دعا المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا السلطات الفرنسية إلى ''تكريس التنافسية'' في إبراز الهوية الوطنية، وذلك في تصريح جديد له بمناسبة الجدل المثار في فرنسا حول تاريخها الاستعماري، منتقدا الحجر الممارس من قبل سلطات بلاده على الجزائريين الذي اقتحموا ملفات الذاكرة بين البلدين. واعتبر ستورا في تصريحات تناقلتها أمس وسائل إعلام فرنسية. ما حدث في الجزائر تاريخا مشتركا قبل أن يجدد الدعوة للفرنسيين إلى التحلي بالشجاعة لمواجهة هذا التاريخ من أجل تجاوزه تلميحا لبعض فترات الذاكرة الجماعية التي لازالت تثقل كاهل الحاضر والمستقبل الفرنسي. واستشهد ستورا بالأديب ألبار كامو، مؤكدا أنه كان أول مثقف فرنسي أثار قضية مجازر 8 ماي ,45 ليؤكد أن قطاعا واسعا من الفرنسيين يعيشون على وقع هذا التاريخ، مذكرا بالجنود الفرنسيين الذين خدموا في الجزائر وزاد عددهم على مليون ونصف المليون، إضافة إلى مليون معمر دون أن تفوته الإشارة في هذا السياق إلى الحركى في تعداد الفرنسيين. وواصل ستورا، المختص في تاريخ الجزائر، مؤكدا أن الفرنسيين يعيشون تعقيدا للهوية وشيئا من التطرف في الوطنية، في إشارة إلى استهجانه ما أثير حول فيلم ''الخارجون على القانون'' لمخرجه رشيد بوشارب، قبل أن يذكّر بصيغة الاستنكار، أن لخضر حمينة تحصل قبل 35 سنة على السعفة الذهبية في مهرجان ''كان'' عن فليمه ''وقائع سنين الجمر'' الذي أثار هوالآخر ما حدث في سطيف. وكان ستورا، من قبل، قد دعا الفرنسيين إلى التحلي بالشجاعة ''لمواجهة حقيقة حرب الجزائر''، معتبرا أن ''رفض تحمل مسؤولية حرب الجزائر يزعج أغلبية المجتمع الفرنسي''، وعليه ''ينبغي مواجهة الحقيقة'' يقول المؤرخ الفرنسي، وذلك في سياق إدانته للحملة السياسية والإعلامية التي تعرض لها فيلم الخارجون عن القانون من قبل اليمين الفرنسي بمختلف أطيافه فضلا عن بعض المؤرخين ذوي النزعة الكولونيالية. تجدر الإشارة إلى أن ما يرافع عنه ستورا من ضرورة التحلي بالشجاعة لمواجهة الحقائق التاريخية وتحمل تبعات أخطاء الماضي الاستعماري، ليس صوتا نشازا في فرنسا رغم أن الإعلام الفرنسي لم يتردد في تسليط الأضواء على دعاة المراجعة التاريخية ودعاة تمجيد الاستعمار. وفي قراءة لتصريحات ستورا، قال المؤرخ الجزائري الدكتور محمد القورصو إن مسؤولية حمل الفرنسيين على العودة إلى الحقيقة تقع على عاتق الجزائريين بمختلف مستوياتهم ومسؤولياتهم، في إشارة إلى أن إعادة الاعتبار للتاريخ الجزائري لن يكون إلا جزائريا. وهي المهمة التي لاتزال أبعد ما تكون عن المطلوب في المجال التاريخي. ولعل الجدل الذي أثاره كتاب سعيد سعدي حول العقيد عميروش، بغض النظر عن هزالة محتواه، يأتي ليؤكد أن الجزائريين لا يزالون متعطشين لاكتشاف تاريخهم.