أحيانا يكون للوجوه التي نعرفها ونأنس بوجودها.. وجوها أخرى.. عوالم مكسوة بزغب التفاصيل التي تخفي صوتا هادئا يستدعي منا الوقوف قليلا عند عتباتها.. ولتضبط بوصلة الحكاية على اتجاه الحقيقة.. كانت هذه المساحة وليدة إفضاء جمعتنا بوجه إعلامي حاضر رغم الغياب.. وجه.. له من العمق ما يستفزّ السّؤال.. «ريان عثماني» سندباد الحكاية. بداياتك.. حدثنا عنها قليلا؟ كان حب الإعلام حلما يراودني منذ الصغر، حيث انبهرت في بداياتي بالصحافة المكتوبة وكنت أتابع يوميا جريدة النصر والمجاهد، وزاد إصراري لتحقيق هذا الحلم عند التحاقي بالثانوية، وكنت أوّد المشاركة بإسهاماتي في مجلة الثانوية ولكنها كانت مخصصة فقط للأقسام النهائية، ما جعلني أقترح على أستاذي في اللغة الإنجليزية الذي كنت متفوقا جدا في مادته أن نصدر مجلة باللغة الإنجليزية والفرنسية، وبالفعل صدرت المجلتين وكتبت فيهما عن أمور عديدة منها حرب العراق، فحبي للكتابة جعلني أكتب حتى بالإنجليزية والفرنسية، ولما تحصلت على البكالوريا وجهت لغة إنجليزية لأنّ معدلي كان عال في هذه المادة، لكن غيرت التخصص للإعلام والاتصال لحبي الشديد للصحافة وتخصصت في السنة الثالثة جامعي في السمعي البصري، كتبت في جريدة “Horizon” وجريدة المساء، وفي الوقت نفسه كنت مستمعا جيدا لإذاعة جامعة التكوين المتواصل، فكانت أوّل قناة لها خبرة كبيرة في بث برامج باللغتين الفرنسية والعربية، كنت من المتتبعين لمريم وجهيد جهيد، وكنت أشارك في كلّ مرة في البرامج التي يقدمونها، لكن لم أحتمل فكرة مشاركتي كمستمع فقط، وفي السنة الثالثة جامعي قمت بتربص وكذا بحث حول الإذاعة وبرامجها، ليشاء القدر أن ألتحق بالطاقم الصحفي الموجود آنذاك وأصبحت أحد أفراده، حيث كان أوّل برنامج قدمته “ألوان ثقافية” ثم أصبحت فيما بعد مذيعا ومنتجا ومخرجا لكل البرامج التي أقدمها، وبعدها جاءت فكرة القناة الأولى حيث كان كريم بوسالم نجما متألقا في برنامج صباح الخير، وبعد شهرين من تقديمي الفقرات الليلية أثبت جدارتي وأصبحت مقدم برنامج “صباح الخير”، وهكذا انتقلت من برنامج إلى آخر وصولا إلى برنامج “نيو جيل كوم” الذي كان يشرف عليه محمد شنيوني وهو برنامج شبابي حقق نجاحا كبيرا، و بعدها استدعتني السيدة ليلى لتقديم “مسك الليل” بعد مراد زيروني، فقدمت أربعة حلقات، حيث وجدته برنامج نسائي مائة بالمائة من خلال تقديم ركن الطبخ، الموضة، الحلاقة، ورأيت من الأحسن أن تقدمه امرأة، وقدمت بعدها البرنامج المباشر “مساء الخير”. ماذا عن واقع المشهد الثقافي والإعلامي في الجزائر؟ فيما يخص المشهد الثقافي في الجزائر يطبعه الارتباك والتذبذب، ومازال المغرب الأقصى هو الوجهة الأولى للثقافة في المغرب العربي، فالحدث الثقافي في المغرب غير الحدث الثقافي في الجزائر، فمهرجان مراكش يخطف الأضواء عالميا، وفيما يخص المشهد الإعلامي مازلنا نتخبط في الارتجال والجهوية، حيث توجد جرائد جهوية وإذاعات جهوية في حين المفروض يوجد إعلام وكفى، فنحن ما زلنا متأخرين إعلاميا ولم نلتحق بالركب بعد، ففي التسعينيات كانت برامجنا التلفزيونية تبهر التونسيين والمغاربة بالمستوى الذي وصلنا إليه، كانت ومازالت المدرسة الإعلامية في الجزائر تمد القنوات العربية وحتى العالمية بأسماء لامعة، ونحن حاليا مقبلون على ثورة إعلامية ستأخذ وقتا طويلا حتى تنضج،سندخل في متاهات بتعدد القنوات، لكن القناة الأجدر هي من ستصمد في الأخير. يشهد التلفزيون الجزائري من فترة لأخرى هجرة بالجملة للوجوه الإعلامية نحو فضائيات أخرى ما تعليقك على هذه الظاهرة؟ عرفت فترة التسعينيات هجرة العديد من الأسماء الفاعلة على الساحة الإعلامية كبلال العربي وفاطمة حوحو وكمال علواني وخديجة بن قنة وعبد القادر عياض...إلخ، وهذه الهجرة لها جانبها الإيجابي كما لها جانبها السلبي، الجانب الإيجابي يكمن في تمثيلهم للجزائر أحسن تمثيل وخاصة في التسعينيات كانت الجزائر محاصرة ثقافيا وإعلاميا، لكن هذه الصفوة أعطت صورة مشرّفة للجزائر، أما الجانب السلبي يتمثل في الهجرة جماعية وفي وقت واحد، وفي بعض الأحيان كانوا يتركون التلفزيون خاويا على عروشه، لكن في كل مرة كانت تولد أسماء جديدة وتتألق.. وللحكاية تتمة أخرى