دعا الرئيس المالي، «أمادو توماني توري»، ما يُسمى ب «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب بالإسلامي» إلى إطلاق سراح الرهينة الفرنسية «فرانسواز لاريب» المحتجزة منذ منتصف شهر سبتمبر الماضي رفقة ستة آخرين، مبّررا ذلك بتدهور حالتها الصحية، وفي المُقابل أعلن «توري» استعداد بلاده للمشاركة في ما أسماه «أي مجهود حربي مشترك لمواجهة القاعدة»، دون أن يُقدّم تفاصيل أكثر بهذا الخصوص. ظهر الرئيس المالي «أمادو توماني توري» عبر شاشة قناة «العربية» في موقف أشبه ما يكون إلى «التوسّل» وهو يُوجّه نداءه إلى عناصر «القاعدة» يُناشدها فيه من أجل الإفراج عن «فرانسواز لاريب»، التي اختطفها التنظيم في شمال النيجر مع ستة أشخاص آخرين من بينهم زوجها، والذين يُعتقد أنهم مُحتجزون الآن في تلال «تيمترين» شمال مالي، ويعكس هذا الموقف حالة الضعف التي وصلت إلها باماكو رغم استنجادها بفرنسا وأدارت ظهرها للجزائر. وحرص «توماني توري» على تقديم المُبرّرات للتنظيم الإرهابي من أجل أن يستجيب لهذا النداء الذي يتزامن واحتضان باماكو لقاء لخبراء مجموعة الثمانية حول الإرهاب بإيعاز من فرنسا، وقال في هذا الشأن «إن الرهينة الفرنسية مريضة ولا يُمكنها الصمود طويلا في صحراء قاسية»، وكان أحد الوسطاء قد كشف عن أن الرهينة الفرنسية تعاني من أعراض إصابة حديثة بالسرطان، وشدّد المُتحدّث على أنه سيبذل كل ما في وسعه للإفراج عنها «في أسرع وقت مُمكن». وفي مُحاولة لتدارك الوضع حاول الرئيس المالي إعطاء الانطباع بأن كلامه ليس من موقع ضُعف، حينما أورد مؤكدا أن بلاده لا يمكنها أن تُواجه لوحدها تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وأعقب هذا التصريح تأكيد آخر بأن «مالي على استعداد للمشاركة في مجهود حربي مُشترك لمواجهة القاعدة وجميع الأنشطة غير المشروعة في الصحراء الكبرى من تهريب وتجارة مخدرات وغيرهما»، مثلما دعا إلى تشكيل ما أسماه «اتحاد مُقدس لمواجهة القاعدة في المنطقة». وكان الرئيس «أمادو توماني توري» قد أعلن خلال استقباله المشاركين في اجتماع خبراء الثمانية الذي احتضنته مالي أمس الأوّل، عن رغبة بلاده في محاربة «القاعدة» بقوله «نحن مضطرون لتوحيد جهودنا ضد الإرهاب»، وأكد مُجددا «إن المسألة لا تحل فقط أمنيا»، مشيرا إلى ضرورة تنمية منطقة الساحل الإفريقي. وفي السياق ذاته صرّح مسؤول عسكري مالي وصفته وكالة الأنباء الفرنسية ب «الكبير»، تعليقا على اجتماع باماكو، قائلا « إننا بصدد إرساء التعاون»، وأضاف «إن الضغوط الدولية تؤثر على كل بلد، ولا يستطيع أي بلد لوحده أن يُحارب الإرهاب..وبدون تعاون إقليمي صادق، وكذلك دولي، لا يمكن تحقيق ذلك»، وهو ما سار عليه وزير الخارجية المالي «مختار وان» الذي اعتبر هذه المقاربة بأنها مُلحة «خصوصا وأن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ينشط على أراض صحراوية تمتد على ثمانية ملايين كيلومتر مربع يصعب مراقبتها وتتقاسمها الجزائر والنيجر وموريتانيا ومالي». إلى ذلك لفت مصدر دبلوماسي إلى أن اجتماع الخبراء في باماكو يهدف بالدرجة الأولى إلى «مزيد من التوعية» على ضرورة تعزيز مكافحة الإرهاب، لكنه أقرّ بأن «هناك نقص في التعاون بين الدول الرئيسية حتى الآن في المنطقة في مواجهة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي كثف أنشطته من خلال تنفيذ اعتداءات وعمليات خطف» في إشارة منه إلى الجزائر التي قاطعت اجتماع باماكو كونه جاء تحت مظلة التدخل الأجنبي الذي ترفضه بلادنا بشكل قاطع. وبخلاف الموقف الرسمي المالي فإن صحيفتان اثنتان اهتمتا بمقاطعة الجزائر للاجتماع، حيث كتبت صحيفة «اندبندنت» في تقرير لها «إن الجزائر ومالي لن تستطيعا أبدا كما يعتقد الجلوس إلى طاولة واحدة والتناقش صراحة بشأن مسألة إحلال الأمن في الشريط الساحلي-الصحراوي»، أما صحيفة «ريبوبليكان» فقد ذكرت بأن «الجزائر، كما نعلم، ترفض أي تدخل غربي في ما تصفه مشكلة إقليمية بحتة».