بحضور الأسرة الإعلامية وكذا حضور المجاهدة زهرة بيطاط والمدير العام للديوان الوطني للثقافة والإعلام وحضور مدراء المصالح الفرعية لوزارة الثقافة، كانت وزيرة الثقافة ضيفة فضاء وقفات تاريخية بقاعة الأطلس التي ينظمها الديوان الوطني للثقافة والإعلام بمناسبة عيد النصر المصادف ل 19 مارس من كل سنة. كانت مشاركة خليدة تومي تندرج في إطار إثراء الندوة التي كان عنوانها “دور الثقافة في الحفاظ على الهوية الوطنية، حيث أكدت في بداية مداخلتها على ضرورة تحديد بعض المفاهيم التي كثيرا ما نتداولها لكن كلّ يعرّفها بمنظوره، كمفهوم الثقافة وعيد النصر والتاريخ...إلخ، فعيد النصر يحيلنا مباشرة إلى 19 مارس 1962 المتزامن مع إتفاقيات إفيان المبرمة بين جبهة التحرير الوطني الممثل الوحيد آنذاك للشعب الجزائريوفرنسا، وهذه الإتفاقيات تعتبر بمثابة الإعتراف الضمني من فرنسا بوجود حكومة جزائرية وشعب جزائري بعد استعمار استيطاني دام أكثر من 132 سنة، فالجزائر المستقلة بكامل سيادتها هي من قررت أن تجعل من 19 مارس عيدا وطنيا للنصر تحتفي به كل سنة. وفيما يخص مفهوم الثقافة ارتأت وزيرة الثقافة خليدة تومي أن تعرّفها على أنّها ذلك الرأس المال المتراكم المكوّن من طاقات وقدرات شعب من أجل إنتاج المعاني والجمال إنتاجا صحيحا مع بحث سبل الوصول والطموح دائما إلى الأفضل، وآثار الإنسان الجزائري في جمالياتها وإبداعها مازالت موجودة عبر رسومات الطاسيلي والأهقار رغم مرور ملايين السنين، أما التاريخ تقول معالي الوزيرة خليدة تومي فمن خلال البحث الذي قمت به في جل كتابات المؤرخين وجدت أنّ التعريف الأقرب للذهن هو أنّ التاريخ كلّ ما هو موجود في الماضي ومرشح أن يبقى موجود في الحاضر وفي نفس الوقت يرشدنا إلى المستقبل، حيث منذ دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر وعن نية مبيّتة وسياسة مدروسة عمل بكل الوسائل أن يطمس معالم الهوية والثقافة الجزائرية من دين وتاريخ وتراث مادي ومعمار إسلامي...إلخ، لكن تاريخ 5 جويلية 1962 يمثل الانهزام الحقيقي للسياسة الفرنسية الرامية لدفن الكيان الثقافي الجزائري، وهي أيضا بداية الخروج من غرفة الإنعاش بعد غيبوبة دامت 132 سنة. وفيما يخض التحضيرات للاحتفالات المخلدة لخمسينية عيدي الاستقلال والشباب فقد أكدت خليدة تومي أنّ الاحتفال الرسمي سينطلق يوم 5 جويلية 2012 وسيدوم لسنة كاملة أي إلى غاية 5 جويلية 2013، كما أكدت أنّ الاحتفال بهذه المناسبة يهم كلّ القطاعات وليست وزارة المجاهدين فقط، حيث توجد منذ أكثر من عشرين سنة لجنة وطنية مكلفة بالأعياد الوطنية موجودة بوزارة المجاهدين، وهي منصبة وفقا لمرسوم تنفيذي وتتشكل من ممثلين عن عدة وزارات وهيئات وهي تعمل بصفة دائمة، كما نصبت لجنة حكومية لديها نفس المهمة يترأسها الوزير الأول السيد أحمد أويحي، ومن جهة أخرى عرجت إلى برنامج الاحتفالية الذي يشمل جميع الميادين من مسرح وموسيقى وتراث ومعارض للكتب وسينما، هذه الأخيرة التي تحدثت عنها مطولا حيث فتحت الوزارة المجال لجميع السينمائيين ليقدموا أعمالهم الخاصة بالثورة في جوان 2011، وقد إستقبلت الوزارة 150 مشروعا، ستدرس كلها من طرف لجنة القراءة التي يترأسها موسى حداد ويساعده في ذلك نقاد سينمائيين وأدباء ومؤرخين، وستنشر التقارير والإعلان عن الأعمال المقبولة بكلّ شفافية بداية شهر أفريل، وقد كنا ننتظر فقط الميزانية لتجسيدها حيث تحصلنا الأسبوع الماضي فقط على 50 بالمائة من الميزانية التي طلبتها الوزارة لتجسيد المشاريع المبرمجة لخمسينية الاستقلال، فالسينما كما أكدت خليدة تومي بلغة الأرقام عرفت انتعاشا كبيرا ونقلة نوعية في الآونة الأخيرة من حيث الكم والكيف، وفيما يخص قاعات السينما ففي الوقت الذي حوّلت فيه 75 بالمائة من قاعات السينما عن مهامها نحن نملك حاليا 250 قاعة سينما، وتعمل الوزارة كلّ ما في وسعها لاسترجاع ما يمكن استرجاعه وترميم ما يمكن ترميمه ولما لا إنشاء قاعات جديدة، وفيما يخص المسرح فستشارك بخمسين عرض مسرحيا إحتفاءا بالخمسينية، والكتاب أيضا حاضر في كلّ التظاهرات وتوليه الدولة اهتماما كبيرا، ومن المفروض أن الدولة ليس من مهمتها تولي توزيع الكتب ولكنها تقوم بذلك في ظل الفراغ الموجود، وتختم خليدة تومي مداخلتها بالاعتراف أنّ الوزارة لا يمكنها بمفردها تسيير القطاع الثقافي بل لابد من تضافر جهود كل الشركاء، كما أكدت أنّه لا “تنقصنا الإمكانيات المادية والبشرية حتى ننهض بالقطاع، فشبابنا لديه القدرة والإرادة، لكن ما ينقصنا تكوين الأجيال الصاعدة حتى تكون أكثر احترافية” حسب قول الوزيرة.