قال وزير الداخلية المغربي، «الطيب الشرقاوي»، إن التهديدات التي تفرضها شبكات الإجرام وتحالفها غير المعلن مع تنظيم «القاعدة» يفرض على دول منطقة الساحل تنسيق الجهود ووضع إستراتيجية أمنية مشتركة، وقد دعا الجزائر بشكل صريح إلى ضرورة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وساق الكثير من المُبرّرات التي يبدو أن المملكة المغربية تُريد اللعب على وترها من أجل تطبيع علاقاتها مع الجزائر. أشار وزير الداخلية المغربي إلى أن «هناك علاقة قائمة وثابتة بين الإرهاب والاتجار في المخدرات»، وذهب إلى حدّ التأكيد بوجود تداخل في عمل شبكات التهريب والمجموعات الإرهابية، وتُفيد الأرقام التي قدّمها أن تحريات الأمن المغربي أعلنت خلال الفترة المُمتدة بين شهري مارس وأوت 2010، أن الشبكة الداعمة للإرهاب تمكنت من إنجاز ثماني عمليات تسريب لكمية إجمالية تفوق 600 كيلوغرام من مُخدّر الكوكايين إلى تراب المملكة.
وأوضح «الطيب الشرقاوي» في هذا الاتجاه أن العناصر الإرهابية تستبيح كل الوسائل المُتاحة، وتستثمر درايتها بالمسالك الصحراوية الوعرة وتوفرها على الأسلحة ووسائل النقل المناسبة، بهدف توفير الحماية اللازمة لأباطرة المخدرات في منطقة الساحل بالصحراء، مضيفا أن هذه السياسة تعتمدها بحثا منها على تحصيل الأموال الضرورية لتمويل أنشطتها الإرهابية. وعلى هذا الأساس دعا المسؤول المغربي دول الجوار، وفي مقدمتها الجزائر، إلى ما أسماه «التعاون الإقليمي والدولي، باعتباره الخيار الاستراتيجي الكفيل بمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل جنوب الصحراء التي تتخذ منها عصابات تهريب المخدرات والتهجير السري، الداعمة لتنظيم القاعدة، مقرا آمنا لها»، وعبّر عن حقيقة هذا الخطر بالقول «لقد أصبحنا إذن أمام تنسيق وتعاون واضح بين العناصر الإرهابية المنتمية للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامية وشبكات ترويج المخدرات». وحسب ما نقلته صحيفة «العرب» من تصريحات «الشرقاوي»، بعد أن تمكنت السلطات المغربية من تفكيك شبكة تضم 34 عنصرا ينتمون إلى تنظيم إجرامي دولي متخصص في تهريب المخدرات ذات علاقة بتنظيم «القاعدة»، فإن لهذه الشبكة «امتدادات بأوروبا والجزائر وشمال مالي، وأنها مرتبطة بعلاقات مع تنظيم القاعدة الذي اتخذ من منطقة الساحل، جنوب الصحراء، منطقة خلفية للقيام بعمليات إرهابية وإجرامية للنهب والاختطاف والقتل والتهجير السري». وضمن مساعي الرباط من أجل إعادة التطبيع مع الجزائر لمواجهة التهديدات الداخلية، يرى وزير الداخلية المغربي أن «اليقظة والحذر باتا لزاما على الدول المعنية، وهي اليوم مدعوة إلى فتح جسور التعاون وتقويتها في المجال الأمني وبلورة إستراتيجيات موحدة استباقية ووقائية درءا للمخاطر التي تحدق بها»، مُشدّدا على أن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» يقدم الدعم اللوجيستيكي للمُهربين ويؤمن لهم نقل المخدرات بمنطقة الساحل. وأورد ذات المسؤول محذّرا إن «الوضع يزداد خطورة في منطقة الساحل والصحراء لتقاطع مصالح تنظيم القاعدة ومافيا المخدرات»، مضيفا أن الأخيرة لا تتردد في تصفية حسابات مع بعض عناصرها عن طريق الاختطاف والاحتجاز أو القتل في بعض الأحيان بطريقة وحشية، وضرب في هذا السياق مثلا يتعلق بمواطن من جنسية كولومبية تم اغتياله وتقطيع جثته بمدينة باماكو من طرف أعضاء هذه المنظمة الإجرامية. والواقع أن كلام وزير الداخلية المغربي يتناقض تماما مع السياسة الأمنية التي تبنتها الرباط باختيارها التحالف مع فرنسا، خاصة وأنها شاركت قبل أيام في اجتماع خبراء مجموعة الثمانية بباماكو الذي قاطعته الجزائر، كما أن هذه الدعوة تكشف عن تحرّك مغربي من أجل قبوله شريكا في مُحاربة تنظيم «القاعدة»، لكن بلادنا تُعارض ذلك بصورة قطعية كون المغرب ليس جزء من منطقة الساحل، وإن حدث وأن تمّ قبولها فإن ذلك يعني اعترافا بانتماء الصحراء الغربية إلى المملكة، وهو أمر تدركه الجزائر جيّدا.