التي كانت تشهد في السابق الغلبة للنساء وتحولت بشكل طاغي نحو الرجال. صينيون بلا صينيات! أصبحت الجالية الصينية في الجزائر هي الثانية عددا ضمن الجاليات الأجنبية، ويتضاعف عددها مع فوز عدد من الشركات الصينية بمزيد من الصفقات في مختلف القطاعات، ولكن الملاحظ في هذا التواجد هو أنه رجالي بنسبة تقارب 100٪، ويحتاج هذا الجيش الرجالي الصيني لممارسة حياته البيولوجية، ويجد البعض أنفسهم مجبرين على الزواج من جزائريات وهي العلاقة الممنوعة إلا في حالة قراءة الشهادتين وامتلاك بطاقة الإسلام، لأجل ذلك شهدت وهرانوعنابةوالجزائر العاصمة وتيزي وزو حالات اعتناق رجال صينيين للدين الإسلامي أمام الملأ. وحسب دراسة أطلعنا عليها الأستاذ حسين بوعافية وهو إمام مكلف بمكتب الشعائر حول معتنقي الإسلام في الجزائر، خلص فيها إلى أن مختاري دين الله الحنيف هم في غالبيتهم من الكاثوليك.. أما خلال السنة الحالية فإن البوذيين من أهل الصين نافسوا الكاثوليك ولم يتم تسجيل إلا حالتين ليهود اعتنقوا الإسلام في الجزائر العاصمة في بداية الثمانينيات ،وهما من مواليد الجزائر ولم يغادرا أبدا فاعتنقا الإسلام. بكثير من التحفظ خاض عدد من الأئمة في سؤال عن الذين يتزوجون من جزائريات بمجرد أن يعلنون إسلامهم، ويأتي التحفظ إتقاء للشك وظلم طالبي الدين الحنيف، ولكن بعض الأئمة أكدوا أن عددا من معتقني الإسلام لا يفقهون شيئا من الدين، وواضح أنهم متسرّعون لنطق الشهادتين والانتهاء من (إجراء) يحقق لهم العيش مع جزائرية، هي في الغالب تحلم بالهجرة وأوراق الإقامة مع زوجها الأوروبي.. وكان بعض أئمة الأزهر الشريف قد وصفوا مثل هذه العمليات (الريائية) بأشبه بزواج المتعة التي ينفذها شاب من ديانة غير الإسلامية على شابة مسلمة هي في حقيقتها ترتكب حراما عندما ترهن نفسها لشاب أسلم بلسانه وقلبه يدين ديانة أخرى أو من دون دين، ولم تتوقف الحادثة عند هذا الحد، فقد أحصى لنا السيد دليل بوبكر عمدة مسجد باريس ما لا يقل عن عشرة من الفرنسيين يعتنقون الإسلام في الأسبوع في باريس فقط.. واعترف بأن بعضهم يلجأ إلى هذا (الإجراء) لأجل الزواج من جزائرية كان والدها قد اشترط قبل الدخول بها اعتناق الإسلام. في انتظار (نصر الدين ديني) جديد شهد الإسلام خلال القرن الماضي أفواجا من معتنقيه دخلوا أبوابه مثل الملاكم كاسيس كلاي (محمد علي) وأسطورة الملاكمة تايسن وكرة السلة كريم عبد الجبار والفيلسوف ميشال فوكو والمفكر روجي غارودي والمطرب الإنجليزي الشهير كات ستيفنس، لكن أشهر من اعتنق الإسلام في تاريخ الجزائر هو الرسام الفرنسي الخالد نصر الدين ديني وإسمه الحقيقي (ألونس إيتيان دينات) الذي أعلن إسلامه عام 1927 وباركه عبد الحميد بن باديس الذي راسل من قسنطينة نادي الترقي بالعاصمة مكان إعلان (ديني) للشهادتين.. ديني قيل بشأنه (لو كان للرسم جائزة نوبل لأحرزها ديني لعشر سنوات متتالية). للأسف ديني ترك كتابا عن السيرة النبوية كتبه في الجزائر وأهملناه، وللأسف لم نعط لهؤلاء الذين اعتنقوا الإسلام (لعدة أسباب) إلا عددا من النساء.. وكما قال الشيخ الغزالي (لو كنت هولنديا ما اعتنقت الإسلام) وقال الشيخ عبده (ذهبت إلى الغرب فوجدت الإسلام ولم أجد المسلمين وعدت إلى الشرق فوجدت المسلمين ولم أجد الإسلام)، فإن الجزائر مثل مختلف الدول الإسلامية ما زالت منفرة من دين الله الحنيف، وتواجد هؤلاء الآلاف الذين يعتنقدون الإسلام سنويا هو من فضل ربي.. وليس من فضل هاته الأوطان.