أعلن رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» في خطاب وجهه عشية أمس للأمة، عن عدة إجراءات تتعلق بإعادة صياغة مجموعة من النصوص التشريعية المتعلقة بالممارسة الديمقراطية بغية تمكين المواطنين من ممارسة اختيارهم بكل حرية، وكشف عن إنشاء لجنة دستورية تتكفل بإجراء تعديل للدستور، وأعلن عن مراجعة عميقة لقانون الانتخابات والأحزاب السياسية، كما دعا إلى إعادة تأهيل مكانة الجمعيات في المجتمع، مبرزا أهمية احترام حقوق الإنسان في الجزائر، مؤكدا أنه سيتم رفع التجريم عن الجنح الصحفية، وطالب في سياق ذي صلة أجهزة الإعلام الثقيلة بالانفتاح على مختلف تيارات الفكر السياسي، وفي الشق الاقتصادي أبرز رئيس الجمهورية النتائج والمكتسبات التنموية التي حققتها برامج الاستثمار العمومية التي باشرتها الدولة منذ سنة 2000، وأعلن في هذا الصدد أنه كلف الحكومة برسم برنامج وطني للاستثمار لفائدة المؤسسات الاقتصادية عبر كافة القطاعات، مشيرا إلى أنه سيتم قريبا اتخاذ إجراءات هامة لدعم محاربة البيروقراطية والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية، كما دعا الرئيس «بوتفليقة» الشعب الجزائري إلى مد يد العون من أجل النهوض بالبلاد لتحقيق التطور في كنف الحرية والسلم والتضامن، مؤكدا أنه لا يحق لأحد أن يعيد الخوف إلى الأسر الجزائرية القلقة على أمن أولادها وممتلكاتها. تعديلات تشريعية ودستورية لتعزيز الديمقراطية أكد رئيس الجمهورية في خطابه للأمة، أنه سيطلب من البرلمان إعادة صياغة مجموعة من النصوص التشريعية المتعلقة بالممارسة الديمقراطية بغية تمكين المواطنين من ممارسة اختيارهم بكل حرية، موضحا في هذا الإطار "استنادا مني إلى الدستور سأعمد إلى استعمال الحق الذي يخولني إياه وأطلب من البرلمان إعادة صياغة جملة العدة التشريعية التي تقوم عليها قواعد الممارسة الديمقراطية وما هو مخول للمواطنين من حيث ممارسة اختيارهم بكل حرية"، مضيفا في هذا السياق "وإدراكا مني للمسؤولية الواقعة على عاتقي واعتدادا مني بدعمكم ومراعاة للحفاظ على توازن السلطات سأعمل على إدخال تعديلات تشريعية ودستورية من أجل تعزيز الديمقراطية النيابية ببلادنا".
إنشاء لجنة وطنية لتعديل الدستور وفي سياق متصل بتعزيز الديمقراطية في الجزائر؛ أعلن الرئيس بوتفليقة عن إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري من أجل إجراء تعديل للدستور، موضحا أن دور هذه اللجنة يتمثل في تقديم اقتراحات "أتولاها بالنظر قبل عرضها بما يتلاءم مع مقومات مجتمعنا على موافقة البرلمان أو عرضها لاقتراعكم عن طريق الاستفتاء". ويأتي ذلك حسب رئيس الجمهورية من أجل "تتويج الصرح المؤسساتي الرامي إلى تعزيز الديمقراطية"، مذكرا أنه سبق له وأن أعرب مرارا على رغبته في إخضاع الدستور للمراجعة وأنه جدد تأكيد هذه القناعة والرغبة في عدة مناسبات. إشراك كافة الأحزاب في صياغة قانون انتخابي جديد أما فيما يخص قانون الانتخابات فقد كشف رئيس الجمهورية عن مراجعة عميقة ستجرى على القانون من أجل تمكين المواطنين من اختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة وممارسة حقهم الانتخابي في جو ديمقراطي وشفاف. وبشأن مشاركة الأحزاب في عملية مراجعة القانون؛ أشار الرئيس بوتفليقة إلى أنه سيتم إشراك كافة الأحزاب الممثلة منها وغير الممثلة في البرلمان واستشارتها من أجل صياغة النظام الانتخابي الجديد. وفيما يتعلق بمراقبة العملية الانتخابية؛ قال الرئيس بوتفليقة «سيتم اتخاذ جميع الترتيبات اللازمة لتأمين ضمانات الشفافية والسلامة بما في ذلك المراقبة التي يتولاها ملاحظون دوليون للعمليات الانتخابية وذلك بالتشاور مع كافة الأحزاب المعتمدة».
