يوجد في أجندة وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يحل اليوم ببلادنا في زيارة رسمية تدوم يومين، أسماء أربعة مسؤولين جزائريين رفيعي المستوى للقائهم يتقدمهم الرئيس بوتفليقة، ثم رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، ثم وزير الخارجية محمد بجاوي وأخيرا نظيره وزير الداخلية يزيد زرهوني، وتأتي الزيارة غداة تجديد بلخادم مطالبة باريس الاعتراف بجرائمها المرتكبة في الجزائر. و لئن كان الحدث الذي سبقت إلى الكشف عنه "الشروق" في زيارة ساركوزي الثالثة من نوعها في ظرف عامين، يتمثل في إعلانه عن تقليص مدة منح التأشيرة للجزائريين الراغبين في الانتقال إلى فرنسا، فإن الوجه الآخر لزيارة وزير الداخلية ورئيس الحزب الحاكم الاتحاد من أجل الأغلبية الشعبية في آن واحد، له علاقة مباشرة بالسباق الانتخابي على كرسي قصر الإليزي عام 2007 بين ساركوزي والرئيس جاك شيراك، حيث يبدو أنه أصبح من تقاليد السياسة في باريس ضرورة القيام بجولة إلى الجزائر التي تمثل جاليتها أكبر الجاليات المهاجرة المقيمة في فرنسا. وبالعودة إلى بيان وزارة الداخلية الفرنسية الذي كشف عن موعد الزيارة وبرنامجها، فيمكن قراءة ما يلي "الزيارة تدخل في إطار تقوية التعاون الثنائي وخصوصا مجال تنقل الأشخاص ومحاربة الهجرة غير الشرعية وكذا محاربة الإرهاب والجريمة"، و أيضا نقرأ أن "ساركوزي سيلتقي يوم الثلاثاء رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة". ومن المهم القول أن إعلان ساركوزي عن تقليص مدة منح التأشيرة للجزائريين إلى أقل من أسبوع، بقدر ما يفرح الحالمين ب"الهربة" من الشباب الجزائري، بقدر ما يعد رضوخا فرنسيا لأحد المطالب الجزائرية الذي ظل يلح عليه الطرف الجزائري وخصوصا الرئيس بوتفليقة في كل مناسبة تتعلق بالحوار بين دول ضفتي البحر المتوسط، والمتمثل في "ضرورة تسهيل تنقل الأشخاص مثلما تنتقل السلع بحرية بموجب اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي". ومع ذلك فإن من شأن قرار كهذا، في وقت لم تحسم فيه بعد مسألة تحديد آليات محاربة الهجرة غير الشرعية، أن تصب نتائجه الإيجابية في حساب المترشح المعلن للرئاسيات الفرنسية نيكولا ساركوزي في مواجهة الرئيس شيراك الذي لم يستفد من زيارته التاريخية إلى الجزائر عام 2003 على ما يبدو، بدليل أن معاهدة الصداقة التي تم التطرق إليها أنذاك لم تعرف بعد طريقها إلى المصادقة عليها. وقد يكون ملف الصداقة الذي يرافع لصالحه كل من شيراك وساركوزي، ورقة "انتخابية" رابحة في يد ساركوزي الزعيم الحالي للحزب الحاكم في باريس، حيث سيلتقي الرئيس بوتفليقة وكذا عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب الأغلبية البرلمانية في الجزائر وكذا وزير الخارجية محمد بجاوي، رغم أن المناورة بهذا الملف في سباق الرئاسيات الفرنسية قد تفطنت له الجزائر، فوضعت شرطا كبيرا يتوجب على ساسة باريس تلبيته، ويتمثل في الاعتراف بالجرائم الفرنسية المرتكبة في الجزائر قبل الجلوس على طاولة التوقيع على معاهدة الصداقة. وهو ما عبر عنه رئيس الحكومة في منتدى التلفزيون ليلة السبت إلى الأحد بكل وضوح عندما جدد الدعوة لشيراك كي تعترف بلاده بجرائمها المرتكبة في الجزائر بدل مطالبة تركيا بالاعتراف بمجازر الأرمن. ويأتي مرور الذكرى الثانية لانتفاضة الضواحي في باريس كذلك، ليجعل من نزول ساركوزي بالجزائر فرصة مناسبة لدغدغة عواطف الجالية الأجنبية - خصوصا الجزائرية منها - المصدومة من تصريحات الوزير الفرنسي في السنة الماضية، حيث وصف أنذاك سكان الضواحي ب"الأوباش" والمنحرفين. رمضان بلعمري في سرية بالغة وإجراءات أمنية مشددة وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي يزور تبحرين علمت "الشروق اليومي" من مصادر جد مطلعة أن التحضيرات الجارية على قدم وساق بالضاحية الغربية لمدينة المدية إلى بلدية ذراع السمار والتي أخذت من جهد ووقت المسؤولين المحليين الكثير، بل وجعلت والي الولاية يشرف بشخصه على كثير من أشغالها، تتعلق في النهاية بزيارة وزير الداخلية الفرنسي "نيكولا ساركوزي" اليوم الإثنين، إلى كاتدرائية الأطلس الواقعة بتبحرين، التي اغتالت الجماعات الإرهابية طاقمها التبشيري خلال الأزمة الأمنية، وقد أحيطت زيارة ساركوزي هذه بسرية بالغة وبتشديدات أمنية كبيرة جعلت سكان المدية في بحر من الإشاعات بشأن الضيف الذي سيحل على ولايتهم. وقد أوعزت مصادرنا سبب هذه السرية إلى ارتفاع الحاسة الأمنية الفرنسية حيال الأوضاع في الجزائر عامة والمدية على وجه الخصوص، وإلى خشية من أي احتجاج قد يصنعه الشارع بعاصمة الولاية التاريخية الرابعة ضد أول مسؤول فرنسي من حجم وزير للداخلية تطأ قدماه تراب ولايتهم التي اكتوت بنار الاستعمار وتلظت بعذاباته، خصوصا وأن ساركوزي كان أحد أكبر المدافعين عن قانون "تمجيد الاستعمار"، ولم تستبعد مصادرنا أن يكون موضوع إعادة تنشيط الكاتدرائية محل الزيارة، بفريق تبشيري من رهبان كنيسة بيت لحم "الفلسطينية" أحد أهداف الزيارة، غير أن انتقال ساركوزي إلى تبحرين وعبر طائرة مروحية، أزيلت بعض المرافق الرياضية من ملعب ذراع السمار، لتحط فيه، سيكون حتما ضمن خطة انتخابية مسبقة تلعب على وتر الطبقات المتدنية بفرنسا في صراع التنافس على كرسي الرئاسة الفرنسية. م. سليماني