تعرف مختلف أسواق ولاية بومرداس قبيل أسبوعين من حلول عيد الأضحى المبارك إقبالا ملحوظا من قبل المواطنين الذين يريدون اقتناء كبش العيد للاحتفال بهذه المناسبة الدينية ككل سنة، غير أن ارتفاع أسعار الأضاحي جعلهم في حيرة من أمرهم، وفي مقابل ذلك يجد الموالون ازدياد الطلب على اقتناء كبش العيد فرصة مواتية لرفع الأسعار وتحقيق الربح الفوري والسريع، وذلك لن يكون إلا على حساب المواطن الذي يبقى المتضرر من كل هذا. وخلال الجولة التي قادت "الأيام" إلى بعض أسواق ولاية بومرداس على غرار السوق الأسبوعي ب«بغلية»، «بومرداس»، «خميس الخشنة»، ظهر لنا أن أسواق الماشية تعرف إقبالا كبيرا في الآونة الأخيرة، أما مرتادو هذه الأسواق فهم من ذوي العائلات الميسورة الحال خاصة وأن سعر الكبش الواحد يتراوح ما بين 30 و35 ألف دج، وذلك بعد أن كان قبل أسبوعين من الآن لا يتعدى ال25 ألف دج، وقد سجلت "الأيام" من خلال استقراء الآراء الارتفاع المذهل في أسعار الأغنام وهو ما جعل الكثير من المواطنون يعزفون عن شراء الأضحية أو على الأقل انتظار يومين قبل حلول المناسبة لعل المعجزة تحدث بعدول هؤلاء التجار عن رفع الأسعار، والأكيد أن هذا الغلاء يدفع بالكثير من العائلات القاطنة بالقرى النائية ذات الدخل المحدود إلى اقتنائها بالتقسيط.
وفي هذا الصدد أفاد عمي "محمد" البالغ من العمر 44 سنة من «بغلية»، وهو موظف بسيط على قدر حاله أنه كان يجمع راتبه ويقسمه بين مصروف البيت وبين ما يتركه لشراء الكبش، وكل ذلك فقط لأجل إحياء هذه المناسبة الدينية العظيمة وإدخال الفرحة في قلوب أطفاله الذين ينتظرون بفارغ الصبر شراء الأضحية ليتبارزوا مع غيرهم، والأكيد أن اعتماد التقسيط في اقتناء أضحية العيد ما هي في الأصل إلا طريقة لجأ إليها التجار بعد أن أدركوا حقا بأنهم سيخسرون الكثير من زبائنهم لأن سعر الأغنام التي يبيعونها تفوق استطاعة المواطنين الفقراء منهم ومتوسطي الدخل وحتى الأغنياء الذين صاروا يرون أن شراء الأضاحي بتلك الأثمان الخيالية يعد تبذيرا وإسرافا، في حين تلجأ عائلات أخرى إلى الاستدانة حتى يكتمل مبلغ ويشتري الأضحية التي يعتبرها من الضروريات التي لا نقاش فيها. بلدية «بغلية» الواقعة شرق ولاية بومرداس واحدة من البلديات المعروفة بتجارة الأغنام والتي تعرف توافد عشرات المواطنين من مختلف الولايات، غير أن أسعارها تسجل ارتفاعا كبيرا، وهو ما جعل أغلب العائلات خاصة المغلوب على أمرها إلى العزوف عن شراء الأضحية. التوجه إلى الولايات الأخرى لاقتناء أضحية العيد أحد الحلول لازالت العديد من العائلات ببومرداس في حيرة من أمرها خاصة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، فالتفكير في اقتطاع مبلغ معتبر من الميزانية لاقتناء الأضحية يبدوا صعبا حتى لا نقول مستحيلا بالنسبة للكثير منهم، لاسيما أن الأخبار المتداولة تفيد بالارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي هذه السنة، وهو ما سيحرم لا محالة محدودي الدخل من إحياء هذه المناسبة، ومع تباين الأفكار والتحليلات وكذا الحلول التي توصلت إليها كل عائلة تبقى النقطة الوحيدة المشتركة بينهم جميعا هي التذمر الكبير من هذا الارتفاع حتى وإن كان المشكل يطرح نفسه كل سنة تقريبا. أسعار قطعت أنفاس الكثير من العائلات ببومرداس التي لم تتنفس بعد من "الخبطات" السابقة بداية من شهر رمضان، مرورا على عيد الفطر المبارك ووصولا عند الدخول المدرسي، ناهيك عن ضرائب الأعراس وحفلات النجاح وغيرها من المناسبات التي تستنزف إلى آخر سنتيم جيوب العائلات،وبالعودة إلى عيد الأضحى وخصوصا لدى أصحاب الدخل المحدود والتي لا تملك عددا كافيا من الأفراد الذين يمارسون مهنة ما بالشكل الذي يمكنهم من الإسهام ولو بالقليل في ثمن الأضحية التي صارت هاجسهم هذه الأيام. وقد فضلت بعض العائلات التنقل إلى الولايات المعروفة ببيع المواشي كالجلفة، المسيلة والمدية لاقتناء أضاحيهم بأسعارها الأولى قبل أن يقوم الموالون باحتساب رسوم نقلها إلى بومرداس والمناطق المجاورة، وهو ما أكده لنا "خالد" وهو مواطن من بلدية «شعبة العامر»، حيث قال أنه تنقل قبل أسبوع من الآن إلى المسيلة على متن سيارته الخاصة لأجل اقتناء أضحية العيد ب22 ألف دج، مضيفا أنه قد عثر على مثلها بسوق بومرداس لكن بحوالي 30 ألف دج. الموالون يرجعون سبب الارتفاع إلى غلاء العلف "الأيام" اقتربت من بعض موالي ولاية بومرداس على غرار "سمير" من بود واو، و"محمد" من بغلية اللذين بررا ارتفاع أسعار المواشي إلى الظروف الصعبة التي عاشتها الولاية كالأمطار الغزيرة التي أثرت سلبا على سوق الماشية، فضلا عن ارتفاع أسعار العلف، حيث وصل سعر القنطار الواحد منها إلى أكثر من 3 آلاف دج وهو ما زاد عن غلاء الماشية. ليبقى المواطن البسيط المتضرر الوحيد في المعادلة في ظل بقاءه في حيرة من أمره عن سبل ابتياع أضحية يدخل بها الفرحة في نفوس أطفاله، لاسيما في ظل تسجيل ارتفاع أسعار الماشية بفعل جشع التجار الذين لا يبالون بما يصيب العائلات التي لا تقوى على توفير ضروريات العيش فما بالك بأضحية تساوي أضعاف دخلهم الشهري.