يدخل نوّاب الغرفتين البرلمانيتين، مجلس الأمّة والمجلس الشعبي الوطني بداية من مساء اليوم الخميس في عطلة مدفوعة الأجر طبعا لمدّة شهر واحد تستمرّ إلى غاية الثاني مارس المقبل، حيث تُختتم الدورة الخريفية اليوم، على أن تُفتتح الدورة الربيعية انطلاقا من بداية الشهر القادم الذي سيكون الشهر ما قبل الأخير في العهدة التشريعية السادسة، حيث سيكون الجزائريون على موعد مع برلمان جديد بداية من شهر ماي بمناسبة إجراء الانتخابات التشريعية· وكانت دورة البرلمان (بغرفتيه) الخريفية ل 2011 - 2012 التي تختتم اليوم الخميس ثرية جدّا بالقوانين التي تمّت المصادقة عليها، وكانت ستعتبر دورة ناجحة ولو نظريا فقط لولا أن مئات النوّاب أفسدوها بلا مبالاتهم وبكثرة غياباتهم التي أفقدت البرلمان وقاره وهيبته وجعلته أشبه في بعض الأحيان بقاعات المحاضرات في بعض معاهدنا وكلّياتنا، حين تقترب عطلة الصيف فلا يحضر الدروس إلاّ الأستاذ وبضعة طلبة· *** قوانين الإصلاحات بين أيدي النوّاب تميّزت الدورة المنقضية بالمصادقة على وجه الخصوص على مجموعة من القوانين يندرج أهمّها في إطار الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة· ويتعلّق الأمر بخمسة قوانين عضوية تتعلّق ب (نظام الانتخابات) و(حالات التنافي مع العهدة البرلمانية) و(توسيع فرص تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة) و(الإعلام) و(الأحزاب السياسية)، إلى جانب القانونين المتعلّقين ب (الجمعيات) و(الولاية)· وقد تمّت المصادقة على كافّة هذه القوانين من قبل غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمّة) بعد نقاشات واسعة سمحت بإثراء نصوص القوانين وتعديل بعض الأحكام الواردة فيها· وتندرج هذه القوانين في إطار الإصلاحات السياسية التي كان قد أعلن عنها رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة في خطابه الموجّه للأمّة يوم 15 أفريل 2011· ويعدّ القانون العضوي المتعلّق بنظام الإنتخابات - الذي يتضمّن 283 مادة - أوّل قانون تمّت المصادقة عليه· ويرمي هذا القانون إلى (تعميق) الممارسة الديمقراطية من خلال (تكريس الشفافية والقواعد الضامنة لاختيار شعبي نزيه وحرّ، إلى جانب تعزيز الضمانات قصد توطيد علاقات الثقة بين المواطنين والمنتخبين والمؤسسات)· كما تتضمّن أحكام القانون الجديد (مراقبة العملية الإنتخابية) من قِبل قضاة واستعمال صناديق إقتراع شفّافة وتسليم محاضر فرز أوراق الإنتخاب لممثّلي المترشّحين المنتمين إلى الأحزاب أو الأحرار· من جهته، نصّ القانون العضوي المحدّد لكيفيات توسيع تمثيل المرأة على مستوى المجالس المنتخبة على وضع مسار تدريجي في نسب الترشّح النّسوي على مستوى المجالس المنتخبة تتراوح بين 20 و50 بالمائة· أمّا القانون العضوي المتعلّق بالأحزاب السياسية المتضمّن ل 87 مادة فقد تضمّن أحكاما (أعادت تنظيم العلاقة بين الإدارة والأحزاب) في إطار (متوازن وشفّاف ومتناغم) يقوم على مبدأ احترام الطرفين للقانون خلال ممارسة مهامهما· وفي هذا الإطار يشدّد هذا القانون بشكل خاص على (احترام النّظام الدستوري وعدم المساس بالطابع الجمهوري للدولة وقيم السيادة والاستقلال الوطني والحفاظ على وحدة وسلامة التراب الوطني والدفاع عن الوطن)· وينصّ القانون العضوي المتعلّق بالأحزاب السياسية كذلك على (الاِلتزام بعدم تأسيس أيّ حزب سياسي أو ممارسة أيّ نشاطات مخالفة لقيم ثورة أوّل نوفمبر 1954 والإسلام والهوية الوطنية أو على أسس دينية أو لغوية أو عرقية أو ممارسة طائفية أو تمييزية)· و في سياق المصادقة على هذه القوانين جاء القانون العضوي المتعلّق بالإعلام -الذي يتضمّن 132 مادة - ب (حماية أفضل) للصحفي على الصعيدين الاجتماعي والمهني، كما نصّ على (إلغاء أحكام السجن المتعلّقة بجنح الصحافة)· وينصّ القانون على (إنشاء هيئتين للضبط) تخصّ الأولى الصحافة المكتوبة (حلّت محلّ المجلس الأعلى للإعلام الذي أقرّه قانون 90-07)، أمّا الثانية فتتعلّق بضبط الحقل الإعلامي السمعي البصري وهو القطاع المدعو إلى