اليابانيون رغم الهزات الأرضية التي تضرب بلادهم كل يوم، يخططون منذ زمن لتنظيم مونديال 2050 وسيكون لهم ذلك دون شك، والصينيون رغم عبء تعدادهم الكبير ومتاعب الحياة اليومية، خططوا لتنظيم أولمبياد 2008 منذ عشرين عاما وكان لهم ذلك، ويهيئون الأجيال الصاعدة للهيمنة على الرياضات العالمية والتفوق على الأمريكيين والأوروبيين بحلول أولمبياد 2020 . أما نحن، بكل ما نملكه من ثروات بشرية وطبيعية ومادية، وبكل الرصيد الذي يزخر به العشرون مليون شاب وشابة، قد لا نجد من يمثلنا في أولمبياد لندن، ولا نقدر على توفير أدنى الشروط لتحضير الملاكمين والسباحين والعدائين والمصارعين الدوليين الذين لا يتعدى عددهم المائة رياضي، وبالتالي لن نقدر على الفوز بميدالية أولمبية.. * بلدنا لم يعد يقدر أيضا على تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا، أو تنظيم دورة كروية تأهيلية للأولمبياد، ولا حتى منافسة قارية في رياضات أخرى، ولا تستطيع شبيبة القبائل المشاركة في كأس الكاف، ولا تستطيع نوادينا دفع رواتب لاعبيها، ولم تقدر اتحادية كرة اليد مثلا على إطلاق منافسات الدوري، كما لم تقدر اتحاديتا كرة السلة والكرة الطائرة على دفع مستحقات الحكام للموسم الماضي. أولمبياد لندن غدا ولا أحد يتحدث عنها، ولا نعرف شيئا عن مشاركة الجزائر فيها سوى إمكانية تأهل منتخب كرة القدم الذي لا يريده البعض لأنهم يعتبرونه إنجازا جديدا للاتحاد الجزائري، ولا يخدم إستراتيجيتهم في محاربة النجاح. وأذكر جيدا أن السلطات والاتحاديات بعد أولمبياد بكين 2008، وعدونا بمشاركة كمية ونوعية وبنتائج أفضل في لندن.. وها هم يؤجلون الوعود إلى أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 دون أن يعلنوا ذلك صراحة! الرياضيون في الجزائر لا يشعرون ولا يدركون بأننا نعيش سنة أولمبية، ولا أحد يتكلم عن تراجع الرياضات الفردية والجماعية الأخرى، وعن الحضور المحتشم المتوقع في أولمبياد لندن لبلد بحجم الجزائر، نحسب فيه الممارسة الرياضية والمشاركة في المنافسات بالدنانير لا بالمعايير والمقاييس الفنية والعلمية والمعنوية والاجتماعية.. بلد نحسد فيه أبناءنا ونحرمهم من التمتع بخيرات الوطن وتفجير طاقاتهم والتعبير عن قدراتهم، ونحاسبهم على مكافآت ومزايا يتحصلون عليها، ولا نحاسب من يسرقون وينهبون أموال الجزائريين في كل القطاعات. المسؤولون عندنا من جهتهم لا يترددون في الإقرار بالفشل وانعدام الكفاءات ونقص المرافق والإمكانات، ويعلنون صراحة أن الجزائر "غير قادرة" على احتضان منافسات رياضية، ومن جهة أخرى تجدهم يقولون بأن الجزائر وفرت كل الإمكانات للرياضيين الجزائريين، وشيدت المرافق والملاعب، وأذكر أنهم قالوا للرئيس وللوزير الأول أثناء الحملة الرئاسية لانتخابات 2009 بأن الجزائر بإمكانها تنظيم كأسين عالميتين في كرة القدم! المسؤولون قالوا أيضا بأن الغاية من المشاركة في الألعاب الإفريقية الأخيرة هي التحضير لأولمبياد 2016، وهم الذين قالوا لنا قبل أولمبياد بكين بأن أهدافنا هي أولمبياد لندن، ولا يترددون في تأجيل وتأخير المواعيد كل مرة هروبا من المسؤولية المعنوية والتاريخية.. عندما نقر بهذا العجز والضعف وعدم قدرتنا على تحديد أهداف وتوفير شروط تحقيقها، هل يمكن الحديث عن دولة وسلطات واستراتيجية في مجال الرياضة؟ وهل يمكن تصديق ما يقال اليوم بأننا لسنا جاهزين في2011 لاحتضان منافسات رياضية في بلد احتضن الألعاب العربية والألعاب الإفريقية واستقبل أكثر من خمسة آلاف رياضي منذ أربع سنوات، وفي بلد أنجب خيرة رياضييه في سنوات الدمار ولم يقدر على الإنجاب في سنوات الرخاء والاستقرار والأمان كما يقولون، وفي زمن تملك فيه الجزائر قرابة 180 مليار دولار في خزائنها ولا تملك مراكز وطنية لتحضير المنتخبات، وملاعب وقاعات وفنادق لاستقبال ثمانية منتخبات إفريقية لمدة أسبوع بتكاليف لا تتعدى مليونيْ دولار؟! عندما تسأل في الوسط الرياضي عن هذا الكذب والعجز يقولون لك بأن الدولة لا تريد والإرادة السياسية غائبة، ويقولون بأن الرياضة آخر اهتمامات السلطات في الجزائر وتتذكرها فقط عند الاستحقاقات الوطنية. وعندما تسأل المسؤولين عن الحركة الرياضية، يرمون الكرة إلى ملعب الاتحاديات ورؤسائها ويحمّلونهم ما لا طاقة لهم به، ويريدون تغيير كل رؤساء الاتحاديات والمدربين في انتظار تغيير الشعب بشعب آخر من كوكب آخر يستوعب كل هذه التناقضات التي تحدث في التفكير والتسيير..