أعلن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس عن جملة من الإجراءات الرامية إلى تعميق الإصلاح السياسي في البلاد، تشمل على وجه الخصوص تعديل الدستور ومراجعة كل من قانون الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية وقانوني الجمعيات والإعلام، بشكل يساهم في ترقية المسار الديمقراطي، وذلك بالموازاة مع إقراره تدابير أخرى لدعم التنمية المحلية وتكثيف إجراءات محاربة البيروقراطية والتلاعب بالأموال العمومية. فبعد أن استهل خطابه الموجه للأمة بسرد المكاسب والانجازات التي حققتها الجزائر خلال العشرية الأخيرة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، اعتبر السيد بوتفليقة أن المطلوب اليوم هو المضي قدما نحو تعميق المسار الديمقراطي وتعزيز دعائم دولة الحق والقانون وتقليص الفوارق وتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن تحقيق هذه الغاية يستدعي انخراط كافة القوى السياسية والاجتماعية وإسهام الكفاءات الوطنية. وأفاد السيد بوتفليقة في هذا الصدد بأنه سيطلب من البرلمان إعادة صياغة مجموعة من النصوص التشريعية المتعلقة بالممارسة الديمقراطية بغية تمكين المواطنين من ممارسة اختيارهم بكل حرية، وانه سيعمل في إطار الحفاظ على توازن السلطات، على إدخال تعديلات تشريعية ودستورية من اجل تعزيز الديمقراطية النيابية، معلنا بالمناسبة بأنه في إطار استكمال برنامج الإصلاحات السياسية، الهادف إلى تعميق المسار الديمقراطي وتمكين المواطنين من مساهمة أوسع في اتخاذ القرارات، والذي بدأه قبل أسابيع بإقرار رفع حالة الطوارئ، فقد قرر إجراء جملة من التعديلات على القوانين المنظمة للحياة السياسية في البلاد، وفي مقدمتها تعديل الدستور تبعا للرغبة التي سبق وأن أعلن عنها في مناسبات عدة. وأشار إلى أن هذا التعديل الذي يتوخى منه تتويج الصرح المؤسساتي الرامي إلى تعزيز الديمقراطية، سيتم من خلال إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري، تعرض اقتراحاتها عليه لينظر فيها قبل عرضها على موافقة البرلمان أو عرضها للاقتراع عن طريق الاستفتاء. وتشمل إجراءات الإصلاح السياسي أيضا إجراء مراجعة عميقة على قانون الانتخابات، بهدف تمكين المواطنين من اختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة وممارسة حقهم الانتخابي في جو ديمقراطي وشفاف وكذا مراجعة القانون المتعلق بالأحزاب السياسية، مع إلحاح الرئيس بوتفليقة في هذا الإطار على وجوب إشراك كل الأحزاب السياسية بما فيها غير الممثلة في البرلمان واستشارتها من اجل صياغة النظام الانتخابي، وكذا السهر على اتخاذ جميع الترتيبات اللازمة لتأمين ضمانات الشفافية والسلامة بما في ذلك المراقبة التي يتولاها ملاحظون دوليون للعمليات الانتخابية، ودعا في نفس السياق الأحزاب إلى تنظيم نفسها وتعزيز صفوفها والعمل في إطار الدستور والقانون حتى تقنع المواطنين وبالخصوص الشباب منهم بوجاهة برامجها وفائدتها، مشيرا إلى انه سيتم بالموازاة مع ذلك إيداع قانون عضوي حول حالات التنافي مع العهدة البرلمانية، طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور، وكذا تعجيل إيداع وإصدار القانون العضوي المتعلق بتمثيل النساء ضمن المجالس المنتخبة قبل الاستحقاقات الانتخابية المقررة العام المقبل. وفي سياق متصل دعا رئيس الجمهورية إلى إعادة تأهيل مكانة الجمعيات في المجتمع من خلال توسيع وتوضيح مجال الحركة الجمعوية وأهدافها ووسائل نشاطها وتنظيمها في انتظار إجراء المراجعة المزمعة للقانون الذي يسير نشاطها، مذكرا بأهمية الدور الذي ينبغي أن تلعبه هذه الأخيرة كونها فضاءات للتحكيم والوساطة بين المواطنين والسلطات العمومية. وفي حين أعلن عن تدابير لدعم الانفتاح الإعلامي ومراجعة قانون الإعلام بشكل يرفع التجريم عن جنح الصحافة، أكد القاضي الأول في البلاد أهمية احترام حقوق الإنسان في الجزائر، معتبرا بأن ذلك ينبغي ان يكون انشغالا دائما لدى الرابطات والجمعيات الناشطة في هذا الحقل. كما تعهد في هذا الصدد بالعمل على تأمين كافة الظروف التي تعمل فيها هذه الجمعيات لتمكينها من إسماع صوتها وأداء مهامها بوجه أفضل، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة مساهمة المؤسسات والإدارات المعنية في تحقيق هذا الهدف. دعم التنمية المحلية ومحاربة البيروقراطية والفساد وعلى الصعيد الاقتصادي وبغرض دعم المكاسب المحققة لحد الآن بفضل البرامج الضخمة التي أقرتها الدولة منذ أزيد من عقدين من الزمن في سبيل إنعاش ودعم التنمية على مختلف المستويات، أعلن الرئيس بوتفليقة انه سيتم خلال السنة الجارية الشروع في عملية تشاورية على المستوى المحلي، تشمل المواطنين والمجتمع المدني والإدارة والمنتخبين لتحديد أهداف التنمية المحلية وتكييفها مع تطلعات السكان، كاشفا في سياق متصل عن عملية جادة لفائدة المؤسسات الاقتصادية بوصفها المصدر المتميز لخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل. ومن هذا المنطلق دعا الرئيس بوتفليقة الحكومة إلى رسم برنامج وطني للاستثمار موجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في كافة قطاعات النشاط وذلك في إطار تشاوري مع كل المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين، مشددا في نفس الوقت على إيجاد الشروط المثلى لتحرير المبادرات، ولا سيما من خلال تحسين محيط المؤسسة وتوفير مناخ ملائم للأعمال والاستثمار. كما اعلن بأنه سيتم قريبا اتخاذ إجراءات هامة لدعم محاربة البيروقراطية والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية، مجددا التأكيد على أن معركة محاربة هذه الآفات الاجتماعية التي تعكف الدولة على محاربتها بكل صرامة وإصرار، لا يمكن الانتصار فيها إلا بمشاركة كل فئات الشعب.