الاِنفتاح· ويشير ذات القانون إلى أن منح الاعتمادات للصحافة المكتوبة أصبح من اختصاص هيئة ضبط الصحافة· أمّا القانون المتعلّق بالجمعيات فإنه يرمي إلى (بعث وتفعيل العمل الجمعوي من خلال إبراز القدرات والكفاءات التي تزخر بها، سيّما في مجالات المعرفة والتكنولوجيات المتطوّرة والتضامن الوطني وذلك من أجل تمكين الجمعيات من لعب دور الشريك الفعّال في تحقيق أهداف التنمية الشاملة). وعلاوة على القوانين المندرجة في إطار الإصلاحات السياسية صادق نوّاب غرفتي البرلمان على القانون المتعلّق بالولاية· ويرمي مشروع القانون -الذي ورد في 183 مادة- إلى جعل الولاية (فضاء مكمّلا) للبلدية في مجال تقديم الخدمة العمومية الجوارية ومكانا لممارسة (الديمقراطية المحلية ومشاركة المواطن)· كما يهدف المشروع إلى تمكين الولاية من أداء دورها في (ممارسة السيادة الوطنية في إطار وحدة الدولة) وجعلها مكانا (لتنسيق النشاط القطاعي المشترك والموحد للمبادرة المحلّية). وبعد المصادقة على هذا العدد من القوانين فإن العهدة التشريعية البرلمانية الممتدّة لخمس سنوات (2007 - 2012) ستمتدّ إلى غاية الدورة الربيعية التي من المقرّر أن تختتم في شهر مارس المقبل· *** المصادقة على 73 مشروع قانون والردّ على 471 سؤال سجّلت الفترة التشريعية السادسة 2007 - 2012 للبرلمان المصادقة على مجموع 73 مشروع قانون، منها 10 مشاريع قوانين عضوية و18 أوامر، وكذا الردّ على 471 سؤال شفوي· وسجّلت الفترة التشريعية للبرلمان الحالي التي ستنتهي باختتام الدورة الربيعية المقبلة 2154 تعديل على مجموع المشاريع التي طرحت أمامه· وقد تدخّل لمناقشة هذه المشاريع 3085 نائب خلال 180 جلسة خصّصت لذلك حسب حصيلة للمجلس الشعبي الوطني· للإشارة، فإن القانون يخوّل للمجلس الشعبي الوطني وحده اقتراح وإدراج تعديلات على نصوص مشاريع القوانين، في حين تقوم الغرفة العليا المتمثّلة في مجلس الأمّة بمناقشة المشاريع والتصويت عليها بالشكل والمضمون الذي تحدّده الغرفة السفلى ولا يحقّ لها إدراج أيّ تعديل· وقد بلغ مجموع جلسات البرلمان في دوراته التسع 303 جلسة، إضافة إلى جلسة ضمّت غرفتيه مجتمعتين يوم 12 نوفمبر 2008 خصّصت للمصادقة على التعديل الجزئي للدستور الذي اقترحه رئيس الجمهورية طبقا للمادة 176 من الدستور· وسجّلت الفترة التشريعية الحالية التي ستختتم دورتها الخريفية يوم غد الخميس إيداع 24 اقتراح قانون لمختلف التشكيلات السياسية، منها حزب العمّال الذي اقترح مشروعا يعدّل القانون المتعلّق بعلاقات العمل ومشروعا يعدّل القانون العضوي المتعلّق بنظام الانتخابات، وكذا حركة مجتمع السلم التي اقترحت مشروعا يخصّ تعديل قانون العقوبات· كما سجّلت نفس الفترة التشريعية إيداع 15 لائحة منها تلك التي تتعلّق بتشكيل لجنة تحقيق حول ندرة وارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، والتي تتعلّق بتعديل النّظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني واللاّئحة المتعلّقة بالتحقيق حول وضع ممارسة الحقوق المدنية والسياسية والحرّيات العمومية· وقد صادق البرلمان على اقتراح النّشر الكلّي لتقرير اللّجنة التي حقّقت حول ندرة وارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية ذات الاسهلاك الواسع في السوق الوطنية· أمّا عن الأسئلة الشفوية فقد سجّلت الفترة إيداع 708 سؤال تمّ الردّ على 471 منها، وقد خصّصت 52 جلسة علنية لذلك· ومن جهة أخرى، عرفت الفترة التشريعية للبرلمان الحالي تقديم ثلاثة برامج عمل للحكومة، إذ قدّم مخطّط الحكومة الأوّل في 23 جوان 2007 والثاني في 14 ديسمبر 2008 والثالث قدّمه الوزير الأوّل الحالي يوم 19 ماي الماضي· وقد خصّص البرلمان الحالي 31 جلسة لمناقشة برامج الحكومة والردّ عليها، علما أن 571 نائب تدخّلوا خلال ذلك· وتمّ تقديم بيان السياسة العامّة للحكومة مرّة واحدة بتاريخ 10 أكتوبر 2010 خصّصت له 9 جلسات للمناقشة والردّ على انشغالات البرلمانيين الذين بلغ عددهم 112 متدخّل· وخصّص البرلمان أيضا 13 جلسة