شرع أمس رئيس المجلس الانتقالي الليبي، المستشار «مصطفى عبد الجليل»، في زيارة رسمية إلى الجزائر هي الأولى له بدعوة من رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة». وتتصدّر هذه الزيارة الكثير من الملفات ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها تأمين الحدود وتعزيز التعاون الأمني بين البلدين وكذا مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب. بدأ رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، أمس، زيارة رسمية إلى الجزائر تدوم يومين، وكان في استقبال «مصطفى عبد الجليل» لدى وصوله إلى مطار «هواري بومدين» الدولي رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» بحضور مسؤولين سامين في الدولة وأعضاء الحكومة وممثلين عن السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، وقد أعقب ذلك محادثات على انفراد بين «بوتفليقة» و«عبد الجليل». حسب ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية فإن زيارة رئيس المجلس الوطني الانتقالي، «مصطفى عبد الجليل»، تدخل في إطار «تعزيز التشاور والتعاون بين ليبيا والجزائر والسبل الكفيلة بتطويرها وتدعيمها في مختلف المجالات بما يتماشى وتطلعات شعبي البلدين»، وأضافت الوثيقة أنه «سيتم مناقشة القضايا التي تشهدها المنطقة على ضوء الأحداث الأخيرة وما تفرضه من تحديات» إضافة إلى «مناقشة القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك». ومن الجانب الليبي فقد صرّح قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية في الحكومة الانتقالية أن زيارة «عبد الجليل» للجزائر تهدف إلى «التباحث في سبل تطوير علاقات التعاون الثنائي في مختلف المجالات بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين الشقيقين»، وأوضح الدكتور «سعد الشلماني» أمس في تصريح لوكالة الأنباء الليبية أن «مباحثات المستشار عبد الجليل مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ستتناول العديد من الملفات ذات العلاقة بالتعاون الثنائي، ومن بينها التعاون الأمني وتأمين الحدود، باعتبار أن البلدين جاران ويرتبطان بتاريخ ومصالح مشتركة». وأشار المتحدّث إلى أن هذه الزيارة «ستكون مناسبة للتشاور والتنسيق حيال العديد من القضايا بما فيها مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب، بالإضافة إلى آخر التطورات في دول الجوار»، مذكّرا كذلك بمناقشة «الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة وما تفرضه من تحديات». ومعلوم أن زيارة رئيس المجلس الانتقالي الليبي إلى الجزائر قد تأجّلت لأكثر من مرة بسبب التطوّرات التي شهدتها ليبيا في الأشهر القليلة الماضية، لكن مع ذلك فقد سبقتها زيارات لوفد من الخبراء تبعها ثم زيارتي وزيري الخارجية والداخلية إلى طرابلس، تبعهما قدوم وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية، «فوزي عبد العال»، أواخر الشهر الماضي، حيث اقترحت الجزائر حينها مشروع «بروتوكول اتفاق» يتضمن «إنشاء لجنة ثنائية حدودية مشتركة تعني بتوسيع وتنويع مجالات التعاون بين البلدين في مختلف الميادين وخاصة الأمن وتنمية المناطق الحدودية»، فيما تعهّد الجانب الليبي على هذا المستوى ب «دراسة المشروع والرد عليه عبر القنوات الدبلوماسية في أقرب وقت ممكن». وتبرز أهمية زيارة «عبد الجليل» من حيث كونها بداية فعلية لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد مرحلة من الفتور نتيجة ما شهدته ليبيا من أحداث بعد «ثورة 17 فبراير 2011»، وينتظر أن يتباحث الطرفان في قضايا كثيرة مثل رفع قرار فرض التأشيرة على الجزائريين وتبادل الخبرات في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة وتامين الحدود، ولهذا فإن الجانب الجزائري يولي عناية خاصة بهذه الزيارة الأولى لمسؤول رفيع في المجلس الانتقالي الحاكم. ولم تتسرّب معلومات حول إمكانية مناقشة ملف تسليم عائلة العقيد الراحل «معمر القذافي»، لكن هناك مؤشرات بأن طرابلس اطمأنت للتعهدات التي تقدّمت بها الجزائر على لسان وزير الخارجية «مراد مدلسي» في آخر زيارة له إلى ليبيا والتي مفادها أن بلادنا لن تسمح «لعناصر من النظام السابق الإساءة إلى ليبيا أو المساس بأمنها واستقرارها». وكانت زيارة وزير الداخلية الليبي قد توجت بنتائج إيجابية من بينها الاتفاق على تنظيم دوريات مراقبة عبر الحدود، ويجري حاليا العمل على وضع خطة للتكفل بموضوع التكوين والتدريب في المؤسسات التكوينية المختلفة بالجزائر في إطار مساعدة الجانب الليبي في جهوده لهيكلة مختلف الأجهزة الأمنية وبناء مؤسسات الدولة من خلال إيفاد فريق من الخبراء الجزائريين إلى ليبيا للإطلاع عن كثب على متطلبات المرحلة وتقييم الاحتياجات وتأهيل المؤسسات التدريبية.