مراجعة قانون الأحزاب السياسية وفي سياق ذي صلة، أعلن رئيس الجمهورية عن مراجعة القانون المتعلق بالأحزاب السياسية، حيث قال في هذا الخصوص أنه يتعين على الأحزاب أن تنظم نفسها وتعزز صفوفها وتعبر عن رأيها وتعمل في إطار الدستور والقانون حتى تقنع المواطنين وبالخصوص الشباب منهم بوجاهة برامجها وفائدتها، موضحا أن هذا المسعى سوف يتعزز بمراجعة القانون المتعلق بالأحزاب السياسية من خلال مراجعة دور الأحزاب ووظيفتها و تنظيمها لجعلها تشارك مشاركة أنجع في مسار التجدد. كما كشف الرئيس بوتفليقة أنه سيتم تعجيل إيداع وإصدار القانون العضوي المتعلق بتمثيل النساء ضمن المجالس المنتخبة قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة. وغير بعيد عن الأحزاب السياسية، دعا الرئيس بوتفليقة إلى إعادة تأهيل مكانة الجمعيات في المجتمع من خلال توسيع وتوضيح مجال الحركة الجمعوية وأهدافها ووسائل نشاطها وتنظيمها. مراجعة قانون الولاية
وأوضح رئيس الجمهورية أنه ستتم مراجعة قانون الولاية حتى يصبح المواطنون طرفا في اتخاذ القرارات التي تخص حياتهم اليومية وبيئتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مضيفا أنه لا بد من مضاعفة صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة وتمكينها من الوسائل البشرية والمادية اللازمة لممارسة اختصاصاتها.
تأمين كافة الظروف لاحترام حقوق الإنسان وفيما يتعلق بحقوق الإنسان، أبرز القاضي الأول في البلاد أهمية احترام حقوق الإنسان في الجزائر الذي يجب أن يكون انشغالا دائما لدى الرابطات الناشطة في هذا الحقل. مؤكدا في هذا الخصوص أنه ينبغي أن يصبح احترام حقوق الإنسان انشغالا دائما لدى مختلف الرابطات والجمعيات الوطنية المتكفلة بهذا الشأن. وعند تطرقه للمناخ الذي ستعمل فيه هذه الرابطات مستقبلا؛ أعلن الرئيس بوتفليقة أنه سيتم تأمين كافة الظروف لتمكينها من إسماع صوتها وأداء مهامها بوجه أفضل، مؤكدا ضرورة مساهمة المؤسسات والإدارات المعنية في تحقيق هذا الهدف.
قانون الإعلام القادم سيرفع التجريم عن الصحفيين وفيما يتعلق بقانون الإعلام القادم أكد رئيس الجمهورية أن التشريع الحالي سيتمم برفع التجريم عن الجنح الصحفية، موضحا أنه "سيأتي بمعالم لمدونة أخلاقية ويتمم التشريع الحالي على الخصوص برفع التجريم عن الجنح الصحفية". مضيفا في هذا السياق أن حرية التعبير هي "واقع يشهد عليه تنوع وسائلنا الإعلامية وجرأة نبرتها"، موضحا أنه "لجدير بنا أن نعتز بانتمائنا إلى بلد تشكل فيه حرية الصحافة واقعا ملموسا".
