يعتقد الناقد المسرحي إبراهيم نوال أن المسرح الجزائري بعد مرور خمسين سنة على استرجاع الاستقلال، مسرح حر مؤسس على بنية تحتية سليمة في ظل بلد ينعم بحرية من صنع مليون ونصف المليون من الشهداء، وذلك ليس بالمفهوم التاريخي الثوري البحت، وإنما بناء على واقع ملموس. واستعان نوال في حديث ل”البلاد” بمقولة الكاتب والفنان المسرحي الراحل مصطفى كاتب عندما رأى أن “المسرح الجزائري مهما أخطأ فهو حر لأنه ولد في ظروف نضالية تحررية”، مضيفا أن الحديث عن المسرح الثوري هو حديث عن فرقة جبهة التحرير الوطني للمسرح بعيدا عن المرجعية السياسية للحزب بالنظر إلى المرجعية الثورية للفرقة”. وقال محدثنا “بعد خمسين سنة أستطيع القول إننا رفعنا التحدي بالنسبة لآباء المسرح الذين حرروا البلاد في المسرح والشعر وباقي الفنون”. ويرى محافظ المهرجان الدولي للمسرح المحترف أنه على المسرحيين الجزائريين اليوم الافتخار بحريتهم أولا وحرية المسرح؛ مع منح مجال أكبر لتكوين نقاد ومسرحيين شباب وإطارات في مجال التسويق المسرحي، والافتخار بوجود مسارح جهوية تفتح ولا تغلق على غرار المسرح الجهوي لمعسكر وسعيدة وسكيكدة وڤالمة، مما يبرهن، حسبه، على وجود حركية حقيقية تمتد من تاريخ استقلال الجزائر. وتحدث نوال بلهجة المتفائل جدا، عن المشاريع التي تنجز في مجال “أبي الفنون” كمشروع إنجاز مسرح بمدينة مستغانم وآخر في ولايتي الجلفة والأغواط ومسرح بالجنوب الجزائري الذي لم يكن من المتوقع إنجازه، مع إعطاء المجال للمواهب المسرحية هناك. في السياق ذاته، يقول إبراهيم نوال إنه بناء على دراساته وأبحاثه وخبرته في المجال، يرى أن المسرح الجزائري اليوم يتمتع بمجال أكبر من نظيره العربي الذي يبدو ظاهريا أنه في الصدارة، ولكن ما ينقصنا، حسبه، هو ضرورة استغلال المواهب واستثمارها في جميع مجالات الفنون من شعر وقصة، متسائلا “لماذا لا نستثمر روايات واسيني الأعرج ورشيد بوجدرة في مسرحنا مثلا”. وعن كم المهرجانات الخاصة بالمسرح والبالغ عددها 11 مهرجانا دوليا ومحليا، يرى محدثنا أنها محطات مهمة تسمح بالتقاء الباحثين والشباب المتكونين بعيدا عن العرض المسرحي كهدف من إقامة المهرجان والمنافسة، مع منح جوائز للفائزين. ويعتقد أنه من الضروري الاحتفاظ بها والثورة عندما يغلق أي فضاء منها، موضحا أن هذا العدد لا يزال قليلا.
من ناحية أخرى، يؤكد نوال أن المسرح الجزائري وصل إلى مرحلة الاحتراف، وإن كان ذلك نسبيا، ولكن الاحتراف لا يرتبط فقط بالمسرحيين في حد ذاتهم، وإنما بالتقنيين والمسيرين خاصة. وقال الناقد إن الوضع اليوم أصبح يفرض المزيد من الاجتهاد والتواصل مع المسارح داخل البلاد وخارجها، مع إيجاد حوار مع هؤلاء الذين يعملون بعيدا عن العاصمة، مضيفا أن “اللامركزية لابد أن تكون أكثر.. فهناك حركية اليوم ستتدعم بمفاهيم شبانية جديدة”، على حد تعبيره.