“ككل جزائري أفتخر باحتفالنا بمناسبة الخمسينية، فهي مناسبة ليست بالوقتية و لا الفرضية بل هي رمز للسيادة الوطنية و نتاج تاريخ عريق نفتخر به، فالاستقلال ليس ماديات وأرقام فقط بل هو صرح فكري و إجتماعي و فلسفي يعبّر عن حرية بلدنا، لنا أن نفتخر بوطنيتنا لأنّنا ننتمي لحضارة عريقة ومجيدة، و أغتنم هذه المناسبة لأقول لشباب اليوم أن يجعلوا من الذين ضحوا بالأمس بحياتهم من أجل تحرير الأرض واسترجاع السيادة الوطنية قدوتهم، و أن يسيروا على نهجهم مقتفين أثرهم بتكريس مبادئهم و قناعاتهم في الحفاظ على مكتسبات الثورة الفكرية و الإيديولوجية، إذن المناسبة هي عرس و فرحة كبيرة. و في المجال الفني فقد قدمت فرقة جبهة التحرير الكثير للثورة و كانت فاعلة في المجال الدبلوماسي و الثقافي و كان على رأس هذه الفرقة كاتب ياسين، كما كان برفقته العديد من الرجال المخلصين و المثقفين الغيورين على هذا الوطن الذي حرروه بالكلمة الهادفة التي كان مفعولها أقوى من صوت البندقية، و الذين جاؤوا بعدهم حملوا المشعل بإخلاص و عملوا بحب و صدق على إكمال المسيرة سواء كتابا أو مخرجين أو ممثلين، و خمسين سنة هي مسيرة كبيرة قطعنا من خلالها أشواطا عملاقة في كافة المجالات و هذه المسيرة تستحق أن نقف وقفة عرفان بتضحيات كاتب ياسين، رويشد، كلثوم، باشطارزي، كاكي، محمد بن قطاف و غيرهم ممن صنعوا الفرجة و نثروا في دربنا الأحلام الوردية و خلقوا لنا فضاءات تعلمنا منها الوطنية و التاريخ و التساؤلات الجيوستراتيجية و الفكرية، هي مسيرة كبيرة من إبداعات و إنجازات لمسرحيات بقت خالدة عبر الزمن سواء ما اقتبس منها عن كبار المسرحيين العالميين كشيكسبير، و منها ما هو من إبداعات الكتاب الجزائريين ككاكي و علولة و بن قطاف و غيرهم ممن تعلمنا منهم أبجديات المسرح، لكن هذا لا يجعلنا ننكر أنّ لكلّ مسيرة هفواتها و نقائصها، و في ذات الوقت 50 سنة هي فترة وجيزة جدا، حيث في تاريخ الشعوب و الأمم لا نتكلم بالسنوات بل بالقرون و الألفيات، و الجزائر كبلد مستقل حديثا لم يبلغ أقل شيء المئة سنة على الإستقلال. أعتقد أنّ جيل اليوم له الحق في الاحتفال بخمسين سنة على الإستقلال، لأنّ الجزائر هي بلده التي حررها أجداده له أن يفتخر بأمجاده، الشعب له أن يحتفل و يعيش فرحة الإستقلال بعد 50 عام، كما له الحق أن ينتقد و يعبّر عن مواقفه و طموحاته، علينا أن نتعلم من تاريخنا و أن نقرأ ثورتنا و نبحث فيها و نتمعن و نتعمق فيها و نستخلص العبر و الدروس، لأنّ الثورة الجزائرية مكسب عالمي لكلّ الإنسانية، لهذا لنا الحق كجيل إستقلال أن نحتفل و ننصب أنفسنا خليفة لثوارنا لأنّنا شعب مجيد حارب المستعمر بكل الوسائل و حرر الوطن و ساهم في تنوير العقول بالإشعاع الثقافي و الفكري. و للإحتفال بالخمسينية هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا حضرنا برنامجا ثريا و طموحا، لأنّ الشباب يريد أن يحتفل ب50 سنة من الإنتاج الجمالي و الإبداعي في كافة المجالات، و لذا حضرنا خمسين عملا جديدا يضمّ 16 مسرحية و 18 عمل في فنون الكلمة و 25 تركيبا شعريا، و قائمة المسرحيات تضم العناوين التالية “جزائرنا”، “شيخ الحداد”، زبانة”، عذراء الشرق”، “نجمة”، موعد مع النضال”، شوارع الأبطال”، “معقل الحرية”، “شهادات مع زنزانات الموت”، “الأجداد يزدادون ضراوة”، “عنوان الحرية”، “الإنفجار”، “نداء الأحرار”، “الحب في زمان الحرب”، “دائرة الإنتصار”، “شعلة الوفاء”، أما برنامج فنون الكلام “قصص قصيرة إليك”، “أسفار نوفمبرية”، إلياذة المقاومة”، “ترحال على ضفاف نهر الفداء”، و فيما يخص التركيبات الشعرية “جمر الكتابة”، “أوراق الشهادة”، “شعراء المقاومة”، “أكاليل النصر”، “صفصاف الحرية”. و بالنسبة للمهرجانات الخاصة بالمسرح فستنظم على هامشها معارض و محاضرات حول مسرح الثورة التحريرية كمهرجان مسرح الهواة لمستغانم، و سينظم المسرح الوطني الجزائري معرض و محاضرات حول كاتب ياسين و تكون المناسبة فرصة لتكريمه و تكريم فرقة جبهة التحرير، كما سينظم معرض متنقل للفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني إنطلاقا من المسرح الجهوي لولاية بجاية لتجوب فيما بعد أغلب ولايات الوطن، و كذا مهرجان الفكاهة بالمدية سيتناول دور الفكاهة في الثورة و كيف وظفت في هذا المجال، إذن الإحتفال سيكون على مدار سنة كاملة و عبر 48 ولاية و هذا لترسيخ الذاكرة و لتتاح الفرصة للجميع لمشاهدة العروض المنجزة التي تعرّف بأمجاد المقاومة و إنجازاتهم و أهم المحطات الحافلة التي عرفها تاريخنا و كانت منعرجا حاسما كالفاتح من نوفمبر و 17 أكتوبر و 11 ديسمبر، و التركيز على مدى مساهمة كلّ أطياف المجتمع في الثورة من الطالب والمرأة والجندي والمثقف فالاحتفالية أردناها أن تكون تعليمية وعلى أسس ومناهج علمية من خلال تنظيم أيام دراسية وملتقيات ومحاضرات”. * شارك: * Email * Print