لا يزال المئات من زبائن مؤسسة ''بريد الجزائر'' يشتكون تأخر حصولهم على دفاتر الصكوك مع انعدام خدمة ''رمز ''3 الذي أعادت استحداثه إدارة المؤسسة المذكورة بداية السنة، لاستدراك تأخر صدور وتسليم الصكوك البريدية بمختلف المكاتب، في حين تؤكد مصادرنا من ''بريد الجزائر'' أن سبب التأخر لا يرجع إلى مصالحها بقدر ما يعود إلى الزبون نفسه، الذي لا يحدد عنوانه الأصلي عند طلب الصك البريدي، حيث تتواجد الآلاف منها اليوم على مستوى المكاتب الأصلية تنتظر من يسحبها، في الوقت الذي يبقي فيه التعامل بالبطاقات المغناطيسية ضعيفاً مقارنة بالتوقعات. ارتفعت في المدة الأخيرة طلبات زبائن مؤسسة ''بريد الجزائر'' بخصوص دفاتر الصكوك البريدية التي لم تصل لأصحابها منذ أكثر من سنة في بعض الحالات، وما زاد من قلق المواطنين خاصة الطلبة منهم عدم تمكنهم من سحب أموالهم، لاسيما الزبائن الجدد الذين لم يتحصلوا على بطاقاتهم المغناطيسية، وفي كل مرة يستفسرون فيها عن طلبات دفاتر الصكوك البريدية يقابلون من طرف أعوان المكاتب البريدية بضرورة الانتظار لمدة إضافية، وعند المطالبة باستغلال خدمة ''الرمز ''3 الذي أعلنته المؤسسة منذ بداية السنة لتسهيل عملية الحصول على الدفاتر فإن أغلب مكاتب البريدي تؤكد تجميد الخدمة منذ أكثر من خمس سنوات وأنها لا تتعامل بها، مما جعلنا نتنقل إلى عدد من مكاتب البريد عبر العاصمة للوقوف على حجم معاناة الزبائن مع إشكالية الصكوك البريدية التي في كل مرة يتم الإعلان فيها عن التحكم في المشكل يجد فيه الزبون نفسه أمام نفس المشكل. الزيارة انطلقت من البريد المركزي من منطلق أنه يعد من أكبر المكاتب البريدية بالعاصمة من ناحية عدد الزبائن الذين يترددون عليه والمعاملات التي يقوم بها أعوانه يوميا والتي تزيد عن عشرة آلاف عملية في أوقات الذروة حسب الأعوان، وبعين المكان أكد لنا العاملون بالمكتب أن خدمة ''رمز ''3 غير متوفرة من منطلق أنها مجمدة منذ مدة طويلة، وما على طالبي دفاتر الصكوك البريدية إلا تقديم طلباتهم وخلال 10 أيام يمكنهم الحصول على صك بريدي، لكن الواقع الذي يتحدث عنه زبائن المؤسسة يخالف تصريحات الأعوان حيث تقول السيدة مليكة عاملة بقطاع التعليم أنها تنتظر دفترها البريدي منذ أكثر من أربعة أشهر تاريخ إيداع الطلب، وهي اليوم مجبرة على سحب راتبها الشهري على دفعتين وثلاث دفعات من خلال استعمال بطاقتها المغناطيسية أو طلب خدمة ''صك الإنقاذ'' الذي لا يسمح باستعماله في كل مرة، وتدعو المتحدثة مسؤولي المؤسسة إلى التقرب من الزبون أكثر لتحديد انشغالاته واستدراك النقائص. من جهتها تتحدث ''سعاد'' (طالبة جامعية سنة أولى بمعهد الحقوق) أنها منذ بداية السنة لم تتمكن من سحب منحتها الجامعية، بسبب عدم حصولها على أول دفتر للصكوك البريدية، ورغم تنقلها شبه اليومي للمكتب البريدي الذي فتحت به حسابها البريدي يتم توجيهها إلى مكتب مخالف وهي اليوم حائرة وقلقة من استمرار الإشكال إلى غاية السنة الثانية، أما ''الحاج محمد'' متقاعد وضرير فقد كان منزويا بإحدى زوايا المكتب البريدي بساحة الشهداء ينتظر من يلتفت لمشكله الذي طال فيقول أنه منذ أكثر من ستة أشهر لم يتمكن من سحب منحة تقاعده بسبب عدم حصوله على دفتر الصكوك البريدية الذي يؤكد أنه دفع طلبه حتى قبل نفاد الصكوك التي كانت بحوزته، إلا انه ينتظر إلى غاية اليوم توفير طلبه، ونظرا لوضعيته الصحية فهو عاجز على متابعة مشوار البحث وفي كل مرة يستعطف فيها أحد الأعوان للحصول على خدمة ''صك الإنقاذ'' لسحب منحته والتي غالبا