كشف وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، «جمال ولد عباس»، أن الأطباء العامين سيستفيدون من زيادات معتبرة في الأجور تتراوح بين 70 بالمائة إلى 111 بالمائة، على أن يتم تطبيقها ابتداء من صدورها في الجريدة الرسمية المرتقبة الأسبوع المقبل. في وقت تجاهل فيه تهديد الأطباء المقيمين ب«الاستقالة الجماعية» بقوله إن ذلك «أمر لا معنى له»، رافضا الخضوع للضغوط. جدّد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات رفضه الاستجابة لبعض مطالب الأطباء المقيمين باستثناء ما تعلّق منها بتحسين ظروف العمل والوضع البيداغوجي وكذا النظام التعويضي، وخصّ بالذكر قضية إلغاء الخدمتين المدنية والعسكرية التي أكد بأنهما خارج صلاحياته، حيث دعا هذه الفئة إلى ضرورة التعقّل وتغليب الحكمة والحوار من أجل الوصول إلى حلول. وعندما سأل الصحفيون الوزير «ولد عباس» على هامش جلسة الأسئلة الشفوية أمس الأول بمجلس الأمة، عن تهديد الأطباء المقيمين بتقديم استقالة جماعية واللجوء إلى سفارات أجنبية لطلب «الفيزا»، لم يتوان في الإجابة ببرودة: «الإقدام على الاستقالة الجماعية ليس له معنى لأنهم سيكونون الخاسر الوحيد»، واعتبر أن الخدمة المدنية التي يُطالب هؤلاء بإلغائها «ليست عقابا وإنما تم إقرارها من قبيل واجب التضامن». وإلى جانب وصف المتحدّث بعض مطالب هذه الشريحة ب«المشروعة»، فإنه تبنى نوعا من الليونة في خطابه عندما لم يستبعد إلغاء الخدمة المدنية في المرحلة المقبلة وهو ما بدا واضحا من كلامه الذي ورد فيه أن «الخدمة المدنية التي كانت مفروضة حتى 1993 على الأطباء العامين تمّ إلغاؤها بعد أن تأكدت السلطات العمومية بتحقيق تغطية صحية كافية على المستوى الوطني»، قبل أن يُعطي السقف الزمني المتوقع بقوله: «ربما في ظرف عامين أو ثلاثة، وبشكل تدريجي، لن نكون بحاجة إلى الخدمة المدنية بالنسبة للأطباء المقيمين». وعلى حدّ تعبيره فإن «الخدمة المدنية سوف لن تدوم إلى الأبد»، حيث ربط نهايتها بضمان تغطية في الأطباء الأخصائيين على مستوى المناطق النائية خصوصا منها مناطق الجنوب الجزائري، وقد أعطى مثالا بانشغال ممثل ولاية تمنراست في مجلس الأمة صاحب سؤال شفوي حول ما يترتب من حالات وفيات جرّاء العجز المسجل في الأطباء الأخصائيين بهذه الولاية. ولمّح إلى أن الحوار مهم لمناقشة هذا الملف «هؤلاء مرحّب بهم لإجراء حوار مفتوح وشفاف لكن دون فرض أي شيء». وموازاة مع ذلك ستشرع وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، وفق «ولد عباس»، الأسبوع المقبل في توجيه جزء معتبر من دفعة الأطباء الأخصائيين المتخرجين والمقدّر عددهم ب1160 طبيب إلى ولايات الجنوب، فيما أشار إلى أنه في إطار التحسين التدريجي لعملية التكفل الطبي في مناطق الجنوب يجري تطوير عمليات النقل الاستشفائي الذي يشمل إلى جانب تعزيز حظيرة سيارات الإسعاف بسيارات رباعية الدفع، ترقية خدمة الطيران الطبي الذي شرع فيها من خلال التوقيع على اتفاقية مع شركة طيران «الطاسيلي»، لاستخدام طائرتين طبيتين و5 مروحيات للنقل الطبي، وذلك بتكلفة مقدرة ب93 مليار سنتيم. وكان جديد الوزير أن الأطباء العامين سيستفيدون من زيادات بين 88 بالمائة و111 بالمائة، بالنسبة للأطباء المبتدئين، أي أنها ستسمح بانتقال راتبهم الصافي من 33 ألف دينار إلى 60 ألف دينار، بينما تتباين الزيادات بين 70 بالمائة و94 بالمائة بالنسبة للفئة السادسة التي تمتد نسبة ممارستهم للمهنة بين 10 و15 سنة، وبين 75 بالمائة و98 بالمائة بالنسبة لأطباء الفئة العاشرة التي تمتلك أزيد من 20 سنة أقدمية في الممارسة، مع تطبيق الزيادات بأجر رجعي من جانفي 2008، والتي قد تصل في مجملها إلى حدود 180 مليون سنتيم لدى بعض الفئات. أما بشأن توقعات بإمكانية حصول ندرة في الأدوية خلال العام الحالي، فقد حرص «جمال ولد عباس» على التأكيد بأن قطاعه يتوقع تغطية الاحتياجات الوطنية بنسبة تفوق 70 بالمائة من الإنتاج الوطني، وأعلن بالمناسبة تلقي مصالحه 140 ملف لمستثمرين محليين وأجانب لصناعة الأدوية الأصلية والجنيسة، وأوضح أن هذه الملفات ستعرض على اللجنة الوطنية للاستثمارات من أجل الموافقة عليها.