هددت أحزاب تكتل الجزائر الخضراء بالانسحاب من الانتخابات التشريعية في حال حدوث تزوير، وبحسب القيادي في حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري فإن فوز الإسلاميين هو الدليل على نزاهة الانتخابات التشريعية . لم يتردد مقري في تصريحات أدلى بها للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية في جعل فوز الإسلاميين بالانتخابات شرطا لنزاهتها، وقد حاول أن يبرر ذلك بالقول إن حركة مجتمع السلم فازت بالانتخابات الرئاسية سنة 1995 وفازت بتشريعيات سنة 1997 غير أنه تم تزوير النتائج، وهو نفس الكلام الذي يردده عبد الله جاب الله، غير أن جبهة التحرير الوطني هي الأخرى اتهمت السلطة بتزوير انتخابات سنة 1997 وقالت إنها كانت ضحية حيث فقدت الأغلبية التي ذهبت إلى التجمع الوطني الديمقراطي، والمفارقة هي أن تقرير اللجنة البرلمانية للتحقيق في التزوير والتي ترأسها النائب عن الأفلان مصطفى معزوزي لم ير النور وقد أحجم الأفلان عن نشره، ولم يتم تقديم أي أدلة على هذا التزوير الذي تكاد تجمع كل الأحزاب السياسية على أنه ضرب مصداقية انتخابات سنة 1997 في الصميم. حديث التزوير الذي بدأت أحزاب التكتل الإسلامي تتحدث عنه يبدو ورقة سياسية، فقد جاء سابقا لأوانه، ورغم أن بقية الأحزاب تحذر من مخاطر التزوير فإن الإسلاميين هم القوة السياسية الوحيدة التي تربط نزاهة العملية بفوز هذا التيار بالأغلبية، ولم تقدم الأحزاب التي تتخوف من التزوير أي أدلة تثبت مخاوفها غير الحديث عن تسجيل جماعي لأفراد الجيش في القوائم الانتخابية وهو أمر بررته وزارة الداخلية قانونيا، وقد عاد الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني حملاوي عكوشي إلى الحديث عن هذه القضية بالقول “ضخ قوائم الجيش في القائمة الانتخابية كما حدث في تندوف تزوير، خاصة أنهم (وزارتا الداخلية والعدل) لا يردون على طلبات التوضيحات التي تقدمنا بها”، في حين اتخذ أبو جرة سلطاني موقفا مماثلا لما ذهب إليه مقري عندما قال “الشعب اصدر حكما (بالتزوير) مع وقف التنفيذ وينتظر ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات”. حديث أحزاب التكتل عن التزوير يبدو جزء من الحملة الانتخابية المسبقة التي تخوضها هذه الأحزاب حيث يتم التركيز على تبييض صورة هذه الأحزاب التي توصف بأنها أحزاب السلطة، ويجري استغلال نتائج الانتخابات التي جرت في كل من تونس والمغرب ومصر لتأكيد أحقية الإسلاميين بالأغلبية رغم خصوصية التجربة الجزائرية التي تستند إلى عقدين من التعددية وإلى مأساة وطنية غيرت نظرة الجزائريين إلى الإسلاميين بشكل جذري، ويبدو خطاب أحزاب التكتل موجها للاستهلاك الإعلامي وهو يهدف إلى رفع معنويات قواعد هذه الأحزاب من خلال التأكيد على أن الأغلبية ستكون مضمونة في كل الأحوال، ويتجاهل هؤلاء تشتت صفوف الإسلاميين حيث رفض جاب الله الذي يقود جبهة التنمية والعدالة التحالف مع حمس وشريكيها، ويقول جاب الله هو الآخر أنه متأكد من الفوز في الانتخابات وهو لا يتحدث عن أحزاب التكتل بأنها معنية بفوز الإسلاميين الأكيد في الانتخابات لأن تلك الأحزاب منبطحة حسب وصفه. تشديد اللهجة مع السلطة هو من ضمن الوسائل التي تستعملها أحزاب التكتل للظهور بمظهر الأحزاب المعارضة، وقد حاول مقري في تصريحاته أمس أن يبرر قرار المشاركة في السلطة خلال العقدين الماضيين، كما سعى إلى شرح بقاء حمس في الحكومة بعد مغادرة التحالف الرئاسي مطلع السنة الجارية، وقد انتقل مقري إلى صف أبو جرة سلطاني وبرر سياساته بعد أن كان يلعب دور قائد الجناح المتشدد في الحركة الذي دعا إلى الانسحاب من الحكومة خلال السنوات الأخيرة، وهو نفس الدور الذي لعبه أبو جرة سلطاني نفسه في عهد الشيخ الراحل محفوظ نحناح غير أن تلك المعارضة لم تصل أبدا إلى حد الانسحاب من الحركة. الحل الذي تقترحه أحزاب التكتل لتجاوز التزوير هو أن المشاركة القوية للمواطنين في العملية الانتخابية عبر كل أطوارها، واللافت هنا هو أن الرئيس بوتفليقة كان السباق إلى دعوة المواطنين لحماية أصواتهم من أي تزوير، وكان خطابه بمناسبة الاحتفال بعيد العمال واضحا حيث اعتبر أن مهمة المواطن لا تنتهي بمجرد إيداع ورقة التصويت في صندوق الانتخاب، وتتفق كل الأحزاب على أن مشاركة قوية ستكون ضمانا إضافيا لنزاهة الانتخابات، وهو ما يعني أن تهديدات أحزاب التكتل لا تتمتع بأي خصوصية كما أنها لا تمثل موقفا سياسيا متفردا غير أن ربط نزاهة الانتخابات بفوز الإسلاميين يمثل محاولة للضغط على الناخبين لتوجيه إرادتهم.