لتقديم ومناقشة بيان بنك الجزائر لخمس مرّات خلال نفس الفترة، وقد بلغ عدد المتدخّلين في المناقشة 112 نائب من المجلس الشعبي الوطني· كما تمّت خلال الفترة التشريعية المذكورة أيضا الموافقة على بيان حول قطاع غزّة إثر الاعتداء الاسرائيلي عليه· عدد نوّاب المجلس الشعبي الوطني 389 وعدد أعضاء مجلس الأمّة يبلغ 144 منهم 48 معيّنون من طرف رئيس الجمهورية· ومن المتوقّع أن يرتفع عدد البرلمانيين الممثّلين للشعب بالنّظر إلى الزيادة في عدد السكان مثلما صرّح بذلك في إحدى جلسات البرلمان وزير الداخلية والجماعات المحلّية السيّد دحّو ولد قابلية، والذي أوضح يوم الاثنين أن الحكومة ستفصل في مسألة رفع عدد المقاعد بالمجلس الشعبي الوطني قبل استدعاء الهيئة الانتخابية تحسّبا للتشريعيات القادمة· *** خوذري: "الدورة الخريفية أثرى دورات الفترة التشريعية السادسة" يرى الوزير المكلّف بالعلاقات مع البرلمان السيّد محمود خوذري أن الدورة البرلمانية الخريفية التي ستختتم أشغالها اليوم الخميس تعدّ (أغنى وأثرى دورات الفترة التشريعية السادسة بالنّظر إلى حجم وحساسية وأهمّية القوانين المصادق عليها)· وذكر السيّد خوذري لدى نزوله ضيفا على القناة الأولى للإذاعة الوطنية أن الدورة الخريفية للبرلمان بغرفتيه عرفت (مرور حزمة من قوانين الإصلاحات ومشاريع القوانين التي ستؤطّر النّشاط السياسي في البلاد مستقبلا تطبيقا لما ورد في خطاب رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة الموجّه للأمّة يوم 15 أفريل المنصرم)· ولدى عرضه لحصيلة عمل البرلمان خلال الدورة الخريفية كشف الوزير عن دراسة البرلمان بغرفتيه ل 09 قوانين عضوية و62 قانونا 17 منها صادق عليها البرلمان· وفي ردّه على سؤال حول عدم اقتراح نوّاب المجلس الشعبي الوطني لأيّ مشروع قانون أوضح السيّد خوذري أن (نوّاب البرلمان لا يملكون من الإمكانيات ما يؤهّلهم لاقتراح مشاريع قوانين عكس بعض الدول التي يكون فيها البرلماني مدعّما بعدد من المساعدين الذين يساهمون في تحضير مشروع القانون)، إلاّ أنه لم يخف (تقديم بعض النوّاب لاقتراحات بخصوص مشاريع القوانين التي لم تعرض على المجلس لدراستها لأن المكتب قدّر أن تلك المبادرات قدّمتها الحكومة)· وعلى ذات الصعيد، أكّد السيّد خوذري أن مهام السلطة التشريعية تتمثّل في (التشريع والرقابة)، مشيرا إلى أن (تشريع القوانين يكون عند الضرورة وليس واجبا يجب القيام به عند كلّ دورة)· وفي ذات السياق، أكّد وزير العلاقات مع البرلمان أن (المجلس الشعبي الوطني الحالي سيواصل مهامه خلال الدورة الربيعية المقبلة التي ستفتتح أشغالها يوم 02 مارس المقبل إلى غاية انتخاب مجلس شعبي وطني جديد)· *** غزو نسوي منتظر للبرلمان توقّع وزير العلاقات مع البرلمان أن يشهد المجلس الشعبي الوطني الذي سيتمّ تنصيبه بعد التشريعات المقبلة تمثيلا قويا للعنصر النّسوي· وأوضح السيّد خوذري (أن تواجد المرأة سيتعزّز بشكل ملفت) في المجلس الشعبي الوطني بعد الانتخابات المقبلة بفضل القانون العضوي المتعلّق بتوسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة، حيث سيضمن لها نسبة معتبرة في قوائم الأحزاب السياسية· ومن جهة أخرى، أبدى وزير العلاقات مع البرلمان أمله في (تسجيل مشاركة قوية للشعب خلال الاستحقاقات المقبلة في ظلّ أجواء هادئة)، وأشار في هذا السياق إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات من شأنها (منح الشرعية المقبولة للبرلمان)، مؤكّدا في نفس الوقت أن (الشعب هو وحده القادر على منح الشرعية الكافية للبرلمان)· كما أبدى السيّد خوذري ترحيبه بالأحزاب السياسية الجديدة التي سيتمّ اعتمادها مستقبلا· وحول إبداء بعض الأحزاب مخاوفها من (استغلال بعض الوزراء المرشّحين للتشريعيات المقبلة لأموال الدولة في حملاتهم الانتخابية)، أكّد ذات المتحدّث أن مثل هذا التصرّف (ممنوع ويعتبر جرما يعاقب عليه القانون)، وقال في هذا الصدد إن (الدولة واعية بهذا الأمر وتعمل على وضع حدّ لمثل هذه التجاوزات من خلال أجهزة الرقابة)·