الصحفي محمد لمسان في ذمّة الله    منتدى أعمال جزائري صيني    مزيان يحثّ على تهذيب برامج رمضان    وضع الموانئ الجافة تحت تصرف المؤسسات المينائية    نحو إعادة النظر في تنظيم غرف التجارة والصناعة    نحو إنشاء أقطاب صناعية بالعديد من ولايات الوطن    وحدة الموقف العربي ورفض مخططات التهجير    سوريا تشتعل في عزّ رمضان    فيلم يرصد بعض جرائم فرنسا بالجزائر    الحوادث المنزلية تهدّد الأطفال في رمضان    اعتماد الفرز الانتقائي والاقتصاد الدائري    شركة جزائرية تُكرَّم في قطر    51 سنة على سقوط طائرة الوفد الجزائري بفيتنام    على مائدة إفطار المصطفى..    أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ    العفو عند المقدرة    برنامج تأهيلي للحجاج    ترقية التعاون الثنائي إلى مستوى التكامل الاستراتيجي    قوجيل يدعو النساء للاقتداء بجميلات الجزائر    تكثيف الجهود للقضاء على إرهاب الطرقات    استفزاز فرنسي – مغربي جديد.. والجزائر تحذّر    عشرات الهيئات المغاربية والأوروبية تندّد بتصاعد القمع المخزني    التقرير السنوي يفضح انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية    تجديد النّظر في القضايا الفقهية للمرأة من منطلق فقهي رصين    أولوية قصوى للجامعة لمرافقة الاقتصاد الوطني    الإنتاج المحلي يغطّي 76 % من احتياجات الجزائر    فيديو يكشف تعرّض صاحب شاحنة لاعتداء    خليف: أستهدف ألقابا جديدة وتحدياتٌ كثيرة تنتظرني    دعوة لإماطة اللثام عن أدب محمد ديب    مدارس الموسيقى الكلاسيكية تلتقي عند "بوعلام بسايح"    إحياء سهرة فنية أندلسية بأوبرا الجزائر    بن سبعيني أكبر مستفيد من إصابة سفينسون مع دورتموند    منح الاعتماد لأول شركة تمويل تساهمي في الجزائر    كمال منصوري مديرا عاما جديدا لبنك التنمية المحلية    بن ناصر يرفض العودة لنادي ميلان الإيطالي    استيراد كميات معتبرة من اللحوم في الأيام المقبلة    872 جريمة خلال فيفري    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات خدمة الحجاج والمعتمرين    إعطاء إشارة انطلاق تركيب أول وحدة لمركز البيانات الوطني الثاني بالبليدة    باتنة..المجاهدة نعيمة معلم … مثال حي لكفاح المرأة المرير ضد المستعمر    تيارت: سعداوي ينقل تعازي رئيس الجمهورية في وفاة تلميذين إثر حادث مرور    الكشافة الاسلامية الجزائرية: نشاطات تضامنية مكثفة بمناسبة شهر رمضان    رئيس الجمهورية يجدد التأكيد على حرصه الدائم على تعزيز مكانة المرأة في المجتمع    كرة القدم : وفاة اللاعب السابق لمولودية وهران مجاهد سنوسي    وزير الاتصال يعزي في وفاة الصحفي بالإذاعة الوطنية محمد لمسان    مليكة دمران: صوت جرجرة الصداح من أجل انعتاق المرأة    51 سنة تمر على حادثة سقوط طائرة الوفد الإعلامي الجزائري بفيتنام    كرة القدم داخل القاعة : المنتخب الجزائري يواصل تربصه بمركز فوكة    الأونروا : تدمير مخيمات اللاجئين تحول إلى أكبر تهجير للفلسطينيين منذ حرب 1967    الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس" (الجولة 19) : مولودية الجزائر تعمق الفارق في الصدارة    الإنتاج الصيدلاني الوطني يغطي 76 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    قد تفلت منا صناعة التاريخ..؟!    بنك الجزائر ينشر تعليمتين تتعلقان باعتماد البنوك الرقمية    شهر الجود    حين يلتقي الفن بروحانية الشهر الفضيل    الرابطة الثانية – هواة /الجولة 22/ : نجم بن عكنون ومستقبل الرويسات في مهمة صعبة خارج الديار    كرة اليد/القسم الممتاز/سيدات/ تسوية الرزنامة : فوز نادي فتيات بومرداس على نادي باش جراح    









أقل من ثورة، أكبر من انتفاضة..
خطأ أن تكتب.. خطيئة أن تنسى
نشر في الشروق اليومي يوم 28 - 09 - 2011

طرح أمس خبراء في السياسة والفكر والإعلام، سؤال بحجم المأساة هو: هل ما نشهده اليوم انتفاضات أم ثورات؟ وكانت الإجابة إننا إزاء "شكولاطة" لا هي بيضاء ولا سوداء، فلا هي ثورة ولا هي انتفاضة، إنها منتوج عربيّ غير قابل للتسمية (..) أو ربّما هي أكبر قليلا من انتفاضة وأقل كثيرا من ثورة.. ولكن كيف حال سؤال كهذا في التاريخ؟
*
يخطئ من يقول إن وضع العرب غدا سيكون أفضل مما هو عليه الآن.. لأن واقع الحال لا يحتاج إلى تحميض الصورة أكثر مما تبرزه بتفاصيلها وتجلياتها، فانتكاسة بني الأحمر وسقوط غرناطة منذ خمسة قرون لا يختلف أبدا عن سقوط الجزائر في أيدي "دي بورمون" بعد أن غدر الداي بقائد جيشه يحيى آغا وأحلّ محله زوج ابنته إبراهيم آغا الذي أعطى جنوده عشرة خراطيش قائلا لهم: "بهذه الذخيرة تهزمون فرنسا.. وكل أوروبا"، وسقطت الجزائر المحروسة في أيام قليلة.. دون أن تقاوم كما كان يأمل يحيى آغا الذي نصبت له مشنقة بتهمة الخيانة..
