ينتظر أن يعاد فتح مكاتب البريد المنتشرة بالبلديات الجبلية، التي تم إغلاقها لدواعي أمنية وذلك بعد الزيارة الأخيرة لوزير البريد وتكنولوجيا الإعلام والاتصال إلى عاصمة الكورنيش جيجل، أين أعطى الوزير تعليمات صارمة للمسؤولين على قطاع البريد، وذلك من أجل الإسراع في فتح مكاتب البريد المغلقة منذ سنوات التسعينيات بمختلف البلديات الجبلية، والتي يقدر عددها بالعشرات. هذه التعليمات تأتي بغرض تخفيف الضغط على مكاتب البريد الموجودة بالمناطق الحضرية، والتي أضحت أغلبها غير قادرة على استيعاب العدد الكبير من المواطنين، الذين يقصدونها لاسيما في ظل أزمة السيولة التي تلقي بظلالها على هذه المكاتب، التي تحولت أغلبها إلى فضاءات للصراعات اليومية بين الزبائن والموظفين من جهة، وبين الزبائن أنفسهم من جهة أخرى، وذلك بفعل الطوابير الطويلة التي تتشكل على مدار ساعات الدوام اليومي، وهي الطوابير التي وقف عليها الوزير خلال زيارته إلى بعض مكاتب البريد المتواجدة بالمدن الكبيرة للولاية، ودفعته للتأكيد على أنه لا سبيل للقضاء على هذه الطوابير، سوى بإعادة فتح مكاتب جديدة تتأقلم مع النمو السكاني التي تعرفه عاصمة الكورنيش، و كذا إعادة فتح مكاتب البريدية بعدما أغلقت خلال فترة التسعينيات بسبب الظروف الأمنية الصعبة التي عاشتها المدن الجيجلية وأريافها. تحولت العديد من المكاتب البريدية المتواجدة بالبلديات الجبلية النائية آنذاك، إلى مراكز لإقامة أفراد الحرس البلدي وأفراد الجيش الوطني الشعبي، وهي الوضعية التي من شأنها أن تصعب من عملية إعادة فتح هذه المكاتب التي تحتاج غالبيتها إلى إعادة الترميم، هذا في الوقت الذي ما يزال السكان يقطعون مسافات كبيرة من أجل القيام بعمليات بريدية بسيطة، كاستلام المعاشات الشهرية أو الحصول على دفتر الصكوك، وهو ما يفسر الاكتظاظ الرهيب الذي تشهده أغلب مكاتب البريد بالمدن الكبرى كعاصمة الولاية جيجل، و"الميلية" بكثافتها السكانية الكبيرة، التي تعد ثاني كثافة سكانية بعد مقر الولاية، بالإضافة إلى مدينة "الطاهير" التي تصب أعداد كبيرة من سكان البلديات المجاورة فيها، مما يؤدي في الكثير من الأحيان إلى خلق طوابير طويلة يصعب التحكم فيها، كل هذه الأوضاع التي تعرفها مراكز البريد بجيجل، أدت إلى ظهور بعض الظواهر غير المستحبة على غرار المحاباة وسياسة الباب الخلفي، التي تحولت إلى مصادر دخل أخرى للعديد من الموظفين، هذا في الوقت الذي عرفت فيه بعض المدن الجيجلية زيادة كبير في عدد سكانها على سبيل المثال مدينة "الميلية"، التي تجاوز عدد سكانها ال100 ألف نسمة ما يزال قطاع البريد بها كما كان عليه منذ سنوات التسعينيات بمجمع بريدي واحد إضافة إلى مكتب آخر لا تزيد مساحته عن 10 أمتار يتجمع فيه يوميا ما لا يقل عن 1000 شخص، يكون الاحتكاك الذي يؤدي في الكثير من الأحيان إلى صراعات لا تنتهي إلا بتدخل الشرطة.