تداخل عالم المرأة مع عالم الرجل في الآونة الأخيرة فتشابهت متطلباتهم ولم يعد غريبا أن ترى رجالا يلهثون وراء آخر صيحات الموضة في اللباس وأغلى ماركات العطور، بعد أن كان الأمر يقتصر على النساء فقط، حتى أن اهتمام الرجل الجزائري بأناقته مهما كلفه ذلك أصبح يفوق أحيانا اهتمام المرأة. نادية سليماني هناك من يُرجع انتشار الروائح الزكية في الطرقات والحافلات وفي أماكن العمل لوضع النساء لماركات راقية من العطور، لكن ماذا لو اكتشفتم أن معظم تلك الروائح تنبعث من الرجال لأنهم بدورهم اصبحوا يقتنون عطورا جذابة باهظة الثمن، حيث لا يقل أدنى سعر لها عن 5000 دينار ليصل حتى 10 آلاف دينار، فعطر »ازارو« مثلا ب9 آلاف دينار، أما عطور "يوقو بوس"و"جيفنشي"و "كارتيي" و"لاكوست" الأصلية فتتجاوز ال10 آلاف دج. بطال ويشتري عطرا ب5 آلاف دينار!! لا عجب إذا رأينا رجالا ميسوري الحال يشترون ماركات عالميّة للعطور لأنها تعتبر من الكماليات لديهم ولكن أن ترى شبابا يشغلون مناصب إدارية بسيطة وحتى بطالين يدفعون معظم مرتباتهم في قارورة عطر لا تتعدى سعتها 100 مل لهو بالأمر المُحيّر حقا، وهو حال "سمير"الموظف في صندوق التقاعد والذي لا يستغني عن عطره المفضل "أوبيوم" الذي يتجاوز ثمنه 5 آلاف دينار، وهو تقريبا نصف مُرتبه. لدرجة أن رائحته أصبحت مثل هويته فكل من يشمّها يتحقق من مجيء سمير للعمل. "كمال" هو الآخر من المدمنين على ماركات العطور الغالية رغم أنه تاجر بسيط يضع طاولة صغيرة في سوق علي ملاح لبيع الأحذية النسوية، حيث أخبرنا أنه كلما تتاح له الفرصة يقتني عطرا غاليا وهو غير مستقر على نوع معيّن، فقد جرّب مُعظمها مثل "الترافيوليت" و"امبريو ارماني" و"أنجل بي" التي تتراوح أسعارها بين 4 آلاف و7 آلاف دينار. وعن رأي النساء في الظاهرة فقد أجمعت معظمهن أنهن يحبذن وضع الرجال للعطور خاصة الغالية منها، ف"رانيا" أخبرتنا أنها أهدت زوجها قارورة عطر "أم سفن" في عيد ميلاده بعد أن جمعت ثمنه بشق النفس كونها ماكثة بالبيت. أما أخريات فقد أبدين امتعاضا من هذه الظاهرة وصنفنها في خانة الغرور والظهور بمظهر مميز وتقليد الآخرين، ومنهن "سميرة" المتزوجة حديثا فهي تقول "أنا أرفض أن يضع زوجي عطرا غالي الثمن، فالعطور الجزائرية كثيرة ومتنوعة ومن النوعية الجيدة وهي في متناول الجميع، فلن نهدر 9000 دينار لشراء قارورة عطر في حين تحتاج بيوتنا وأولادنا لهذا المبلغ لتوفير بعض الضروريات". لقد شهدت سوق العطور المحلية في الجزائر تطورا ملحوظا حيث أصبحت تضاهي أحيانا نظيرتها الأجنبية، فمثلا عطور "فينيس" أصبحت لها مكانة في السوق الجزائرية وحتى العربية لجودتها. إن كان الأغنياء معذورين في وضع عطور رفيعة ،لأن لهم من الإمكانات ما يسمح لهم بذلك، لكن ما بال البطالين يلهثون وراءها في حين يتوفر البديل وبأثمان معقولة، ولكن حتى هذا البديل يستغني عنه البعض تاركين روائح عرقهم النفاثة تنفر الجميع وهذا ليس من صفات المسلم النظيف.