*
والصورة ذاتها، إنما بتحميض ملوّن، وقعت ببغداد التي اكتشف العالم أنها مدينة دون أسوار وبلا جيش، دخلها الأمريكان وحلفاؤهم غير مصدقين، وتحدث الناس في العلن عن خيانة، وفي السر عن صفقة، وفي شرم الشيخ عن ترتيبات لا يفهمها إلا الراسخون في السياسة..
*
وبين غرناطة وبغداد، مشاهد نكبات وانكسارات وهزائم، يمكن أن تفسر سياسيا بانتفاء الشرعية، وأخلاقيا بتفشي الفساد، وحضاريا ببلوغ الحد الأقصى من الشعور بمسؤولية قيادة العالم (..)، وهكذا حدث الانكماش الكبير الذي جعل العرب يقتنعون أنهم ليسوا أكثر من عشرين دولة يحدها شرقا الماء، وغربا الماء وشمالا الماء، وجنوبا.. الصحراء، إنما يتحكمون ولو جغرافيا في المنافذ الحيوية للعالم من جبل طارق، حتى خليج عُمان، مرورا بقناة السويس، والعقبة، وباب المندب.. وينامون على رُبع احتياطي العالم من النفط، إنما لا يمتلكون ربع قرار سيادي في الداخل، كما في الخارج.
*
وإذا كنا من أنصار المنهج التبريري فإننا سنقنع أنفسنا بأن ما يحدث من صراعات بين البلدان العربية سببه الاستعمار البغيض جدّا (..)، وهو كالعادة المشجب الذي نعلّق عليه عجزنا، وهو أيضا قميص عثمان، وفي أحسن الأحوال الذئب الذي اتهموه بأكل يوسف وهو بريء من فعل إخوته (..)، فلماذا الإبقاء على "حجة الاستعمار" كحالة تبرير دائمة، مثيرة للتشنج ومسببة للاحتقان، ما دامت المسافة بيننا وبين هذه "الاستعمارات التقليدية" صارت أبعد ما يكون التفكير فيها.. ولم تعد الأجيال الجديدة تفهم حديثا من هذا إلا في التاريخ؟، ولكن يبدو أن المفكر مالك بن نبي عندما أطلق مقولته الشهيرة "القابلية للاستعمار"، كان مدركا لأبعاد ذلك بتفكيكه العقل العربي تفكيك العارف بخباياه..
*
فالمبرر إذن لم يعد مقنعا لكثير من النّخب، بل حتى ولو تعلق الأمر بامرأة في ريف صنعاء أو صحراء غدامس أو جبال الناظور.. لا تكتب ولا تحسب. فالمسألة متصلة بالشرعية والحرية والتنمية والعدالة.. وبعض التفاصيل.
*
إنّ العملة الأكثر تداولا في أنظمة الحكم العربية، هي إذكاء الشعور بالانتماء الوطني من خلال النّخب المتواطئة، وكثيرا ما تكون الاختلافات والخلافات (العربية- العربية) وما يتخلل ذلك من بقايا التاريخ الدّامي بين هذا البلد وذاك، ولو تعلّق الأمر بالجلد المنفوخ، مدعاة لتأجيج نار نائمة، وبالتالي فإن التخلي عن عنصر كهذا يعني أن تقوية الجبهة الداخلية لا يتم إلا وفق أنماط الدولة المؤسساتية المبنية على الشرعية الكاملة، لا الشرعية المجزأة التي كثيرا ما تكون غطاء لتصرفات غير شرعية..
*
إن الانهيار الكبير الذي واجهه العرب منذ نكبة فلسطين وعجزهم عن بناء نظام عربي متماسك وموحد كفيل بتفكيك الألغام الجاهزة للانفجار بين هذا البلد وذاك، هو الذي حال دون بلوغ العرب مستويات الفهم الحقيقي لمشكلتهم مع أنفسهم ومع شعوبهم ومع الآخرين.. رغم أن الشعوب، تبيّن أنها أحيانا تبدو أكثر وعيا من الحكومات، أي أن المجتمع متقدم عن الدولة.
*
أمّا الجامعة العربية، بيت العرب الذي لم تعد له جدران ولا سقف، فهي تأمل في زمن أمينها العام الحامل اسم نبيل العربي، لتأكيد عروبتها، بعد أن رحل عمرو وواوه (..) كان عليها أن تكون فضاء لحل المشكلات العالقة، فاتضح أنها هي نفسها بحاجة إلى إصلاح واقعي وعميق يمكنها من أن تنشئ، وهو الحد الأدنى، محكمة عربية للفصل في نزاعات الداخل والخارج لمنع الغرباء من حشر أنوفهم في المطبخ العربي، غير أنّ أسئلة الواقع هي كم يلزم من الوقت ليكون للفلسطينيين دولة، ومتى تعالج مسألة الصحراء الغربية، وليس للجامعة موطئ قدم فيها (..)، ومتى ترتاح البلدان العربية كلّها من متاعب الحدود، والأمن والإرهاب، والطائفية، والولاءات القاتلة؟ فأينما وليت وجهك عربيا فثمة أزمة، وألغام سياسية مزروعة شرقا وغربا..
*
إن لم يكن هناك حدّ أدنى من التضامن العربي فأبشروا باستنساخ لجيل جديد من ملوك الطوائف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.