كشفت مصادر مؤكدة من بيت حزب جبهة التحرير الوطني أن عضو المكتب السياسي «عبد الحميد سي عفيف» يُحضّر للإعلان عن جبهة معارضة ضد الأمين العام «عبد العزيز بلخادم» بعد أن رفض الأخير إعادة ترشيح الأوّل على رأس قائمة ولاية مستغانم، وأضافت مصادرنا أن التيار لم يعد يمر بين الرجلين إلى درجة أقسم فيها «سي عفيف» بأنه لن يسكت عما تعرّض له. نقلت مصادر قيادية في حزب جبهة التحرير الوطني أن عضو المكتب السياسي والرئيس الحالي للجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني، «عبد الحميد سي عفيف»، أصبح من أكثر المعارضين لبقاء «عبد العزيز بلخادم» على رأس «الحزب العتيد» بعد أن اتهمه ب «التحيّز» في اختيار مرشحي «الأفلان» للتشريعيات المقبلة، وذكرت بعض الأوساط أن الأمور لا تبعث على الارتياح في هذا الحزب ما يهدّد استقراره في الفترة المقبلة. وبحسب ما حصلت عليه «الأيام » من معلومات مؤكدة فإن «سي عفيف» كان - إلى غاية اليومين الأخيرين قبل انتهاء موعد إيداع قوائم الترشيحات- يؤمن بأنه سيكون ضمن «الاستثناءات» التي تحظى بثقة من الأمين العام للحزب على غرار أعضاء آخرين في المكتب السياسي مثل «الطيب لوح» متصدّر قائمة تلمسان، «رشيد حراوبية» رأس قائمة مرشحي سوق أهراس وكذا «عمار تو» الذي جاء في صدارة قائمة ولاية سيدي بلعباس، قبل أن يُصدم بإبعاده من السباق في آخر لحظة. واستنادا على ما أبلغتنا به الجهات التي تحدّثت إلينا فإن اجتماعا انعقد الأسبوع الماضي بين «عبد العزيز بلخادم» و«عبد الحميد سي عفيف» بحضور عدد من أعضاء المكتب السياسي من أجل مناقشة «الاستثناءات» وكذا قرار الأمين العام بإبعاد أعضاء المكتب من الترشح، وبعد أن كان رئيس الكتلة البرلمانية ل «الأفلان»، القيادي «العياشي دعدوعة»، أول من قبل بالقرار فإن «سي عفيف» اشترط الموافقة على التنازل بأن يشمل القرار كافة أعضاء المكتب دون استثناء، وأمام إصرار «بلخادم» على موقفه اقترح الأوّل فكرة أخرى وهي الاستقالة من عضوية المكتب مقابل ترشيحه على رأس قائمة مستغانم، لكن الملاسنات انتهت برفض مقترحه. وبعد أن تمت كافة الأمور وتأكد «سي عفيف» بأنه لم يعد يدخل ضمن الاستثناءات التي اختارها «عبد العزيز بلخادم»، أقسم بأغلظ الإيمان بأنه لن يسكت على ما وصفه ب «التهميش» الذي يطال إطارات الحزب، ويجري الحديث عن تحرّكات حثيثة من طرفه لجمع مساندين من الغاضبين على سياسة الأمين العام خاصة من وجدوا أنفسهم غير معنيين بسباق التشريعيات وذلك بهدف تشكيل جبهة مضادة ل «بلخادم» قد تصل إلى حدّ الإطاحة به. والواقع أن «عبد الحميد سي عفيف» لم يتردّد في إعلان تمرّده عن «بلخادم» فقد صرّح قبل يومين لإحدى المواقع الإخبارية بأنه ضد السياسة التي بات الأمين العام لجبهة التحرير الوطني يتبناها في الآونة الأخيرة، وقال في هذا الشأن: «في البداية تقبّلنا قرار بلخادم بعد أن اعتقدنا بأن الأمر يتعلق بجميع أعضاء المكتب السياسي، لكننا تفاجأنا بعدها بالترخيص لأربعة أعضاء للترشح من دون تقديم تبريرات مقنعة»، وتساءل: «على أي أساس يُسمح للبعض بالترشح دون الآخر؟». وبلهجة استغراب تابع «سي عفيف» تصريحاته: «هل هذا الاستثناء تمّ بمنطق الكفاءة؟ أم على أساس الشهادة أو الالتزام الحزبي؟»، وفي كل الحالات فإنه يجيب على ذلك قائلا: «إذا كان على أساس الكفاءة فأنا حاليا أشغل منصب رئيس لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني، وإذا كان على أساس الشهادة فأنا حامل شهادة عليا، أما إذا كان على أساس الالتزام فأنا حاليا عضو المكتب السياسي للحزب وهذا يدلّ على أنني قدّمت الكثير للأفلان». وإلى جانب تهديدات «عبد الحميد سي عفيف» فإن الأغلبية البرلمانية ل «الأفلان» باتت على المحك أمام الانقسام الحاصل والغضب العارم على الأمين العام بسبب قوائم المترشحين، وما سيزيد من متاعب «بلخادم» هو فشل مساعي الصلح إثر قرار ما يسمى ب «حركة التقويم والتأصيل» دخول التشريعيات المقبلة بحوالي 20 قائمة مستقلة مثلما سبق ل «الأيام» وأن أشارت إليه. أما إذا تحالف المعارضون في جبهة واحدة فإن الأمر يسير نحو مزيد من التململ داخل هذا الحزب الذي لا يعرف الاستقرار منذ سنوات علما أن غالبية الأمناء العامين لجبهة التحرير الوطني أطيح بهم عن طريق «انقلاب»، مثلما فعل «بلخادم» نفسه الذي قاد «حركة تصحيحية» أزاحت «علي بن فليس» في 2004.