توقعت مصادر برلمانية أن يطرح رئيس الجمهورية مشروع التعديل الدستوري على البرلمان بغرفتيه خلال الدورة الخريفية المقبلة، واستندت في ذلك على التزام صريح كان القاضي الأوّل في البلاد قد قطعه خلال خطابه الشهير يوم 15 أفريل من العام الماضي، ولذلك لم تستبعد مصادرنا أن تكون الدورة الخريفية المقبلة حافلة بالنشاط البرلماني، خاصة وأن الأمر يتعلق بنصّ تشريعي من حجم الدستور. تنتهي اليوم أول دورة ربيعية للمجلس الشعبي الوطني للعهدة التشريعية التي أعقبت انتخابات 10 ماي الماضي، ولا يزال معها الجدل محتدما بين مختلف الكتل البرلمانية للتشكيلات المحسوبة عن المعارضة وتلك التي تدافع عن شرعية ما حصلت عليه من مقاعد في التشريعات الأخيرة، وخاصة منها جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، لكن البارز في كل هذا أن الاقتراع الماضي تصدّر واجهة الأحداث، بكل المقاييس، بالنظر إلى قدوم وجوه جديدة إلى مبنى «زيغوت يوسف». وتنفرد هذه الدورة بكونها محطة فاصلة بين عهدتين تشريعيتين لأن نواب العهدة السابقة لم يغادروا مناصبهم إلا بعد أن صادقوا على عدد من المشاريع، على قلّتها، بعكس دورة الخريف الماضي التي شهدت «إنزالا تشريعيا» بعد أن تمت المصادقة على كل مشاريع قوانين الإصلاحات التي أقرّها رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» في خطابه يوم 15 أفريل 2011. وعموما فإن الدورة الربيعية التي تختتم أشغالها اليوم عرفت مصادقة النواب على عدد من مشاريع القوانين مثلما هو الشأن بالنسبة إلى القانون رقم 12-11 المؤرخ في 26 مارس 2012 الذي يتضمن الموافقة على الأمر رقم 12-03 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2012، وكذا القانون رقم قانون رقم 12-09 المتضمن الموافقة على الأمر رقم 12-01 الذي يحدّد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخاب البرلمان. وزيادة على المصادقة على بعض الأوامر الرئاسية فإن نواب المجلس الشعبي الوطني للعهدة السابقة وكذا أعضاء مجلس الأمة زكوا بالأغلبية القانون رقم 12-10 المتضمن الموافقة على الأمر رقم 12-02 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، وكان هذا النصّ الأخير في العهدة التشريعية المنقضية لتزامنه مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية للعاشر من شهر ماي الماضي. ومن المنتظر أن يعود نواب المجلس الشعبي الوطني الخريف المقبل وهم على أهبة الاستعداد لمناقشة أهم تعديل يطرح على طاولة البرلمان منذ سنوات، ويتعلق الأمر بمشروع تعديل الدستور الذي تكون لجنة من القانونيين التي كلّفها الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» بهذه المهمة قد أنهت عملها بناء على توجيهاته وكذا بموجب ما تلقته لجنة المشاروات التي ترأسها «عبد القادر بن صالح» في الفترة بين ماي وجوان 2011 من اقتراحات من مختلف الفعاليات السياسية والشخصيات الوطنية وكذا ممثلي المجتمع المدني. وذكر مصدر مسؤول في المجلس الشعبي الوطني أن كل المؤشرات تؤكد بأن مشروع التعديل الدستوري بات جاهزا وسيُطرح على البرلمان أواخر هذه السنة بناء على الالتزام الذي قطعه رئيس الدولة في وقت سابق. وفي انتظار ذلك فإن اللافت خلال هذه الدورة الربيعية هو عودة حركة مجتمع السلم إلى خندق المعارضة وكذا قرار جبهة القوى الاشتراكية المشاركة في الهيئة التشريعية بعد 15 عاما من المقاطعة، لكن التشكيلتين قررتا رفقة حزب العمال عدم المشاركة في مناصب المسؤولية لهياكل الغرفة السفلى للبرلمان بحجة أن الأخيرة «فاقدة للشرعية». وبعيدا عن هذا الجدل فإن هذه الدورة شهدت انتخاب الدكتور «محمد العربي ولد خليفة» رئيسا للمجلس الشعبي الوطني بعد أن كان الحديث في بداية الأمر يدور حول شخص «رشيد حراوبية» لخلافة «عبد العزيز زياري». وقد واجه الرئيس الجديد الكثير من التحدّيات كان في مقدّمتها البحث عن إيجاد توافق بين مختلف التشكيلات السياسية التي حاول بعضها التأثير على عمله. وأمام تصاعد بعض الأصوات التي تطالب بتعديل النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، ولذلك فإن مصدرا مسؤولا في المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني أفاد أكد بأن الأخيرة لا تعارض من حيث المبدأ تحيين النظام الداخلي لكنه مع ذلك شدّد على أن هذا الأمر لا يمكن أن يتمّ إلا بعد تعديل الدستور. زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print