التلفزة والإذاعة مطالبتان بالانفتاح على مختلف التيارات السياسية وفي سياق متصل؛ أكد رئيس الدولة أن أجهزة الإعلام الثقيلة المتمثلة في التلفزة والإذاعة مطالبة بالانفتاح على مختلف تيارات الفكر السياسي وذلك في كنف احترام القواعد الأخلاقية التي تحكم أي نقاش كان. وذكر في هذا الخصوص أن هذه الأجهزة هي كذلك صوت الجزائر المسموع في العالم وذلك يلزمها الإسهام في ترسيخ الهوية والوحدة الوطنية وفي الآن ذاته تعميم الثقافة والترفيه. و أعلن الرئيس بوتفليقة في هذا السياق أنه سيتم دعم الفضاء السمعي البصري العمومي بقنوات موضوعاتية متخصصة ومفتوحة لجميع الآراء المتعددة والمتنوعة من أجل توسيع هذا الانفتاح على المواطنين وممثليهم المنتخبين ومختلف الأحزاب الحاضرة في الساحة الوطنية على حد سواء.
لا يحق لأي أحد أن يعيد الخوف إلى الأسر الجزائرية وعند تطرقه للمأساة التي عاشها الشعب الجزائري خلال العشرية الأخيرة من القرن ال20 أوضح الرئيس بوتفليقة بأن «دماء كثيرة سالت والفتنة أشد من القتل ودموعا غزيرة ذرفها شعبنا من أجل صون الجزائر موحدة وشامخة ومن أجل الحفاظ على الجمهورية ومكتسباتها الديمقراطية حتى يعود الأمل من جديد». وعليه يؤكد رئيس الجمهورية أنه لا يحق لأحد أن يعيد الخوف إلى الأسر الجزائرية القلقة على أمن أولادها وممتلكاتها.
الجزائر تتشبث بوحدة وسيادة البلدان الشقيقة وفي سياق يتعلق بالسياسة الخارجية للجزائر، أوضح رئيس الجمهورية في خطابه أنه أمام التغيرات التي تحدث في الساحة الدولية وببعض البلدان العربية خاصة؛ فإن الجزائر التي تتابع بطبيعة الحال هذه التغيرات "تؤكد تشبثها بسيادة البلدان الشقيقة ووحدتها ورفضها لكل تدخل أجنبي واحترامها لقرار كل شعب من محض سيادته الوطنية".
الجزائر بذلت جهودا معتبرة لتدارك العجز في السكن وفي الشق المتعلق بمجهودات الدولة في معالجة أزمة السكن والبطالة، أشار رئيس الجمهورية إلى أنه تم تدارك العجز في السكنات بقدر معتبر بإنجاز مليون وحدة سكنية كل خمس سنوات وتم تقليص البطالة بقدر بالغ، منبها إلى أن هذه المجهودات مكنت الجزائر من استرجاع عهدها بمبادئها المتمثلة في مسعى العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني مثلما تشهد على ذلك أهمية التحويلات الاجتماعية وتعدد أوجه دعم الدولة للمواد الأساسية الضرورية وتحسين الخدمات العمومية. وفي هذا السياق أشار إلى أن البرنامج الخماسي الحالي يرمي إلى إنجاز مليوني وحدة سكنية منها أكثر من مليون وحدة سيتم تسليمها قبل 2014. مضيفا أنه تقرر تعزيز استفادة المواطنين من السكن الريفي بما في ذلك داخل التجمعات السكنية الصغيرة ورفع نسبة الاستفادة من القروض بالنسبة للأسر الراغبة في بناء سكناتها أو شرائها.