ما تكون على حصتين بسبب تحديد القيمة ب20 ألف دج وفي بعض الأحيان تنخفض إلى 10 آلاف، من جهة أخرى أكد معظم المتقاعدين ممن التقيناهم عبر مكاتب البريد بالعاصمة أنهم يجهلون لغاية اليوم طريقة استعمال بطاقاتهم المغناطيسية، الأمر الذي يجعلهم يستخدمون الصكوك البريدية التي تعودا عليها ويرون أنها أكثر أمنا من باقي الخدمات المقترحة لسحب الأموال. إتلاف ألفي دفتر صكوك بسبب العناوين الخاطئة وردا على انشغالات الزبائن تؤكد إدارة مؤسسة ''بريد الجزائر'' أنها زودت المركز الوطني للصكوك البريدية ببلدية بئرتوتة نهاية السنة الفارطة بأربع آلات لصنع دفاتر الصكوك من الطراز الحديث وهو الأمر الذي ساعد المؤسسة على استدراك العجز في عملية الطبع بعد بلوغ قدرة إنتاجية تصل إلى 400 ألف دفتر صكوك بريدية في اليوم، بما يعادل إنتاج ثلاثة أيام ونصف بواسطة الآلات القديمة التي كانت مستغلة في السابق، وبغرض تخفيف الضغط على باقي الولايات تم مؤخرا الرجوع إلى التسيير المركزي لعملية طبع الدفاتر عبر المراكز الستة عبر التراب الوطني. وحسبما أكده المكلف بالإعلام بالمديرية العامة لمؤسسة ''بريد الجزائر'' السيد نور الدين بوفنارة، فإن إعادة بعث خدمة ''رمز''3 اتخذ كإجراء تمت تجربته على بعض المكاتب البريدية بالعاصمة لتخفيف الضغط واستيعاب كل الطلبات، حيث لم يتم لغاية اليوم مراسلة كل المكاتب البريدية لاسترجاع الخدمة القديمة، نظرا للعمل العادي الذي تقوم به مصالح استقبال طلبات دفاتر الصكوك البريدية التي تقوم اليوم بعملها بشكل عادٍ، وبخصوص مدة استلام دفتر الصكوك التي وصفها الزبائن ب''الطويلة'' والتي قد تدوم عدة أشهر وأحيانا سنة، أكد السيد بوفنارة أنه يتم طبع دفاتر الصكوك في 48 ساعة بعد استلام الطلب، غير أن الإشكال قد يحصل على مستوى شبكة التوزيع فغالبا ما يخطئ الزبون في تحديد عنوانه الأصلي وينسى حتى عنوان المكتب الذي أودع به طلبه، مشيراً إلى أن مصالح ''بريد الجزائر'' تقوم بإشعار المواطن عن طريق البريد عبر مراسلة خاصة تصله إلى العنوان المحدد في الدفتر، تدعوه للحضور إلى المكتب البريدي المحلي في آجال لا تتعدى 15 يوماً، إلا أنه وبعد انقضاء هذا الأجل يعيد مكتب البريد الدفتر إلى مركز الصكوك البريدية ليتم إتلافه قصد تفادي التزوير. وفي هذا السياق أكد المسؤول أن المؤسسة تقوم يوميا ولأسباب أمنية بإتلاف 2000 دفتر صكوك التي لم يطلبها أصحابها، وعليه فإن إشكال تأخر استلام الدفاتر البريدية يعود بالدرجة الأولى إلى الزبون نفسه الذي يخطئ في تحديد عنوانه والمكتب الذي يجب أن يطلب منه دفتره، لذلك يتم على مستوى مركز الصكوك البريدية بساحة الشهداء استقبال كل الطعون وتوجيه الزبائن نحو المكاتب البريدية الأصلية لسحب صكوكهم البريدية قبل إتلافها. ومن ضمن الإجراءات الجديدة التي سيتم التعامل بها مستقبلا من طرف المركز الوطني للصكوك البريدية، هو إعداد دفاتر صكوك الحساب الجاري البريدي تتضمن 25 صكا للحد من عدد الطلبات، علماً أن المركز الوطني للصكوك البريدية يصدر حاليا 200 ألف دفتر يومياً، وتسعى ''بريد الجزائر'' إلى تعميم استعمال البطاقات المغناطيسية في المستقبل القريب، مع تشجيع الزبائن على طلب خدمات الاستمارة الموحدة التي تعوض ''الصك الاستعجالي'' عبر كل المكاتب البريدية منذ قرابة سنة، إذ من شأن هذه الاستمارة تعويض الصك البريدي مستقبلا، أما بخصوص الصك المشطوب، الذي غالبا ما يطلب لاستكمال تكوين الملفات الإدارية فسيعوض نهائيا حسب المتحدث بالرقم التسلسلي البريدي المتوفر منذ أكثر من سنة.