اعتبر مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، الدكتور «إلياس بوكراع»، أنه من المبالغة تضخيم حجم التهديد الإرهابي في منطقة الساحل، رغم أنه لم ينف حقيقة وجود تهديد من طرف فرع تنظيم «القاعدة»، لكنه قال إن هناك فاعلين آخرين إلى جانب هذا التنظيم يحاولون استغلال الوضع المعيشي لسكان المنطقة، كما قدّر وجود استهداف للجزائر قصد إضعاف موقفها في المنطقة. انتقد مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، الموقف السلبي الذي تتعامل بموجبه عدد من بلدان منطقة الساحل حيال المقاربة الأمنية، وقد حصر ذلك فيما أسماه «ضعف الإرادة السياسية» لهذه الدول في بسط سيطرتها على كامل أراضيها، وقد ساق بالمناسبة العديد من الأمثلة والأدلّة مثلما هو الشأن لوجود أراضي تقع تحت سيطرة متمردين، إضافة إلى مناطق أخرى خالية من السكان تماما، وبرأيه فإنه من الأولوية تنمية هذه المناطق وتوفير الفضاءات الضرورية لأهلها.
وحسب التحليل الذي قدّمه الباحث «إلياس بوكراع» عند نزوله ضيفا أمس على العدد الجديد من ندوة مركز «الشعب» للدراسات الإستراتيجية، فإن قوى خارجية تُحاول استثمار الوضع في بلدان منطقة الساحل من أجل التدخّل، وذكر أيضا أن التهديد الذي يُمثله تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في الساحل أقل بكثير من ذلك الذي تروّج له بلدان غربية، بل إن المتحدّث جزم بأن هذا التنظيم الإرهابي «ليس بالقوة التي يصوّرها الغرب، حيث أن الأمر يتعلق بمجموعة إرهابية صغيرة، وليس بجيش من الإرهابيين». وأوضح أن تنظيم «القاعدة» ليس وحده المسؤول عن الإرهاب في منطقة الساحل، وإنما هناك فواعل أخرى لها يد في ذلك باستغلالها سوء الظروف المعيشية للمنطقة لخدمة مصالحهم، وقد حصرها في ثلاثة أصناف وهي الفاعلون الاقتصاديون، والسياسيون، وكذا المتدخلون الأجانب في المنطقة، وبرأيه فإن هؤلاء جميعهم يعملون على الاتجار في المخدرات والسلاح والتهريب وهي تمثل أحد أهم مصادر تمويل الإرهاب في المنطقة، إضافة إلى الفديات التي مكّنت ما يعرف بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» من جمع أكثر من 100 مليون أورو. ومن هذا المنطلق حذّر «بوكراع» من تداعيات التدخل الأجنبي في منطقة الساحل، وأكثر من ذلك فإن مقاربته تؤكد أن كل ما يحدث في الساحل اليوم هو محاولة من أطراف أجنبية لعزل الجزائر وإضعاف دورها في المنطقة، فيما أشار إلى أن تحالف دول ضعيفة مع أخرى قوية من شأنه أن يجعلها تحت وطأة التبعية، وقال إن «أي تدخل أجنبي في منطقة الساحل سيعيد إلى الأذهان سيناريو العراق وأفغانستان وباكستان، أو حتى دارفور»، وعليه شدّد المتحدّث على ضرورة أن يكون التعاون مع الأطراف الأجنبية محدودا. ومن جهة أخرى أوضح مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب أن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» ليست على الإطلاق امتدادا لما يعرف ب«الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، وذلك على عكس ما يذهب إليه بعض الخبراء، ولكنه قدّر بأنه «تنظيم مستقل عنه جاء بعد انقسام حدث داخل التنظيم الإرهابي الأول، مما يعني أن ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هو تنظيم جديد».