آليات لتثبيت الأسعار ودعم مشاريع الشباب وبخصوص تلبية المطالب الاجتماعية للمواطنين قال الرئيس أنه تم إحداث آلية جديدة لتثبيت أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تعرف التهابا على المستوى العالمي. وفيما يتعلق بدعم الاستثمار فقد تم إقرار "تشجيعات معتبرة من خلال الحصول على العقار وتحسين وفرة القروض البنكية"، مؤكدا أن هذه الإجراءات ستسمح "بتكثيف نماء الثروة ورفع عروض التشغيل". موضحا أنه "تعززت وبشكل محسوس مختلف أشكال الدعم الموجه للشباب وللعاطلين عن العمل الراغبين في إنشاء مؤسساتهم الصغرى". بالموازاة مع ذلك تم تطوير آليات الدولة كما ونوعا من أجل تشجيع توظيف الشباب من حملة الشهادات من خلال تمديد أجال العقود وجعلها قابلة للتجديد حيث سيحظى المستفيدون منها بالأولوية في التثبيت. وخلص رئيس الجمهورية إلى القول بأن هذه الإنجازات الشاخصة والإحصائيات البادية للجميع هي "كلها ملك للمجموعة الوطنية دون سواها ولا أحد يوهمنا بأن منفعة ثمار التنمية قد تعود لبعض الفئات الاجتماعية خاصة دون الأخرى".
برنامج وطني للاستثمار لفائدة المؤسسات الاقتصادية وفي سياق متصل، أعلن الرئيس أنه كلف الحكومة برسم برنامج وطني للاستثمار لفائدة المؤسسات الاقتصادية عبر كافة القطاعات وفي إطار تشاوري مع كل المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين. مضيفا أن عملية ترقية المؤسسة وتأهيلها "يستهدفان أساسا تقوية الإنماء الاقتصادي للبلاد ورفع مستوى الإنتاجية وتحسين التنافسية". ومن ثم أكد أنه «يتعين على الحكومة رسم برنامج وطني للاستثمار موجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في كافة قطاعات النشاط وذلك في إطار تشاوري مع كل المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين». وفي ذات السياق شدد رئيس الجمهورية على أنه يتعين على الحكومة أيضا "إيجاد الشروط المثلى لتحرير المبادرات من خلال تحسين محيط المؤسسة وبصفة عامة توفير مناخ ملائم للأعمال والاستثمار".
إجراءات هامة لمحاربة البيروقراطية والرشوة كما أعلن الرئيس بوتفليقة، أنه سيتم قريبا اتخاذ إجراءات هامة لدعم محاربة البيروقراطية والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية. موضحا في هذا الخصوص؛ أن هذه الإجراءات ستأتي لدعم محاربة البيروقراطية والاختلالات المسجلة في إداراتنا والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية. وشدد رئيس الدولة في نفس السياق أن معركة محاربة الأمراض الاجتماعية "لا يمكن الانتصار فيها إلا بمشاركة كل فئات الشعب". وبعد أن سجل أن "ثمة أمراض اجتماعية مستشرية كالرشوة والمحاباة والتبذير والفساد وما إليها"؛ أبرز الرئيس بوتفليقة أن الدولة "عاكفة لا محالة على محاربتها بكل صرامة وإصرار". وفي سياق متصل أعلن الرئيس بوتفليقة أنه سيتم خلال السنة الجارية الشروع في عملية تشاورية على المستوى المحلي تشمل المواطنين والمجتمع المدني والإدارة والمنتخبين لتحديد أهداف التنمية المحلية. الشعب مدعو لمد يد العون من أجل النهوض بالبلاد ومن أجل تحقيق كل ذلك، دعا رئيس الجمهورية الشعب الجزائري إلى مد يد العون من أجل النهوض بالبلاد لتحقيق التطور في كنف الحرية والسلم والتضامن. وفي هذا المجال قال الرئيس "إنني أتوجه إلى كافة المواطنات والمواطنين راجيا منهم العون على النهوض ببلادنا وتحقيق طموحات شعبنا للتطور في كنف الحرية والسلم والتآزر فكلما كنا يدا واحدة جعلنا من بلدنا وطنا للنماء والعدل والإخاء".