أعلن وزير الطاقة والمناجم، يوسف يوسفي، أن قطاعه اتخذ قرارا يقضي بوقف التعامل نهائيا مع كل الشركات الأجنبية التي ثبت تورطها في قضايا فساد، وذهب إلى حدّ التأكيد بأن الجزائر "مصمّمة على الدفاع عن مصالحها" من أجل المطالبة ب "التعويض"، وأشار يوسفي إلى أن محاربة الفساد "لا ينبغي أن تكون مصدرا لزعزعة وتحطيم مؤسسات القطاع". تصريحات وزير الطاقة والمناجم جاءت خلال ردّه أمس الأوّل على سؤال شفوي بالمجلس الشعبي الوطني للنائب لخضر بن خلاف عن جبهة العدالة والتنمية، وقال يوسف يوسفي بشأن انتشار قضايا فساد في القطاع إن "شركات الطاقة والمناجم اتخذت قرارا بعدم التعامل مع الشركات المتورطة في قضايا الفساد"، مشدّدا في ذات الوقت على أن "الشراكة الأجنبية يجب أن تتم وفقا للقوانين مع اليقظة في الشروط التي يجب توفيرها لجلب المستثمرين المحتملين". وتزامنا مع هذا التصريح كانت الشركة الوطنية لتوزيع الكهرباء والغاز "سونلغاز" أعلنت الأسبوع الماضي، على لسان مديرها العام نور الدين بوطرفة، عن وضع الشركة الكندية "أس أن سي لافالان" التي حصلت في أقل من عشر سنوات على صفقات بقيمة 6 مليار دولار، على القائمة السوداء لاتهامها بتقديم رشاوى مقابل الحصول على صفقات بالجزائر. وبالعودة إلى تصريحات يوسفي في الغرفة السفلى للبرلمان ورد فيها تأكيده أن "مؤسسات القطاع مصممة على الدفاع عن مصالحها والمطالبة بأي تعويض إذا ثبت أن هذه الشركات مدانة في القضايا المتعلقة بالفساد وكذلك متابعة كل شخص ثبتت أدانته". وبعدها أكد تصميم مصالحه على محاربة ظاهرة الفساد "دون هوادة" سواء في إطار القرارات المتخذة من قبل الحكومة أو في إطار الإجراءات الاحترازية التي اتخذها. ولفت ممثل الحكومة إلى أن قطاعه اتخذ إجراءات احترازية لتدعيم المراقبة الداخلية في المؤسسات خاصة في مجال الصفقات أي كان نوعها، مثلما تحدّث عن "تطوير سياسة الحكامة الهادفة للمحافظة على المصالح الحيوية للبلاد". وقد أثار النائب بن خلاف في سؤاله قضايا الفساد في "سوناطراك" وطالب الوزير الحالي بتوضيحات حول مسار متابعة سلفه على رأس القطاع شكيب خليل، وهنا كان ردّ يوسفي حذار بقوله: "بالنسبة للقضايا العالقة علينا أن نترك العدالة تقوم بتحرياتها وعملها فهي الوحيدة التي من صلاحياتها معالجة هذه القضايا بالهدوء المطلوب وبالوتيرة التي تقررها والتي تراها مناسبة"، ثم واصل إجابته: "على وزارة الطاقة والمناجم أن تنتظر نتائج التحقيقات وقرارات العدالة وستتخذ بكل مسؤولية القرارات اللازمة". وبالقدر الذي بدا فيه الوزير متفائلا باستئصال الفساد من قطاعه فإنه حرص على التوضيح بان محاربة هذه الظاهرة "لا ينبغي أن تكون على حساب استقرار مؤسسات القطاع وسمعة البلاد، ولا على حساب الإطارات المسيرة لهذا القطاع الحيوي"، وذكر في السياق أنه "ليس من مصلحة الوطن أن نسعى لتحطيم مؤسسات القطاع التي تعتبر ركيزة الاقتصاد الوطني"، وجاء على لسانه كذلك أن موضوع الفساد يهم كل القطاعات وأن هناك إطارا قانونيا يهدف بالأساس للوقاية من هذه الظاهرة ومحاربتها "ووزارة الطاقة تسعى جاهدة لتطبيقه على أرض الواقع وبالصرامة المطلوبة". وعرفت قاعة جلسات المجلس الشعبي الوطني نقاشا حادا وملانسات بين نواب جبهة العدالة والتنمية وعدد من نواب جبهة التحرير الوطني الذين حاولوا الدفاع عن الوزير يوسف يوسفي وانتهى بهم الأمر إلى الانسحاب، وتطلب الأمر تدخل رئيس الغرفة السفلى للبرلمان محمد العربي ولد خليفة لإعادة الهدوء غير أن النائب لخضر بن خلاف لم يقتنع بإجابة وزير الطاقة لتوجبه إلى ولد خليفة مطالبا إياه بفتح نقاش عام حول ظاهرة الفساد. وكان يوسفي كان قد أكد بحر هذا الأسبوع وضع المدير التنفيذي لشركة "سونلغاز" وعدد من المسؤولين في قطاع الطاقة تحت الرقابة القضائية في إطار التحقيق في صفقة إنجاز محطتين لتوليد الكهرباء من طرف المجموعتين الفرنسية "ألستوم" والأمريكية "جنرال إلكتريك". ويحقق القضاء الجزائري والإيطالي في قضيتي فساد في شركة "سوناطراك" مع شركة "سايبام" ممثل المجموعة النفطية الإيطالية "إيني"، ويشتبه أن الأخيرة حصلت على صفقة بقيمة 11 مليار دولار لفرع المجموعة في الجزائر "سايبم" مع سوناطراك مقابل عمولة سرية بقيمة 197 مليون يورو.